المنوعات

«نهاية رجل شجاع» .. برحيل شيخ الرواية السورية حنّا مينا

21 أغسطس 2018
21 أغسطس 2018

صارع البحر وناضل ضد الانتداب الفرنسي -

دمشق ـ بسام جميدة «والوكالات» -

غيب الموت أمس «شيخ الرواية السورية» حنا مينا عن عمر 94 عاما بعد صراع طويل مع المرض. والراحل من مواليد 9 مارس 1924 في مدينة اللاذقية، وهو من مؤسسي اتحاد الكتاب في سوريا.

ونعت وزارة الثقافة السورية الروائي الراحل قائلة: إنه استطاع «رصد عبر أكثر من أربعين رواية على مدى نصف قرن قضايا الناس، وانتقد فيها الاستغلال والجشع واضطهاد المرأة، وتنبأ أن الرواية ستشغل المكانة الكبيرة لدى العرب، وستصبح ديوانهم».

قضى طفولته في إحدى قرى لواء إسكندرون الحدودية مع تركيا قبل أن يعود مع أسرته إلى اللاذقية.

وعمل مينا في شبابه بحارا على القوارب والسفن قبل أن يشرع في كتابة المسلسلات للإذاعة العامة.

أسس مع عدد من الكتاب اليساريين عام 1951 رابطة الكتاب السوريين التي نظمت عام 1954 المؤتمر الأول للكتاب العرب.

من أشهر رواياته «المصابيح الزرق» و«الياطر» و«نهاية رجل شجاع» التي تحولت إلى مسلسل و«الشمس في يوم غائم» و«بقايا صور» التي تحولت إلى فيلم.

ونعاه الشاعر والكاتب اللبناني زاهي وهبي قائلا «بغياب حنا مينا نخسر مثقفا وأديبا كادحا مكافحا كرس حياته في سبيل تحويل الناس العاديين إلى أبطال شجعان منتصرين في معركة الحياة الضروس».

وأضاف «ابن الحياة بكل مراراتها وخيباتها ومفاجآتها التي لا تكون دائما مفرحة أو سارة».

ولد مينا وعاش طفولته في إحدى قرى لواء إسكندرون، وفي عام 1939 عاد مع أسرته إلى مدينة اللاذقية.

تنقل بين عدة مهن في شبابه من تصليح الدراجات إلى بحار على القوارب والسفن، قبل أن يعمل في كتابة المسلسلات الإذاعية باللغة العامية ثم موظفاً في إحدى الدوائر الحكومية.

وسافر مينا إلى أوروبا ثم إلى الصين سنوات عديدة، ثم عاد إلى سوريا واستقر فيها.

طغى تأثره بالبحر والمدن الساحلية على أسلوبه الروائي، فجاءت معظم رواياته تدور أحداثها حول البحر وأهله.

والملفت أن مينا نشر قبل عقد من الزمن وصية جاء فيها «عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتى في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطا في حياتي وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي».

ولد مينا في اللاذقية على الساحل السوري في التاسع من ‏مارس العام 1924. أمضى طفولته في لواء اسكندرون قبل أن يعود إلى اللاذقية (شمال غرب) إثر ضم هذه المنطقة إلى تركيا. وهو تأثر كثيرا بهذه المدينة في أعماله التي ركزت خصوصا على البحر وأهله.

وهو قال عن البحر: «إن البحر كان دائماً مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب».

عرف مينا بدايات صعبة وتنقل بين أعمال متواضعة كثيرة. فعمل حلاقا وحمالا وبحارا ومصلح دراجات قبل أن ينصرف للكتابة.

وانتقل الى بيروت العام 1946 قبل أن يعود في السنة التالية إلى دمشق حيث استقر. وعرف الغربة كذلك إذ أقام في أوروبا والصين لسنوات طويلة.

وخاض العمل الصحافي أولا في صحف لبنانية وسورية. وتولى رئاسة تحرير صحيفة «الإنشاء» السورية.

وكتب مسلسلات بالعامية للإذاعة السورية. كذلك عمل في وزارة الثقافة لمدة عقدين من الزمن.

انتقل حنا مينا بعدها إلى كتابة القصص القصيرة فالرواية.

وهو وضع حوالى أربعين مؤلفا، ومن أهم أعماله «الشراع والعاصفة» (1966) و«الياطر» (1975) و«نهاية رجل شجاع» (1998). وقد تناول في الكثير منها، البحر وأهواؤه والبحارة.

وقد حولت روايات عدة لحنا مينا إلى مسلسلات تلفزيونية لاقت نجاحا عبر القنوات العربية، بينها «المصابيح الزرق» التي تصور الجو المحموم الذي كانت تعيشه سوريا أيام الحرب العالمية الثانية في ظل الانتداب الفرنسي، إضافة إلى «نهاية رجل شجاع».

كذلك حولت روايته الأشهر «الشراع والعاصفة» التي تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية التي خاضت خلالها سوريا صراعات وشهدت اضطرابات انتهت بنيلها الاستقلال، إلى فيلم سينمائي في 2012.

وقد أدى مينا دور البطولة في المسلسل التلفزيوني «الجوارح» لنجدت أنزور (1994).

ويجمع النقاد على أن مينا لعب دورا رياديا في الرواية السورية والعربية وكان يلقب بـ«شيخ الرواية السورية».

ونعى الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حبيب الصايغ الروائي حنا مينا، واصفا إياه بأنه «أحد رواد القصة والرواية بعد جيل نجيب محفوظ».

ساهم مينا الذي كان يجاهر بانتمائه الشيوعي، في تأسيس رابطة الكتاب السوريين واتحاد الكتاب العرب في دمشق في خمسينات القرن الماضي.

وهو خاض المعترك السياسي باكرا وناضل ضد الانتداب الفرنسي الذي عاشته سوريا حتى أربعينات القرن الماضي. إلا أنه انسحب من السياسية بعد ذلك وكرس وقته للكتابة.

وقال في أحد الأيام «أنا كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين، فالكفاح له فرحه، له لذّته القصوى، عندما تعرف أنك تمنح حياتك فداء لحيوات الآخرين».

وقد فاز الكاتب بجوائز أدبية عدة من بينها «جائزة نجيب محفوظ للكاتب العربي» من اتحاد كتاب مصر العام 2006.

وتخصص وزارة الثقافة السورية جائزة سنوية تحمل اسم حنا مينا.

عن مهنة الكتابة التي شق طريقه إليها حياة اتسمت بالشقاء كان حنا مينا يقول «مهنة الكاتب ليست سواراً من ذهب، بل هي أقصر طريق إلى التعاسة الكاملة».