1420945
1420945
الاقتصادية

تبادل سلاح الرسوم الجمركية.. والكبار يتفقون على الحد من سيطرة الدولار

16 أغسطس 2018
16 أغسطس 2018

الحرب العالمية التجارية تدخل حيز التنفيذ -

عواصم العالم - عمان - وكالات: كان الأسبوع الماضي حافلا بالتداعيات التجارية والاقتصادية وحرب العملات، فلم نكد ننتهي بعد من تداعيات فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على كل من إيران وروسيا، حتى طلت علينا حرب العملات والرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وتركيا، إضافة إلى الحرب التجارية المستعرة مع الصين والتي تحولت إلى قوائم للسلع بين البلدين العملاقين. وحتى أمس الأول رفعت تركيا بشكل كبير الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، في أجواء من التوتر الشديد بين البلدين ما أدى إلى تدهور قيمة الليرة التركية في الأيام الأخيرة. واستهدفت الرسوم المفروضة على السيارات السياحية التي باتت رسوم استيرادها تبلغ 120 بالمائة، وبعض المشروبات الكحولية (140 بالمائة) والتبغ (60 بالمائة) والأرز وبعض مساحيق التجميل.

لترتفع قيمة الرسوم الجمركية الجديدة إلى 533 مليون دولار.

ويأتي هذا القرار، بموجب مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت تمرّ فيه واشنطن وأنقرة بأزمة دبلوماسية دفعت هذين البلدين الحليفين في الأطلسي إلى فرض عقوبات متبادلة.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين. وأدى هذا التوتر إلى تدهور قيمة الليرة التركية الجمعة الماضية، عندما خسرت 16% مقابل الدولار. ومنذ بداية العام، تراجعت قيمة الليرة أكثر من 40% مقابل الدولار واليورو. لكن منذ الثلاثاء الماضي، يبدو أنها استقرت نتيجة تدابير اتخذها البنك المركزي في أنقرة، وتصريحات للتهدئة من جانب الحكومة ودعوة أردوغان إلى تحويل العملات الأجنبية، وهو ما قام به عدد كبير من الأتراك.

ووصف البيت الأبيض العقوبات الاقتصادية التي أعلنت عنها تركيا ردا على تلك التي اتخذتها الولايات المتحدة بـ«المؤسفة» وكان قرار زيادة التعريفات الجمركية غداة دعوة أردوغان إلى مقاطعة الإلكترونيات المصنعة في الولايات المتحدة، مثل ماركة «آبل».

وكانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة شهدت توترا في الأشهر الأخيرة قبل أن تضطرب بشدة في يوليو بسبب احتجاز القس الأمريكي أندرو برانسون في تركيا.

شركاء الموقف

الرئيس التركي الذي أجرى الأسبوع الماضي محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التقى الأربعاء لأكثر من ثلاث ساعات في أنقرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي وعد باستثمارات مباشرة لبلاده في تركيا بقيمة 15 مليار دولار.

وفي إشارة إلى أن الأزمة مع واشنطن قد تشجّع أنقرة على استعادة صلاتها بأوروبا، تشاور أردوغان هاتفيا أمس الأول مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن يلتقيها نهاية سبتمبر في برلين. وقال مسؤول تركي: إن أردوغان وميركل توافقا على أن يتم لقاء «في الأيام المقبلة» بين وزير الاقتصاد التركي براءة البيرق صهر أردوغان ووزيري الاقتصاد والمال الألمانيين.

ويشعر الاقتصاديون بالقلق حيال رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم (نحو 16% في يوليو). ويعارض أردوغان بشدة مثل هذه الخطوة.

ومن المقرر أن يجتمع وزير المالية براءة البيرق وهو أيضا صهر أردوغان مع مئات المستثمرين الأجانب امس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

وأكد المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، أمس الأول أن مبادرات البنك المركزي لدعم العملة «بدأت تعطي ثمارا» مضيفا «نتوقع أن يستمرّ تحسّن الوضع».

الأسواق تتراجع

نتيجة تأزم الموقف وارتفاع وتيرة العقوبات التجارية سجلت البورصات انخفاضا أمس الأول بسبب تأثر الأصول المرتبطة بالسلع بقوة الدولار الأمريكي، فيما شهدت الليرة التركية مزيدا من التعافي.

وبدأت الليرة التركية في التعافي بعد انخفاض كبير الاثنين سجلت خلاله أرقاما قياسية جديدة مقابل الدولار واليورو وسط التوتر بين أنقرة وواشنطن.

وانخفض الدولار إلى 6,09 ليرة بعد ان سجل 6,53 ليرة في وقت مبكر الأربعاء. وقال كين اوديلوغا محلل الأسواق في مجموعة «سيتي اندكس» إن «أسواق البورصة الأوروبية تتراجع بشكل ثابت منذ افتتاحها». في أوروبا تراجعت بورصات لندن وفرانكفورت وباريس بنحو 1% في تعاملات بعد الظهر. وافتتحت بورصة وول ستريت على تراجع رغم ارتفاع مبيعات التجزئة للشهر السادس على التوالي في يوليو، فيما تراجع مؤشر داو جونز بنسبة 0,5% في الدقيقة الأولى من التعاملات.

ورجح رودريغو كاترين الاستراتيجي البارز في صرف العملات الأجنبية في بنك «ناشونال استراليا» أن تستمر الأزمة التركية فترة من الوقت.

وقال «من الصعب أن لا تبقى الليرة التركية تحت الضغوط إذا لم نر انضباطا ماليا لتهدئة الاقتصاد التركي إضافة إلى رفع كبير في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي وحل دبلوماسي للتوتر مع الولايات المتحدة».

وتعاني الليرة التركية من ضغوطات منذ أسابيع بسبب تزايد المخاوف على الاقتصاد، إلا أنها شهدت انخفاضا شديدا الجمعة والاثنين بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيادة الرسوم على واردات بلاده من الألمنيوم والصلب التركيين. ومع زيادة قوة الدولار أمام الليرة وغيرها من العملات فإن أسعار النفط والمعادن والأسهم في مجموعات التعدين تعاني. وقال جوشوا ماهوني محلل الأسواق في مجموعة «اي جي» التجارية أن «أسعار السلع بالدولار تتدهور مرة أخرى مع ارتفاع الدولار واستمرار المخاوف بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين».

وتبادلت الولايات المتحدة والصين فرض الرسوم على عشرات المليارات من السلع، ومن المتوقع فرض المزيد من الرسوم الأسبوع المقبل.

الصين تتفاوض

وأعلنت الصين أنها تعتزم إرسال مفاوض رفيع إلى الولايات المتحدة أواخر شهر أغسطس لاستئناف المحادثات التجارية، وفق ما أفادته وزارة التجارة الصينية امس ، وهو سيكون أول لقاء علني منذ أسابيع حول الأزمة التجارية المتصاعدة بين البلدين. وقال بيان صادر عن الوزارة إن نائب وزير التجارة الصيني وانج شووين سوف يلتقي المسؤول الأمريكي الرفيع في وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد مالباس بدعوة من الولايات المتحدة.

وأضاف البيان: «يؤكد الجانب الصيني أنه يعارض ممارسات الأحادية والحمائية التجارية ولا يقبل أي تدابير أحادية لتقييد التجارة».

وتابع «الصين ترحب بالحوار والتواصل على قاعدة التبادل والمساواة والنزاهة». وعقد وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس في يونيو الماضي محادثات مع نائب رئيس الوزراء الصيني لو هي في بكين. لكن المحادثات فشلت بتخفيف التوتر، مع فرض الولايات المتحدة رسوما على بضائع صينية بقيمة 34 مليار دولار في بداية يوليو، ما استدعى ردا انتقاميا من الصين على بضائع بقيمة مماثلة على قاعدة الدولار مقابل الدولار.

ويخطط الطرفان لجولة جديدة من تبادل فرض الرسوم الجمركية في 23 أغسطس ستطال بضائع صينية بقيمة 16 مليارا وأخرى أمريكية بنفس القيمة.

صندوق النقد

ذكرت متحدثة باسم صندوق النقد الدولي أن على تركيا الالتزام بالسياسات الاقتصادية السليمة من أجل دعم الاستقرار والحد من الاختلالات في وقت يشهد تقلبات في الأسواق ويستمر فيه الخلاف بين واشنطن وأنقرة بشأن سجن قس أمريكي. وقالت المتحدثة التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، إنه لا توجد دلائل على أن السلطات التركية تدرس طلب مساعدة مالية من الصندوق الذي مقره واشنطن.

وأضافت أن الصندوق يراقب الوضع في تركيا عن كثب.

وتابعت قائلة «في ضوء تقلبات السوق الأخيرة، سيتعين على الإدارة الجديدة أن تظهر التزاما بسياسات اقتصادية سليمة لدعم استقرار الاقتصاد الكلي والحد من الاختلالات، بينما تضمن استقلالا كاملا لعمل البنك المركزي من أجل مواصلة مهمته الخاصة بتأمين استقرار الأسعار».

اللقاء الثلاثي المرتقب

وفي موسكو التي تعاني أيضا من العقوبات الأمريكية قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحفي: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يشارك في قمة مع زعيمي تركيا وإيران في بداية سبتمبر. واجتمع الزعماء الثلاثة في أبريل في قمة بأنقرة حيث ناقشوا التطورات في سوريا. وكانت تركيا قد أجرت اتصالات مؤخرا مع كل من روسيا وإيران والصين مبعثها محاولة التقليل من نفوذ الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية والتعامل التجاري بالعملات الوطنية والموضوع حاليا محل دراسة مستفيضة.

وارتفعت الليرة التركية ثلاثة بالمائة امس قبيل عرض توضيحي لوزير المالية التركي براءت البيرق للمستثمرين، متجاهلة تعليقات أمريكية تستبعد إلغاء رسوم واردات الصلب من تركيا حتى إذا أطلقت أنقرة سراح قس أمريكي. وتلقت الليرة بعض الدعم من إعلان قطر تعهدها باستثمار 15 مليار دولار في تركيا وسيتطلع البيرق إلى طمأنة المستثمرين في مؤتمر يعقده بالهاتف بحلول الساعة 1300 بتوقيت جرينتش.

وصعدت الليرة، التي انخفضت 34 بالمائة مقابل الدولار هذا العام، إلى 5.7500 للدولار بالمقارنة مع مستوى إغلاق عند 5.95. وارتفعت الليرة بقوة من المستوى القياسي المنخفض 7.24 الذي سجلته هذا الأسبوع، مستفيدة من تحركات للبنك المركزي لدعم لعملة التي تضررت بفعل المخاوف من نفوذ الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية ونزاع مرير مع واشنطن. وقال جيه.بي مورجان إن إجراءات السلطات التركية أظهرت التزامها بتحقيق استقرار العملة عبر أدوات فنية مثل تقييد مبادلات الصرف الأجنبي وإلغاء عطاءات إعادة الشراء التي كان يطرحها البنك المركزي.