العرب والعالم

كوريون جنوبيون يتوجّهون إلى الشمال للقاءات مؤثرة مع أقارب لهم

20 أغسطس 2018
20 أغسطس 2018

بعد أكثر من 65 عاما -

سوكشو (كوريا الجنوبية) - (أ ف ب): عبَرت قافلة حافلات تقّل حوالي مائة كوري جنوبي صباح امس المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الكوريتين متوجهة إلى الشمال حيث سيلتقي هؤلاء أقارب لهم انفصلوا عنهم منذ الحرب (1950-1953).

وقال مسؤول في حكومة كوريا الجنوبية إن هذه السلسلة الجديدة من اللقاءات المخصصة للعائلات التي فرّقت بينها الحرب، وهي الأولى منذ ثلاث سنوات، بدأت بعد ذلك في منتجع جبل كومغانغ الكوري الشمالي.

ويشكل استئناف هذه اللقاءات مؤشرا جديدا على الانفراج الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية منذ بداية السنة بعد سنوات من التوتر بسبب البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية.

وكان هذا النزاع الذي كرس انقسام شبه الجزيرة الكورية أدى إلى فصل ملايين الأشخاص عن عائلاتهم.

ولم يوقع أي اتفاق سلام بين الشمال والجنوب، بل اتفاق هدنة ما يعني أن البلدين ما زالا تقنيا في حالة حرب، وأي اتصال بين المدنيين يجري تحت مراقبة مشددة. ومنذ العام 2000، نظّمت الكوريّتان عشرين سلسلة من هذه الاجتماعات. لكن بعد 65 عاما على الهدنة، بات الوقت ضيقا للذين ما زالوا على قيد الحياة. والقافلة المؤلفة من 14 حافلة تقل 98 كورياً جنوبياً غالبيتهم من كبار السنّ. وانطلقت القافلة تواكبها الشرطة وطاقما طبيا من مدينة سوكشو الساحلية الواقعة في شمال شرق كوريا الشمالية، وما لبثت أن اجتازت المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الكوريتين، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس. وقد بدا بعض الركاب متحمسين بينما يكاد آخرون يصدقون ما يجري. وذكر مراسلون لفرانس برس على الحدود بعد ذلك أنهم دخلوا المنطقة المنزوعة السلاح.

ومن امس ولغاية الغد سيمضي هؤلاء الكوريون الجنوبيون ما مجموعه 11 ساعة مع أقاربهم المقيمين في الشمال، في لقاءات ستجري في منتجع كومغانغ تحت إشراف عناصر أمن كوريين شماليين.

وغدا، سيفترق الأقارب من جديد، وهذه المرة قد يكون فراقهم أبديا.

وبين هؤلاء لي كيوم سيوم (92 عاما) وهي من الأمهات القليلات اللواتي سيلتقين ابنا. فعلى مر الزمن باتت اللقاءات بين آباء وأبنائهم قليلة.

وخلال هربها فقدت زوجها وابنها الذي كان في الرابعة من العمر حينذاك، ووصلت مع ابنتها فقط بعبّارة إلى الجنوب. وقد توجهت امس برفقة ابنتها إلى الشمال للقاء ابنها الذي يبلغ من العمر اليوم 71 عاما، وقالت لي «لم أتصور يوما أن هذا اليوم سيأتي»، وأضافت «لم أكن أعرف ما إذا كان حيا أو ميتا».

وقدم 130 ألف كوري جنوبي في عام 2000 للمشاركة في هذه الاجتماعات. ومعظم الذين ما زالوا على قيد الحياة منهم تجاوزوا الثمانين من العمر. وأكبرهم سنا هذه المرة هو بايك سونغ-كيو (101 عام).

ويفترض أن يلتقي زوجة ابنه وحفيدته. وقد جلب هدايا تتمثل بملابس وملابس داخلية وثلاثين زوجا من الأحذية وفراشي ومعجون أسنان، وقال «جلبت أيضا عشرين ملعقة من الفولاذ المصقول»، موضحا أنه «اشتريت كل هذا لأنها المرة الأخيرة».

وبعض الذين تم اختيارهم بالقرعة، تخلوا عن الزيارة بعدما علموا أن قريبهم، وقد يكون أبا أو أما أو أخا أو أختا على الجانب الآخر من الحدود، توفي وأنهم لن يلتقوا سوى شخص تربطهم به صلة قرابة بعيدة لم يعرفوه أساسا.

لكن جانغ هاي-وون (89 عاما) الذي فر من مسقط رأسه في مدينة باقليم هوانغهاي، رغب في لقاء ابنة وابن شقيقه ليروي لهما حياة والدهما.

وقال «إنهما لا يعرفان شكل والدهما لذلك سأحدثهما عنه وأقول لهما متى توفي»، وأضاف «لكن هذا هو كل ما سأقوله لأنه بقدر ما نتكلم يزداد حزننا».

والذين شاركوا في مثل هذه اللقاءات في الماضي عبروا في أغلب الأحيان عن قلقهم لأنها قصيرة جدا. وأشار معظمهم إلى أن الفراق في نهاية الأيام الثلاثة يمكن أن يكون مؤثرا جدا. وعبّر آخرون عن استيائهم من الهوة العقائدية التي تفصلهم عن أقاربهم. من جهة أخرى، واجه عديدون منهم صعوبات جمة في تذكر وقائع بعد عقود من الافتراق وتقدمهم في السن.