العرب والعالم

رائحة الموت تفوح من منزل إيناس وطفلتها في «دير البلح» بغزة

09 أغسطس 2018
09 أغسطس 2018

دير البلح (الأراضي الفلسطينية) - (أ ف ب): لم تمض نصف ساعة على غارة جوية إسرائيلية على وسط قطاع غزة حتى سمعت أم الوليد صوت أنين من منزل جارتها إيناس المدمر الذي يلفه الغبار، وصدمت لدى مشاهدتها جسدي الأم إيناس وطفلتها بيان قد تحولا أشلاء، ولا تزال العائلة تطالب بتفسيرات عن سبب مقتلهما.

بقع الدم غطت جدران غرفة النوم التي كانت بيان (عام ونصف عام) تنام فيها على فرشة قماش محشوة بالقطن بجانب سرير والديها.

قالت أم الوليد (40 عاما)، وهي لا تزال تحت تأثير الصدمة «كأنه كابوس، تمنيت لو أنني مت قبل أن أشاهد هذا المنظر الفظيع».

وأضافت «سمعت أنين محمد والد الطفلة بيان فطلبت من أولادي والجيران أن يفتحوا باب المنزل بالقوة ودخلت معهم، رأيت إيناس وهي حامل في شهرها السابع قد بقر بطنها من شظايا الصاروخ وصعقت عندما شاهدت طفلتها بيان ممزقة».

وتابعت «طلبوا سيارة إسعاف ونقلوا المصاب محمد للمستشفى وأخذت أنا والجيران نجمع أشلاء إيناس والطفلة».

رائحة الموت كانت تفوح من المكان، وكانت بعض الأشلاء مدفونة تحت التراب قبل أن يجمعها شبان من سكان الحي.

وأشار أحد الجيران عماد (44عاما) الذي يعمل في شرطة حماس إلى فتحة في سقف المنزل القديم المكون من طبقة واحدة، وقال «الصاروخ أصاب المسجد (المجاور) قبل أن يصيب المنزل من هنا، ويحدث هذه الفتحة ثم يسقط على أرضية صالة المنزل ويحدث حفرة ما أدى إلى إصابة الطفلة وأمها بشظاياه».

على سطح المنزل كومة من القمح وضعها محمد أبو خماش لطيور الحمام التي يربيها في قفص. أمسك الفتى جميل (16عاما) بدمية صغيرة مختلطة بدماء الطفلة ووالدتها والأتربة، وقال: «هذه عروسة بيان».

يتكون المنزل الذي استأجره رب الأسرة محمد أبو خماش مع أسرته قبل نحو شهرين، من غرفتين ومطبخ صغير فيه بعض أواني الطبخ، إضافة إلى فراش وحصير في وسط المنزل اختلطا ببقايا الركام.

ويبعد المنزل مئات الأمتار عن موقع كبير للتدريب تابع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، قرب شارع صلاح الدين الرئيسي عند مدخل دير البلح وسط قطاع غزة.

تشييع

وشيع مئات الفلسطينيين وسط حزن شديد الطفلة وأمها في وسط دير البلح. كذلك شيع الفلسطينيون علي الغندور (30عاما)، وهو من نشطاء كتائب القسام وقتل في غارة جوية استهدفته بينما كان مع ثلاثة آخرين في سيارة قرب بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، وأصيب الثلاثة أيضا. وسقط القتلى الثلاثة في سلسلة غارات جوية شنها الجيش الإسرائيلي منذ مساء أمس الأول .

وقال عبد الله أبو خماش (31 عاما) ابن عم والد الطفلة بيان «كانت نائمة مع أمها وأبيها عندما سقط الصاروخ على الدار وهشمها»، وأضاف: «أقول لـ(وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور) ليبرمان أن يأتي إلى هنا ويرى بنفسه الدمار، أريد أن أسأله ما ذنب هذه الطفلة البريئة التي لا تعرف الكره لتموت، هل يقبل هذا لحفيدته؟». وتابع «لا علاقة لنا نحن المدنيين بمواقع المقاومة. لماذا علينا أن ندفع الثمن؟ نريد هدوءا وسلاما، نريد أن نعيش حياة كريمة».

من جهته، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس: إنه ليس لديه أي معلومات عن مقتل المرأة وطفلتها، مضيفا «بالطبع نحن نضرب فقط أهدافا عسكرية تستخدمها حماس».

ودعت الأمم المتحدة إلى التهدئة معربة عن أسفها خصوصاً لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة. ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف جميع الأطراف إلى «الابتعاد عن حافة الهاوية»، مذكّرا بأنه سبق أن حذّر من أن الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية في غزة «تنذر بصراع مدمّر لا يريده أحد».

وأسفرت جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة عن إصابة 12 فلسطينيا آخرين بينهم «اثنان في حال الخطر» وفق ما أعلن أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة.