أفكار وآراء

اتفاق يمنح إيران مهلة وأمريكا نصرا

29 أغسطس 2018
29 أغسطس 2018

واي جيه فيشر - الفاينانشال تايمز – ترجمة قاسم مكي -

يتواصل احتدام التوترات بين إيران والولايات المتحدة . ففي الأسبوع الماضي حذَّر جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، من أن إدارة الرئيس دونالد ترامب خططت لفرض «أقصى قدرٍ من الضغط» على إيران. بل حتى الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي يعرف عنه بأنه يفضل الحوار مع الغرب أكد أن بلاده ستعزز من جاهزيتها العسكرية ، معلنا في الأثناء عن إنتاج ايران طائرة مقاتلة جديدة. من المفهوم أن تستشيط طهران غضبا من الرئيس الأمريكي لانسحابه من الاتفاق النووي الذي أبرم في عام 2015 على الرغم من عدم وجود أي دليل على خداع إيراني فيما يتصل بالوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاق . لقد قال المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله على خامنئي إنه يأسف للتفاوض مع الولايات المتحدة. لكن إطلاق التهديدات والتصعيد لن يخدما إيران على نحو جيد، (حسبما تقول الكاتبة ).

هنالك مقاربة أفضل بالنسبة لها ، تتمثل في النظر في عرض الرئيس ترامب الذي قدمه عبر رسالة تويتر باستعداده للقاء روحاني في أي وقت وبدون شروط . وعلى الإيرانيين التخلي عن ارتيابهم ، (حسبما تقول الكاتبة) . فهم ليس لديهم ما يخسرونه ومن الممكن أن يفيد الجانبين كليهما التوصلُ إلى اتفاقِ جديد ينطوي على «مهلة مقابل مهلة». السؤال : لماذا يعرض الرئيس ترامب احتمال إجراء محادثات مع إيران، دون أية شروط بعد أن رمى جانبا بالاتفاق النووي وأحاط نفسه بمتشددين من أمثال «بولتون « الذي دعا ذات مرة إلى تغيير النظام في إيران ثم عاد ونفي ان بلاده تنوي ذلك ؟ ربما أن الرئيس ترامب يريد التعويض عن افتقاره إلى انجاز في المفاوضات مع كوريا الشمالية التي تواصل تطوير برنامج أسلحة نووية على الرغم من دعاويه بإحراز نجاح دبلوماسي هناك. وربما أن ترامب ببساطة يريد أن يجعل من نفسه شخصا لا يمكن التنبؤ بما سيصدر عنه. أو ربما يعتقد أن في مقدوره التفاوض حول اتفاق مع إيران أفضل من اتفاق الرئيس السابق باراك أوباما معها. لكن هذا السيناريو أي (نجاحه في ذلك) بعيد الاحتمال . ومهما كانت أسباب ترامب إلا أن على إيران الموافقة على التفاوض ، (من وجهة نظر الكاتبة ). فاقتصادها في حالة يواجه فيها مشكلات عدة . وعملتها تدنَّت إلى مستوى قياسي وثمة احتجاجات جرت في بعض المدن الايرانية مع خروج عدد من الشركات الدولية العاملة فيها في أعقاب فرض العقوبات الأمريكية. ولاتزال إيران تتطلع إلى أوروبا لإنقاذ الاتفاق النووي وإنقاذ الاقتصاد معه. لكن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ الخطوات الضرورية، للإبقاء على الشركات الاوروبية في إيران. ربما لا تحب إيران ذلك، لكن تفاهما جديدا مع الولايات المتحدة من شأنه دعم الاقتصاد الايراني . ولا تكاد توجد فرصة تقريبا في أن يتراجع ترامب عن قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني أو أن يكون هنالك احتمال لعقد اتفاق جديد شامل . لكن من الممكن أن يكون هنالك ترتيب يجعل كلا الطرفين في وضع أفضل ويسمح لكل جانب بحفظ ماء الوجه. فترامب في مقدوره توجيه وزارة خزانته بإصدار تعليمات تشمل إعفاءات فردية لعدد من الشركات الدولية من العقوبات مما يمكِّنها من ممارسة نشاطها في إيران بدون دخولها في مشاكل مع القانون الأمريكي . لكن في مقابل ذلك سيلزم إيران تقديم شيء يتيح لترامب الزعم بأنه انتصارٌ له. لقد أوقفت طهران سلفا برنامجها النووي. لذلك لا يوجد الكثير الذي يمكن أن تقدمه في هذا المجال. كما ان إيران لم تطلق صاروخا باليستيا متوسط أو طويل المدى منذ أكثر من سنة. وهذا شيء مهم بالنظر إلى القيمة الكبيرة التي توليها لبرنامجها الصاروخي. فقد رفضت طهران مناقشة مسألة صواريخها الباليستية في المفاوضات مع إدارة أوباما. وبعد التوقيع على اتفاق عام 2015 أجرت على الأقل 23 اختبارا صاروخيا متنوعا ثم كَفَّت عن ذلك في هدوء. ربما أن إيران أوقفت الاختبارات للحيلولة دون تصاعد التوتر الدولي حينما كان مصير الاتفاق النووي غير معروف. وهي الآن تشرع في استئناف هذا البرنامج وقيل إنها تفعل ذلك بإجراء اختبار صاروخ قصير المدى هذا الشهر. ومن الممكن أن يكون وقف إطلاق صواريخها المتوسطة والطويلة المدى مقابلا طبيعيا لوقف تطبيق العقوبات الأمريكية. إن مثل هذا التفاهم من شأنه تمكين إيران والبلدان الأخرى من التمسك بالاتفاق النووي حتى بدون مشاركة الولايات المتحدة. كما سيسمح أيضا لترامب بإعلان تحقيقه انتصارا من خلال وضع حد لواحدة من المسائل المثيرة للضيق والأكثر استفزازا من جانب إيران من وجهة النظر الامريكية . وسيتيح مثل هذا الترتيب للقادة الإيرانيين فسحة من الوقت لالتقاط الأنفاس. ربما أنهم سيفضلون تجاهل عرض ترامب. لكن من مصلحتهم الذهاب إلى طاولة المفاوضات (حسبما تقول الكاتبة ) .

• الكاتبة دبلوماسية سابقة بوزارة الخارجية الأمريكية في الفترة من2012 - 2016 وشغلت في أثناء ذلك وظيفة مساعد منسق تطبيق الاتفاق النووي الإيراني.