1412791
1412791
إشراقات

المُحرِم يواصل التلبية من لحظة الإحرام ولا يقطعها

09 أغسطس 2018
09 أغسطس 2018

البوصافي: من ارتاب في شيء من أعمال «العمرة» فعليه سؤال أهل العلم قبل التحلل منها -

مناسك الحج والعمرة وأحكامها (3) -

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

نبّه فضيلة الشيخ راشد بن سالم البوصافي رئيس قسم البحوث والدراسات بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية من وقع في أمر رابه في أثناء أداء العمرة فإن عليه أن يسأل أهل العلم قبل أن يتحلل حتى يستطيع أهل العلم أن يعالجوا المسألة التي وقع فيها، لا أن يسأل بعد أن يتحلل فيكون عليه ما عليه.. جاء ذلك في الدرس الثالث «كيفية الإحرام وأحكامه ومحظوراته- مناسك العمرة».

ودعا البوصافي المحرم بالعمرة أن يواصل التلبية من لحظة الإحرام ولا يقطعها إلا عندما يصل إلى الحرم، مشيرا إلى أن في التلبية رفعا للدرجات وإظهارا لشعائر الدين ولشعائر الحج وهي كذلك من شعائر الله ينبغي للإنسان أن يعظمها فيرفع صوته بالتلبية اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.. والى ما جاء في الدرس.

درس «كيفية أداء مناسك العمرة - عمرة التمتع» وهي التي يدخل بها الحاج البيت الحرام مؤديا هذه الشعيرة المباركة قبل يوم الحج.

إذا دخل الإنسان وأحرم بالعمرة وكان يريد التمتع بالعمرة إلى الحج فإنه يقول في تلبيته (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لكل والملك، لا شريك لك، لبيك عمرة) هذا الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عمراته صلى الله عليه وسلم.

أما في الحج فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فلم يقل (لبيك عمرة) وإنما قال (لبيك عمرة وحجة) أما في عمراته (لبيك عمرة).

المحرم للعمرة يواصل التلبية من لحظة الإحرام ولا يقطعها وينبغي ان يرفع صوته بالتلبية لأنها من شعائر الله ومن شعائر حج بيت الله تعالى الحرام ومن شعائر مناسك العمرة، لا ينبغي للرجل ألا يرفع صوته بالتلبية ولا ينبغي له ان يخجل من ذلك، كما ثبت ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا يلبون ويرفعون أصواتهم بالتلبية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك حتى تبح أصواتهم. فالتلبية فيها رفع للدرجات وفيها إظهار لشعائر الدين و لشعائر الحج وهي كذلك من شعائر الله ينبغي للإنسان أن يعظمها فيرفع صوته بالتلبية اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وأما بالنسبة للمرأة فلا ترفع صوتها وإنما تخفضه إلا إذا كانت مع محارمها ومع أبنائها فلها أن ترفع الصوت، أما إذا كانت مع الرجال الأجانب فلا ترفع الصوت بالتلبية.

والتلبية ينبغي للإنسان الذي جاء من الآفاق أن يكثر منها طوال النسك ومن لحظة الإحرام إلى الموضع الذي دل عليه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما الذي يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عندما وصل إلى الحرم، والحرم كبير وليس المقصود به مكة وإنما منطقة الحرم وهناك لوائح وسرايا مكتوب عليها بداية الحرم، وعندما يصل إلى هذه اللوائح يقطع التلبية وهي أقوى الأقوال في هذه المسألة.

والإنسان يأتي ملبيا ولا مانع من أن يغاير بين التلبية وبين التكبير والتهليل والتمجيد والتقديس والتسبيح لله تبارك وتعالى كما ثبت ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم المهلل ومنهم المكبر ومنهم المسبح.

وإذا أراد الإنسان أن يذهب إلى الطواف يشرع في حقه الاغتسال، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما نزل في ذي طوى اغتسل قبل أن يذهب إلى الطواف وذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل ثم دخل مكة وطاف، وقد اختلف العلماء في هذا الاغتسال هل هو من اجل دخول مكة أم هو من اجل الطواف، فذهب الكثير من أهل العلم بأن هذا الاغتسال إنما هو لدخول مكة.

وذهب بعض العلماء إلى القول بأن هذا الاغتسال إنما هو من اجل الطواف وهذا الذي يصححه بعض المحققين وله وجه وجيه وذلك لان هذه الاغتسالات إنما تشرع من اجل ازدحام الناس، كالاغتسال يوم الجمعة والاغتسال يوم العيد فإنها تشرع.

فإذا ما استطاع الإنسان الاغتسال قبل الطواف فذاك هو الأفضل فإن لم يستطع ولم يتمكن فلا شيء عليه وهو ليس بواجب.

التوجه الى المسجد الحرام

ثم يتوجه الإنسان إلى المسجد الحرام من باب بني شيبة كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا أن باب بني شيبة الآن بعد العمران وبعد البناء الجديد زحزح إلى مكان بعيد فكان مكانه الآن باب السلام، فندخل الآن من باب السلام لان هذا الباب المقابل لباب بني شيبة الذي دخل منه الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن إن لم يستطع الإنسان الدخول من هذه الجهة فليدخله من أي جهة كان لاختلاف العلماء في ذلك هل هي سنة أم أن النبي جاء من تلك الجهة ودخل منها.

عند دخول المسجد الحرام لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر خاص، وإنما ندخل بالرجل اليمنى ونأتي بالذكر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نأتي به عند دخول أي مسجد من مساجد الأرض.

عند رؤية الكعبة

ثم عند رؤية الكعبة المشرفة فإن بعض العلماء رأى أن يرفع الإنسان يده عاليا ثم يأتي بذكر أو دعاء إلا انه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خاص اذ أن الحديث الذي روي فيه ذلك لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم. فيدخل المسجد ويؤتى إلى الصحن من جهة الحجر الأسود، وهذا هو الأفضل والذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يستطع النزول للصحن من تلك الجهة فليلف حتى يأتي من جهة الحجر خشية إيذاء الناس أو إيذاء نفسه.

يشرع لهذا الإنسان أن يبدأ الطوف من ركن الحجر فإذا كان يستطيع أن يصل إلى الحجر الأسود ويقبّل الحجر فليفعل وليمسحه بيمينه ثم ليمسح بدنه بكفه، وليقبل الحجر بدون صوت، وأحاديث التقبيل فهي ثابتة عن رسول الله، فإن لم يستطع بيمينه ففي هذه الحالة يشير اليه بأن يرفع كفه مشيرا إلى الحجر ويكبر ولكنه في حالة الإشارة لا يقبل يده لان ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فمن كان راكبا أو محمولا أن يطوف على كرسي متحرك أو مدفوع فيشرع في حقه أن يستلم الحجر بالعصي ويقبل تلك العصي، وهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وان لم يستطع يشير إليه بيد واحدة ويكبر تكبيرة واحدة كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. وهذا في بداية الشوط.

وجاء في بعض الروايات الموقوفة على ابن عمر رضي الله عنهما انه يقول (بسم الله الله أكبر) ولكن هذه الروايات لم تثبت مرفوعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما حسبا انه موقوفة على الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.

نية الطواف

ينوي الإنسان طواف العمرة نية واحدة سبعة أشواط، والطواف ركن من أركان العمرة ويشترط فيه الطهارة، يكبر فيبدأ بعد ذلك في الطواف.

يشرع (الاضطباع وهو إخراج الكتف الأيمن بتمرير الرداء من تحت الإبط ونسفه على الكتف الأيسر) وهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اختلف الفقهاء هل هو في سبعة أشواط كلها أم في ثلاثة. فمنهم من قال في الثلاثة أشواط، ومنهم من قال بأنه سنة من سنن الطواف في سبعة أشواط فإذا انتهى الطواف فلا اضطباع بعد ذلك، وهذا القول هو القول الصحيح. ولكن إن نسي هذا الإنسان الاضطباع وتذكره أثناء الطواف فإنه يضطبع حيث تذكر، ولا يلغي الشوط. وإذا تذكر بعد الطواف لا شيء عليه.

كذلك يشرع (الرمل) وهو الإسراع في المشي لكن ليس بخطى واسعة وإنما بخطى متقاربة، ذهب بعض العلماء إلى القول انه يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى وهذا القول هو القول الصحيح والذي عليه العمل عندنا الآن وذهب بعض الفقهاء إلى انه يرمل في الأشواط كلها.

من نسي (الرمل) في الشوط الأول أو الثاني أو الثالث وتذكره فإنه يرمل حيث تذكر في هذه الأشواط، أما إذا تذكره في الشوط الرابع فلا شيء عليه.

اختلف الفقهاء متى ينتهي الرمل، قيل من الحجر إلى الركن وبين الركنين يمشي، فيرمل من (ركن الحجر) إلى الركن اليماني، وهذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث انه رمل في بعض عمراته من الحجر إلى الركن ثم مشى بين الركنين، أما في حجه الأخير فإنه رمل صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر، ونحن تعبدنا بأن نأخذ بآخر أفعاله صلى الله عليه وسلم فنرمل من الحجر إلى الحجر.

تنبيهات

في حالة الطواف لا يدخل الإنسان في (الحطيم) وهو الجزء من الكعبة الذي لم يكتمل بناؤه) ومن طاف شوطا من الأشواط ودخل الحطيم فعليه أن يعيد هذا الشوط من أوله أما من طاف جميع الأشواط مارا بداخل الحطيم يعيد الطواف من أوله.

كذلك لا يلمس الإنسان (الشاذروان) وهو الجدار الصغير الذي تثبت فيه الآن الحلقات الذهبية التي تمسك ستار الكعبة (البلاط الأبيض) والآن مدبب، من لمسه في الطواف خلاف بعض العلماء يقول يعيد الطواف لأنه جزء من الكعبة، وذهب بعض المحققين بأنه ليس من الكعبة (وليس عليه شيء) وهذا أكثر العلماء عليه.

إذا كان الحجر الأسود الآن يطيب فإذا ثبت لك ذلك فليمتنع من لمس الحجر، وان لم يكن يعلم فلحقه طيب منه فليغسل ذلك الطيب ولا شيء عليه.

في الطواف موسم الحج يكون صعبا حيث يشعر الإنسان بالتعب والعطش، فإذا عطش له ان يشرب الماء.

في حال الزحام وأراد الشخص الذهاب لتكملة الطواف في الدور الأول وهو على سبيل المثال في الشوط الثاني ولكنه لم يكمله فإنه في هذه الحالة عليه أن يعيد الشوط الثاني من جديد.

وفي حال حصول الإغماء لشخص ما وهو في الطواف فإن عليه أن يعيد وضوءه وكذلك يلغي الشوط الذي وصله ويبدأه من جديد.

عند الوصول إلى (الركن اليماني) فعلى الشخص أن يستلمه ولكن لا يقبل يديه وأن لم يستطع لمسه فلا يشير إليه.

عند انتهاء الشوط السابع في الطواف يمكنك أن تكبر وإن لم تفعل فلا شيء عليك، وذلك لأن الحديث الوارد عنه صلى الله عليه وسلم محتمل للصنيعين النبي لما خرج من الطواف ذاهبا إلى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام سمعه الصحابة يقرأ قول الله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) اختلف الفقهاء هل تشرع قراءة هذه الآية أم لا؟ فمن قرأها فلا بأس عليها، ومن قال بعدم مشروعيتها قال إنما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم تعليما لغيره.

ولا بد من الانتباه لمناسك العمرة أن وقع المرء في أمر رابه، عليه أن يسأل أهل العلم قبل أن يتحلل حتى يستطيع أهل العلم أن يعالجوا المسألة التي وقع فيها، لا أن يسأل بعد أن يتحلل فيكون عليه ما عليه.

ما يقال أثناء الطواف

لم تثبت هنالك أذكار مخصوصة أثناء الطواف عن الرسول النبي صلى الله عليه وسلم، هناك مطلق الدعاء يأتي بالباقيات الصالحات والصلاة على رسول الله والدعاء لنفسه، وإنما ثبت الدعاء من صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات عندما يصل الشخص إلى (الركن اليماني) متجها إلى (ركن الحجر) يقرأ الآية (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). على الإنسان العاقل أن يستغل الطواف في وضع اذكار بنفسه وان يستعد لهذا الطواف من قبل وان يقسم الطواف في قراءة أدعية، فمثلا يقوم في الشوط الأول بـ (تمجيد الله سبحانه تعالى وتسبيحه وتعظيمه وتنزيهه)، والثاني (الصلاة على النبي)، والثالث (الاستغفار)، وفي الرابع (أدع لنفسك بدعاء الآخرة وبدعاء الدنيا) وفي الخامس (أدع لوالديك ولأولادك ولإخوتك ولمن طلب منك أن تدعو له) وفي الشوط السادس (أدع للإسلام والمسلمين ولبلدك) فلبلدك حقا عليك، وفي الشوط السابع (اجعله شوطا عاما كذكر الله وتمجيده وغير ذلك)، وبين الركنين في كل شوط تقول (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

عند إنهاء الشوط السابع ينتهي الاضطباع فيدخل الإنسان كتفيه ويصلي ركعتين (سنة الطواف) خلف مقام سيدنا إبراهيم إن تمكن وإن لم يتمكن يصلي في أي مكان في المسجد ولا يتسبب في إيذاء نفسه قدر المستطاع ولا يؤذي غيره.

جاء في بعض الروايات أن يقرأ الإنسان في الركعة الأولى بعد الفاتحة (الكافرون) وفي الثانية (الإخلاص) وهذه لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وان قرأ الإنسان هاتين السورتين فلا شيء عليه، أو قرأ غيرها.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه بعد أن صلى ركعتي الطواف استلم الحجر الأسود، ونحن الآن لا نستطيع ذلك بسبب الزحمة، ولكن قال بعض العلماء يشير إليه الإنسان وهو ذاهب إلى السعي شرط أن يكون مقابلا للحجر. ومن عمل به ذلك أفضل. ومن نسيه فلا شيء عليه.

إما بالنسبة لشرب ماء زمزم فهي ليست من أعمال العمرة. فمن شرب من زمزم فليشرب الإنسان بقدر.

السعي

يرقى الإنسان على جبل الصفا أو في أي موضع من ذلكم الجبل وهو يتلو (إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللهِ فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جُناحَ عليه أن يطوّف بهما ومن تطوّع خيراً فإن الله شاكرٌ عليم) ثم يستقبل البيت ولو لم يره ويرفع يديه ويدعوا (يكبر ثلاث مرات، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، اللهم صل وسلم وبارك على النبي محمد)، ثم ينزل من الصفا متجها إلى المروة، يهرول بين العلمين وبشدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن نسيه فلا شيء عليه، وعند صعوده المروة يفعل كما فعل في الصفا، وهكذا لسبعة أشواط ويقول ما يريد من دعاء، كما سبق في الطواف.

وعند الانتهاء من الأشواط يبقى عليه التحلل (حلق أو تقصير):

والحلق ان تستقصين الشعرا

وفضله على سواه اشتهرا

وليس للنسوان إلا الثاني

فالحلق لا يكون للنسوان

تأخذ منه قدر اصبعين

لأربع أصابع اليدين

إذا كانت أيام الحج قريبة يقصّر الشعر جميعه، وأما إذا كان موعد الحج بعيدا فهنا الأفضل في حقه الحلق بالموس. والمرأة تتحلل بنفسها.