Untitled-1
Untitled-1
مرايا

مسلة الأقصر.. تاريخ مصري في كونكورد الفرنسي

15 أغسطس 2018
15 أغسطس 2018

توجد مسلة الأقصر بمدينة باريس الفرنسية، حيث اجتثت من معبدها في مدينة الأقصر جنوبي مصر، ونُصبت في ميدان الكونكورد خلال القرن التاسع عشر، بعد رحلة دامت 13 شهرا.

تعود هذه المسلة إلى عهد الملك رعمسيس الثاني، الذي أمر ببناء مسلتين أمام معبد الأقصر تخليدا لانتصاراته في حملات عسكرية حمت أرض مصر من اعتداءات أجنبية واستباحة ممتلكاتها.وكان كتاب “وصف مصر” الذي وضعه الفرنسيون بعد عودتهم من حملتهم العسكرية على مصر (1798-1801) قد اسهم في زيادة الولع الفرنسي بحضارة مصر القديمة.

ومع ازدياد الاهتمام بآثار مصر، استخدمها محمد علي والي مصر (1805-1848) أداة سياسية تخدم مصالحه، مغتنما صراع الدولتين العظميين وقتها، إنجلترا وفرنسا، على مسلتي “كليوباترا” في الإسكندرية، وأهدى المسلتين لهما مقابل مساندتهما وتقوية موقفه السياسي أمام السلطان العثماني.

لكن عندما زار شامبليون معبد الأقصر في جنوبي مصر أعجب بمسلتيه، وأمام هذا السحر والإعجاب تراجع شامبليون عن فكرة استلام مسلتي “كليوباترا”، هدية محمد علي.

واستبعد شامبليون فكرة تقطيع المسلة ووصف ذلك بـ “تدنيس للمقدسات”، لاسيما وأن الرومان كانوا قد نجحوا في القرن الرابع الميلادي في نقل مسلة من معبد الكرنك، عبر البحر المتوسط، ونصبوها في ميدان القديس بطرس في روما.

وقد شيدت فرنسا لهذا الغرض سفينة مستوية القاع تستطيع السفر في مياه البحار والأنهار، تفاديا لتعدد نقل المسلة من سفينة لأخرى وأطلقت عليها اسم “الأقصر”، غادرت ميناء تولون في 15 أبريل عام 1831، وعلى متنها طاقم من 150 شخصا من حرف مختلفة، تحت قيادة المهندس “أبوللينير لوبا”، ووصل الطاقم إلى الأقصر يوم 14 أغسطس، وبدأ العمل ثم توقف بسبب وباء الكوليرا الذي أصاب 15 فرنسيا، وتسبب في وفاة 128 مصريا.لم تُقطع المسلة عن قاعدتها قبل يوم 31 أكتوبر، إذ لزم الأمر التفاوض مع الأهالي لشراء بيوتهم وهدمها من أجل إفساح الطريق ونقل المسلة على قضبان من الخشب بمساعدة 400 عامل مستأجر، إلى أن وضعت المسلة على ظهر السفينة في نهاية ديسمبر.

وقد واجهت السفينة بعد إبحارها صعوبات، واضطرت إلى الرسو من جديد في مدينة رشيد بسبب عدم قدرتها على اجتياز مياه النيل إلى البحر المتوسط، فاستعانت بواحدة من أوائل السفن البخارية الفرنسية في العصر واسمها “أبو الهول” وقطرت “الأقصر” وسط بحر مضطرب لمدة يومين هدد السفينة بالغرق وهلاك الطاقم والمسلة في قاع البحر، حسبما وصف فرنيناك في مذكراته.وصلت السفينة إلى ميناء تولون يوم 10 مايو 1833، وعبرت مصب نهر السين ووصلت إلى باريس في 23 ديسمبر بعد رحلة شاقة.أراد شامبليون وضعها في ساحة متحف اللوفر أو أمام كنيسة “مادلين”، لكن الملك لوي- فيليب، الذي كان قد وصل إلى الحكم، أراد أن تقام في ميدان الكونكورد، وأصر شامبليون على رأيه معتبرا ميدان الكونكورد يقلل من هيبة المسلة، وساءت العلاقات بينهما، وتوفي شامبليون دون تحقيق مطلبه.

واضطرت فرنسا إلى صنع قاعدة جديدة للمسلة من الجرانيت المستخرج من منطقة بريتاني شمال غربي فرنسا، نظرا لترك القاعدة الأصلية في الأقصر لسوء حالتها، واستعان المهندس “لوبا” بنحو 420 جنديا فرنسيا لرفع المسلة في الميدان، ونصبت هناك في 25 أكتوبر 1836م.