mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية : شركات الاتصالات وطموحات المستقبل

14 أغسطس 2018
14 أغسطس 2018

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

عندما نسافر إلى خارج السلطنة لا نصدق أننا نستطيع بما يعادل 5 ريالات عمانية الحصول على الإنترنت لحجم بيانات غير محدود ولمدة شهر كامل دون دفع تكاليف إضافية، في حين أنه لا يوجد لدينا هذا الخيار أبدا، والأغرب من ذلك أنك إذا رغبت في الحصول من إحدى شركات الاتصالات في السلطنة على نحو 8 جيجابايت شهريا أو أقل عليك أن تدفع أضعاف هذا المبلغ وعليك أيضا أن توقّع مع شركة الاتصالات عقدا لمدة سنة أو سنتين لا يمكنك خلالهما تغيير الشركة أو إلغاء الاشتراك وإذا رغبت في ذلك فعليك أن تدفع “غرامة” وهو شرط لم نجده في الخارج أبدا حيث يستطيع أي مسافر أن يحصل على خدمة الإنترنت متى ما شاء ويستطيع إلغاء اشتراكه متى ما رغب في ذلك.

شركات الاتصالات ترى أن هذه الأسعار عادلة في حين أن المستهلكين لا يرون ذلك أبدا، ويقولون إن الأسعار مبالغ فيها كثيرا، كما أنهم يشتكون من بطء الإنترنت وكثرة انقطاع الشبكة، ورغم أن شركات الاتصالات تقول: إن لديها باقات عديدة من الإنترنت السريع ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك، فهذا الإنترنت السريع لا يصل إلا إلى مناطق محدودة جدا وعندما تتصل بالشركة يقال لك إن الخدمة غير متوفرة في منطقتك أو أن المنزل بعيد عن المقسم أو غيرها من الاعتذارات الأخرى، وإذا تابعنا حسابات شركات الاتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي فإننا سوف نجد تذمرا واضحا من المستهلكين.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تستثمر الشركات في تقوية شبكاتها؟ وتحسين الخدمات التي تقدمها للمستهلكين؟ وما الذي يجعلها تستثمر في أشياء أخرى ليست من اختصاصها؟.

عندما نعود إلى البيانات المالية للمشغلين الرئيسيين نجد أن الأرباح المجمعة لعمانتل وأوريدو بلغت بنهاية ديسمبر الماضي أكثر من 544 مليون ريال عماني من بينها 391.7 مليون ريال عماني لعمانتل و152.6 مليون ريال عماني لشركة أوريدو، وهذه مبالغ جيدة يمكن استثمار جزء منها في تطوير الشبكات وتحسين الخدمات ومواكبة تطلعات المستهلكين، كما ينبغي ألا ننسى الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الشركة العمانية للنطاق العريض وهي شركة حكومية تم تأسيسها في عام 2014 بهدف توفير خدمات النطاق العريض عالية السرعة إلى جميع المستفيدين من أفراد ومؤسسات في السلطنة من خلال المزودين الحاليين لخدمة الاتصالات “عمانتل وأوريدو” وشركة أواصر للاتصالات التي تم تدشينها رسميا في شهر مارس من عام 2016 لتكون المشغل الثالث لخدمات النطاق العريض بالسلطنة.

إن التطور العالمي الهائل في قطاع الاتصالات وانتقال العالم إلى الثورة الصناعية التقنية الرابعة التي تتمثل في إنترنت الأشياء والذكاء الصناعي والروبوتات والطباعة الثلاثية الأبعاد وغيرها من الجوانب الأخرى يتطلب سرعة عالية وأحجاما مضاعفة من البيانات وهو ما يعني ضرورة مواكبة قطاع الاتصالات في السلطنة لهذا النمو العالمي، كما أن ازدياد عدد الخدمات الحكومية الإلكترونية والانتقال إلى الحكومة الإلكترونية يتطلب زيادة حجم البيانات وسرعات الإنترنت وأن تكون متاحة في مختلف مناطق السلطنة وبأسعار في متناول الجميع، وفي هذا الإطار أود أن أشير إلى أن خدمة الانترنت تستنزف ميزانية طلبة المدارس والكليات والجامعات الذين يستخدمون الإنترنت بكثرة لإعداد بحوثهم ودراساتهم، وكثير منهم لا يستطيعون شراء خدمة الإنترنت بالأسعار التي تعرضها شركات الاتصالات التي تقدم - على سبيل المثال - 100 ميجابايت فقط بسعر 3 ريالات لمدة 7 أيام أو 1 جيجابايت بسعر 5 ريالات لمدة شهر أو 2 جيجابايت بسعر 7 ريالات لمدة شهر أو غيرها من الباقات الأخرى التي لا تفي بالاحتياجات المحدودة للطلاب فما بالك بتطلعات المجتمع نحو الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة.

العالم أصبح قرية إلكترونية قائمة على الإنترنت وخدمات الاتصالات وعلى شركات الاتصالات أن تعي ذلك وتستعد للمرحلة المقبلة.