Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :من فوق جسر قفول الحب في سالزبرج

17 أغسطس 2018
17 أغسطس 2018

يكتبها: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يقينا؛ لم يأت على تفكير الموسيقار النمساوي الشهير «موزارت» المولود في مدينة سالزبورج أنه سيكون في يوم من الأيام معلما سياحيا لمدينته؛ أكثر من فنان عالمي؛ ليس فقط لدولته النمسا، ولكن على مستوى العالم ككل، ويقينا أيضا؛ لم يدر في خلده أن يتقصد السياح مدينته هذه لأجل أن يعيشوا عن قرب معه، وأن يتناولوا الوجبات الثلاث التي تحمل اسمه، ولم يدر أيضا؛ أن ينشأ جسر يحمل على أكتافه القلوب التي تهاوت إليه من كل حدب وصوب من مختلف دول العالم لكي تغرس قفلا مقفلا إلى نهاية الحياة تخليدا لذكرى حب، أو زواج، أو صداقة، حيث بقيت الأسماء وحدها تحمل رمزية هذا الحب، متاحة لكل سالك لطريق هذا الجسر، لكي يقرأها، فهذا من بلاد العرب، وذاك من دول الأسيان، وثالث من أوروبا، ورابع من أمريكا، وخامس من إفريقيا، وتتراكم القفول بتراكم الأسماء والمناسبات.

(سالزبورج) المدينة التي تدر ملايين الدولارات اليوم لأنها تحتضن متحف «موزارت» الذي ولد فقيرا يعيش مع والديه وأخته في غرفتين فقط، وتعلق على صدر واجهتها جسر الحب، بهكذا تفكير تصنع الدول مواردها السياحية، وتوظف مختلف روافدها الطبيعية والتاريخية، لأن السياحة في النهاية صناعة، والسؤال الذي أختم به هنا: أن هناك مسافة قصيرة لا تتعدى بضع مترات يقطعها السالك المتجه الى الضفة الأخرى من النهر؛ في الدقائق الخمس الأولى؛ هل ثمة علاقة بين هذا الحب العارم الجاثم على امتداد هذا الجسر، الذي اختاره العشاق لأن يكون المكان المؤتمن على أسرارهم ولحظات ارتباكات قلوبهم، وتخليد ذكرياتهم، وبين مكان ميلاد هذا الموسيقار المبدع الذي أرخى للموسيقى العالمية منطلق موسيقاها وموسيقيها؟ والسؤال الجانبي الآخر: ترى هل نكث هذا القفل طوال هذه المدة المستمرة من عمر الزمن؛ عن المحافظة على الأمانة التي اؤتمن عليها، وباءت إحدى الزيجات بالفشل بعد العودة؟

كل الأفواج السياحية التي تمر عبر هذا الجسر تتلصص أعينها على الأسماء التي تحملها هذه القفول، ويراودها الهاجس ذاته لأن تؤرخ هي الأخرى قفلا يظل شاهد عصر على أنها مرت هنا يوما من الأيام وأغراها الحب المقفل بمفتاح أخذه النهر بعيدا الى حيث لا نهاية، وأصل هنا إلى مقاربة خبرية نشرتها مؤسسة «في أف أس جلوبل» المتخصصة في توفير خدمات التعهيد والتكنولوجيا للبعثات الدبلوماسية والحكومات حول العالم، والتي أصدرت تقريرها عن عدد الخليجيين الذين تقدموا بطلب للحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي في فترة ما بين يناير حتى يونيو 2018م.

وأشارت المؤسسة في تقريرها إلى أن هناك (1.1) مليون طلب للحصول على تأشيرة سياحية خلال النصف الأول من عام 2018م، من بينها (75%) تقريبا من (إحدى الدول الخليجية) أتحفظ على الاسم هنا – لضروريات النشر- بزيادة (20%) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وفي هذا السياق قال فيناي ملهوترا الرئيس التنفيذي للعمليات في الشرق الأوسط وجنوب آسيا والصين لدى «في أف أس جلوبل»: «لاحظنا تصدر دول الاتحاد الأوروبي وخاصة الوجهات غير التقليدية رغبات السياح من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك خلال النص الأول من العام الجاري، إذ تؤشر تلك البيانات الى توسع السياحة الترفيهية وكذلك الرقعة الجغرافية التي يتطلع إليها السياح».

وأتوقع حتى عندنا هنا في السلطنة، لو أجريت إحصائية- عن طريق مكاتب السفر والسياحة- لعدد السياح العمانيين المتجهين الى أوروبا على وجه الخصوص لوجدوا أن هذه النسبة ترتفع عاما بعد عام، وذلك لتغير الثقافة السياحية لدى المواطن، وقد تابعت شخصيا أحد المكاتب العاملة في هذا الجانب، فوجدت أنها تجهز الفوج تلو الآخر طوال الموسم، وخاصة من الأشهر الأولى السابقة لفصل الصيف، وفي فصل الصيف هناك زحمة غير عادية لهذا الأفواج المتجهة جلها إلى القارة الأوروبية، وبالفعل هناك تغير جذري في الثقافة السياحية لدى المواطن، وعلى الجهات العاملة في مجال السياحة أن تستثمر هذا التغير، وتوجد خيارات أكثر لتحتفظ بالعدد الأكبر من السياح.