حلقـة نقاشـية استعرضـت تجـارب «المتاحـف العمانـية الخـاصـة»

تأكيد على دورها في ترسيخ مفهوم الثقافة المستدامة -

كتبت: خلود الفزارية -

نظم النادي الثقافي صباح أمس حلقة نقاشية حملت عنوان «تجارب الثقافة العمانية المستدامة .. المتاحف العمانية الخاصة » في المتحف الوطني بمشاركة متحف بيت الزبير من محافظة مسقط و متحف أبناء مجان من محافظة شمال الباطنة و متحف بيت الغشام من محافظة جنوب الباطنة و متحف العفية التراثي من محافظة جنوب الشرقية، ومتحف غالية للفنون الحديثة من محافظة مسقط، وأدار الحلقة الباحث الإعلامي نصر البوسعيدي .

تهدف الحلقة إلى تسليط الضوء على المتاحف الخاصة ومالها من دور في حفظ المورث الثقافي والحضاري للسلطنة وإسهامها الفاعل في نشر المعرفة وتنشيط الحركة الثقافية والسياحية ، فضلا عن تعريف الجيل الحالي بتراث الآباء والأجداد .

بيت الزبير

قدم الورقة فهد الحسني مدير متحف بيت الزبير حيث سلط الضوء على تاريخ بيت الزبير الذي تم إنشاؤه في مسقط في عام 1914 كبيت للعائلة من قبل الشيخ الزبير بن علي، الذي عمل مع ثلاثة سلاطين كوزير ومستشار، وكان البيت ملتقى النخبة في المجتمع، حيث تم إعادة بنائه ليناسب مع دوره الجديد كمتحف، مشيرا إلى أن متحف بيت الزبير هو متحفً خاص ، وهو ممول بالكامل من قبل مؤسسيه «عائلة الزبير»، وفي عام 2005م أنشأت العائلة مؤسسة بيت الزبير لتكون الذراع الثقافي والاجتماعي للمؤسسة التجارية التي تملكها الأسرة، وتدير مؤسسة بيت الزبير متحف بيت الزبير ومشروعات أخرى متعلقة بالثقافة والفنون وخدمة المجتمع والتاريخ والنشر.

وأضاف الحسني: يعد المتحف أحد الرموز المعمارية حيث تشرف في عام 1999 بالحصول على جائزة السلطان قابوس المعمارية، وكانت تلك المرة الأولى التي تمنح فيها هذه الجائزة، وتناول في ورقته مرافق بيت الزبير، والمقتنيات، وزوار بيت الزبير، والمعارض الفنية، والمختبرات الثقافية، والفعاليات النوعية ، والمنتجات و الصناعات الحرفية ، والمناسبات الوطنية و الاجتماعية ، فضلا عن قنوات التواصل الاجتماعي، والإصدارات الثقافية .

وأشار: يضم مجمع المتحف أربعة مبان مستقلة، هي : بيت الباغ ، و بيت الدلاليل، و البيت العود ، و بيت النهضة ، إضافة الى جاليري سارة ضمن محيط مجمع بيت الزبير، كما يحتوي مجمع المتحف على حديقة تشتمل على بيت تقليدي من جريد النخيل ، و فلج «نظام تقليدي وقديم لتوزيع المياه» ، ونموذج لسوق عماني ، ونماذج لقوارب و بيوت حجرية، ويضم مجمع بيت الزبير محلا للهدايا و مقهى .

أبناء مجان

وقدم أحمد الفارسي من متحف أبناء مجان ورقته التي استعرض فيها تجربة المتحف، وأوضح أن متحف أبناء مجان في ولاية صحار تم إنشاؤه في منطقة الصويحرة في عام 2011م، بمساحة تقدر 334 مترا مربعا . ويتميز المتحف بسقفه وجدرانة المزخرفه بالزور والمبطن بحصران الرسل بطريقه فنية واحترافية تلفت انتباه الزائر، كما يتوسط المتحف نماذج أصلية وقديمة لقوارب الصيد (الهوري) بطول 10 أمتار وكذلك قوارب الشوش.

وبين الفارسي أن المتحف يضم: زاوية الاسلحة التقليدية التي تحتوي على 18 سلاحا قديما ونادرا و18 محزم رصاص معبأ بالذخيرة التقليدية، كما يضم المتحف السيوف التقليدية وكما كبيرا من الخناجر القديمة والسكاكين المستخدمة قديما، والزاوية البحرية التي تضم ادوات الصيد التقليدية كالشباك والجراجير وادوات جمع اللولو كما تضم ايضا عضاما لحيتان نفقت على شاطىء الولاية في الماضي وعظام حيوانات بحرية اخرى، والزاوية الزراعية التي تضم أدوات الزراعة والفلاحة قديما، وزاوية المشغولات النحاسية والحديدية والفضية وتضم الزاوية المشغولات النحاسية كالصياني والطاسات والقفول والسحاحير والمشغولات الاخرى بالاضافة الى المشغولات الفضية كالمرتعشه والشمبر والمشوك والنطل، وزاوية مكتبة المتحف والمخطوطات وتضم المكتبة اكثر من ألف كتاب قديم ومتنوع لمؤلفين عمانيين في الفقه والسنة والتاريخ العماني والادب والشعر والمخطوطات والصكوك الشرعية القديمة بالإضافة إلى زاوية النقود والعملات التي تضم الزاوية الاصدارات الورقية العمانية والنقدية القديمه وبعض الاصدارات الخليجية القديمة والدول العربية، وزاوية الصور وتضم صورا متنوعة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- من مرحلة الطفولة الى الوقت الحالي وتضم صورا متنوعة ومناظر قديمه لولاية صحار والولايات الاخرى، وزاوية المشغولات السعفية وتضم الزاوية المشغولات السعفية بشتى انواعها كالمخاريف والخصافة وسجادة الصلاة والمزماه والميازين وغيرها من الصناعات، وزاوية المطاحن القديمة والاحجار النادرة وتضم الزاوية الرحي بانواعها وادوات طحن القهوة والحبوب وتضم ايضا الزاوية الاحجار النادرة كاحجار النحاس والكوارتز ورمان الصحراء.

وتابع الفارسي أن المتحف يضم أيضا زاوية الكماليات القديمة وتحتوي على الكماليات المستخدمة قديما كعلب البودرة بانواعها وشفرات الحلاقة والكمه العمانية الحقائب المدرسية والمكاحل والمرايا والعطور والمراهم والادوية، وزاوية الفخاريات والمناديس القديمة التي تضم الخروس والجرار القديمة والحالول والمندوس المستخدم قديما، مبينا أن المتحف في توسع مستمر حيث تتم اضافة المقتنيات الجديدة بصفة دورية سواء كانت بالشراء او مساهمة من المجتمع.

بيت الغشام

من جانبه استعرض سعيد النعماني تجربة متحف بيت الغشام مشيرا إلى شخصية السيد محمد بن احمد بن ناصر البوسعيدي الملقب بالغشام ، باعتباره من الشخصيات السياسية المهمة التي عاشت في عصر السلطان تيمور بن فيصل والسلطان سعيد بن تيمور، والتعريف بشخصية السيد احمد بن هلال بن علي البوسعيدي ، العائلة الثانية التي سكنت في هذا البيت ، باعتباره صهرا للغشام وجدا لصاحب السمو السيد اسعد بن طارق ال سعيد واشقائه، منوها بالعمارة الطينية، وأثاث البيوت العمانية، وإمكانية إعادة ترميم البيوت الطينية وتحويلها الى أماكن سياحية ذات عائد اقتصادي.

وأوضح النعماني أن غرف المتحف تحكي سيرة الاسرتين بشكل متسلسل يبدأ من منطقة دخول المتحف ( الصباح ) ، وانتهاء بباب البيت المؤدي الى الركن التجاري، مشيرا إلى أنه تمت كتابة توصيف بمكونات المتحف وقطعه من حيث اسم القطع ومجالات الاستخدام، مع وجود مرشد عماني يرافق الزوار ويحكي لهم القصة المتحفية ويطرح عليهم الاسئلة المناسبة بقصد إثارة الحوار والمشاركة وسيكون ضمن تطبيق إلكتروني عما قريب.

ومن التسهيلات التي يوفرها المتحف أشار النعماني إلى إعطاء الفرصة للزوار للجلوس في مختلف الغرف والتصوير باستقبالهم في قاعة داخلية لمزيد من النقاش مع اتاحة هذه القاعة كاستراحة للزوار وتناول الغداء والمرطبات بتكلفة اضافية، وتوفير استديو تصوير حيث تتاح الفرصة للزوار وخاصة الأجانب من تجربة ارتداء الملابس العمانية التقليدية الرجالية والنسائية وطباعة صورهم على اكواب خزفية او قمصان او قطع السيراميك وغيرها من الادوات، كما يوفر المتحف مسرحا مفتوحا يتسع لأكثر من ألف مقعد تقام فيه الاحتفالات ، ويؤجر للمناسبات حيث يوفر المتحف كل المستلزمات مثل الصوتيات والاضاءة وكذلك المقاعد، وتم استحداث سكن تراثي قريب جدا من المتحف ، وهو عبارة عن مزرعة بها عرشان تراثية وكذلك بعض الحيوانات الاليفة والطيور واماكن للطبخ وغيرها من المرافق الضرورية ، ويمكن تأجيرها كعرشان منفردة او تؤجر كلها مرة واحدة ، وهي بمثابة رافد مالي للمتحف.

العفية التراثي

وقدم سالم المعمري تجربة متحف العفية التراثي واستهل ورقته بأهداف المتاحف بشكل عام ولخصها في حماية التراث والأعمال الفنية ذات القيمة التراثية، حيث تهتم المتاحف إلى إثراء هذا التراث والتعريف به في إطار ثقافي يتأقلم مع حاجات ومتطلبات المجتمع وإيصال المعلومة المتمثلة في الجانب التراثي الأصيل للجمهور.

ويشير إلى أن فكرة إنشاء متحف العفية التراثي الخاص بولاية صور بمنطقة السيح جاءت من أجل حفظ التراث وآثار المنطقة وليتعرف السكان والزائر على آثار الأجداد وحضارتهم، فالتراث هو ما يحدد هوية أي منطقة وجاء افتتاح المتحف قبل ثلاث سنوات ويتضمن شواهد تاريخية ومقتنيات وتراثيات يعود عمرها إلى عشرات القرون، مبينا أن تلك الآثار تتراوح ما بين الآثار الجبلية والبحرية والبرية والسهلية، وتتمثل في سيوف وبنادق مختلفة الأشكال ومسدسات ذات طراز قديم وفضيات وأبواب ونوافذ ذات طراز أثري يعود إلى مقبل الخمسينيات ويحتوي على سيارة طرازها يعود إلى ما قبل الستينيات، بالإضافة إلى مدفع قديم.

وأوضح المعمري أن المتحف يحتوي على قسم للأدوات التراثية في المنطقة مثل أدوات طحن الحبوب والأزياء التراثية وأدوات الصيد، كما أنه يستقبل الكثير من الزوار من مختلف الفئات العمرية تمثلت في كبار الشخصيات سواء على مستوى السلطنة أو العالم وذلك ليتعرفوا على تراث المنطقة العريق التي تغرس في نفوسهم تاريخ المنطقة وماضي الأجداد ويطلعوا على روعة تصاميم تلك المقتنيات الأثرية التي يجد المتأمل فيها الإعجاب. وشارك المتحف في عدد من المحافل الدولية والمحلية، وحصل على المركز الأول في دولة قطر، كما كانت له مشاركة في دولة الأمارات العربية المتحدة، فضلا عن الملتقيات والندوات والمشاركات مع مختلف الجهات.

غالية

واختتم أوارق الحلقة مرتضى اللواتي مدير عام متحف غالية للفنون الحديثة وأشار أن مؤسس المتحف هو صاحبة السمو السيدة غالية بنت فهر بن تيمور آل سعيد وافتتح في عام 2011 في مدينة الإعلام، وله فرع في مطرح يعرف بالبيت القديم. ويشير اللواتي إلى أن الغرض من إنشاء (البيت القديم )متحف غالية للفنون الحديثة هو التعريف بجوانب حياة الانسان العماني منذ بداية النهضة العمانية بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.

مضيفا أن المتحف يسعى إلى إظهار نمط العيش واندماج الإنسان العماني مع جديد العالم من ابتكارات و أدوات و منتجات لعبت دورا جوهريا في حياة شعوب الدول سيما الدول النامية ومنها دول الخليج العربي، ويقدم متحف غالية للفنون الحديثة (البيت القديم) بيئة تحاكي نمط العيش في حقبة الخمسينيات الى سبعينيات هذا القرن، وتقدم للزائر أوجه التقارب بين الثقافة العمانية وتمازجها بجديد العالم دونما مساس للجوهر، كما يوضح العلاقة المباشرة بين المنتجات الحديثة العالمية و دورها بنمط عيش المجتمعات ومدى تأثر المجتمع بكل ما هو جديد، ويناقش نظرية الثقافة المادي التي ترتكز على مواد مبتكره من المنتجات التي يصنعها الانسان اولا ليتعايش معها ثانيا وصولا الى تركز قيمها المادية و الثقافية بمحيطه ثالثا لتكون إرثا ثقافيا يتناقل عبر الاجيال. وأوضح اللواتي أن المتحف يسعى إلى أن يكون متخصصا بمجال الفنون البصرية وسيكون تحت مسمى (متحف مسقط للفنون المعاصره ) في موقعه مدينة الإعلام، بالإضافة إلى تغيير مسمى البيت القديم الكائن بمطرح والمدرج تحت إدارة متحف غالية للفنون الحديثة الى مسمى « متحف المكان و الناس»، وإلغاء مسمى متحف غالية للفنون الحديثة وتحويل سائر اختصاصاته الى متحف مسقط للفنون الحديثة.

الجدير بالذكر أن الحلقة النقاشية تأتي في إطار سلسلة من الحلقات النقاشية التي أقامها النادي الثقافي في موسمه الثقافي الحالي ضمن برنامج تجارب الثقافة العمانية المستدامة والتي تهدف إلى إبراز مفهوم الاستثمار الثقافي في السلطنة ، و أهمية تبني هذا المفهوم نظرا لما تزخر به السلطنة من إرث حضاري وثقافي موغل في القدم، لا سيما المتاحف الخاصة لما لها من دور في توظيف مفهوم الثقافة العمانية المستدامة من خلال الاستثمار الثقافي ، بما يحقق خدمة المجتمع العماني.