Untitled-2
Untitled-2
مرايا

طه حسين..عميد الأدب العربي

08 أغسطس 2018
08 أغسطس 2018

إعداد - مروه حسن -

«إنجاز» هو محاولة لتسليط الضوء على إيجابيات في حياتنا قد تكون أنت صانعها أو أنتِ أو شخص قرأت عنه أو سمعت عنه في محيطك، فلا تستهن بالأمر، وتقول ليس بحياتي شيء يذكر، فقد يكون إقلاعك عن التدخين إنجازا، وقد يكون نجاحكِ في تحمل مسؤولية أبنائك بمفردك إنجازا، فحياتنا مليئة بالكثير والكثير، ولكننا نادرا ما ننظر لذلك النور الذي يشع منها، بل إننا كثيرا ما نركز على تلك البقعة المظلمة فيها. الخلاصة اننا في هذا الباب لن نتحدث عن سلبيات أوعن أخطاء، وإن عرضناها ستكون حتما بداية لنجاح وإنجاز لصاحبها ودليلا لمن سيقرأها معنا، وتكون نورًا وبابًا جديدًا للأمل، لذلك اسمحوا لي أن نتعمق سويًا في نجاحاتنا، وتأكدوا أنها مهما كانت بسيطة في نظرنا فإنها قد تكون إنجازًا عند غيرنا، وقد تكون شعاع الأمل للكثير منا. ففي هذا الباب سنعرض إنجازات لمشاهير قد نكون سمعنا عنهم مع عدم إغفال محاولاتهم وإصرارهم على تحقيق النجاح، ولن نقصر الأمر علينا كمسلمين أو عرب، بل سنفتح الباب على مصراعيه ليسع الجميع، لذا سنعرض أحيانا إنجازات لغير العرب ولغير المسلمين كما سنعرض أيضا تجارب شخصية لأفراد بيننا، قد تكون أنت أو أنتِ أعزائي القراء بطلا لأحدها. لذا أتمنى أن تتواصلوا معي بإنجازاتكم سواء الشخصية لكم أو لمن يحيطون بكم أو حتى التي قرأتم عنها، وليس الأمر مقصورًا على عالمنا العربي ولكنه مفتوح على العالم أجمع، فقط ابحث وستجد حتما ولا تستهن بالأمر أبدا، فعمل بسيط تغلبت عليه أنت هو حتما إنجاز ونقطة أمل لغيرك، وكونوا أبطالاً في مقالاتنا القادمة في «إنجاز».

واليوم دعونا نبدأ بسرد قصة جديدة من قصص الإنجازات التي نرصدها في عالمنا الماضي والمعاصر، لذا تابعوا معنا السطور القادمة..

[email protected]

هو عميد الأدب العربي الحديث ورائد التنوير في مصر والعالم العربي، وُلِد في محافظة المنيا، بصعيد مصر في 14 نوفمبر 1889. كان ترتيبه السابع بين ثلاثة عشر طفلًا في أسرةٍ من الطبقة المتوسطة. أُصيب في سنٍ مبكرةٍ جدًا بعدوى في العين، وبسبب سوء التعامل مع حالته وعدم تلقي العلاج اللازم أُصِيب بالعمى وكان عمره ثلاث سنوات فقط.

تم إلحاقه بالكُتَّاب، وهو يشبه المدرسة حيث يتعلم فيه الأطفال القراءة والكتابة، ثم أُرسل إلى جامعة الأزهر، حيث اكتسب معرفةً دقيقة بالفقه والأدب العربي بالطريقة التقليدية. شعر بخيبة أملٍ عميقة من طريقة تفكير معلميه التي تخلو من الإبداع.

وبحسب موقع “أراجيك” فإنه في عام 1908، وصلته أخبار عن تأسيس جامعة علمانية جديدة كجزءٍ من الجهد الوطني في سبيل تعزيز وتطوير التعليم في مصر تحت حكم الاحتلال البريطاني، وكان حريصًا جدًا على دخول هذه الجامعة. على الرغم من أنه كان كفيف البصر وفقيرًا، ولكنه استطاع أن يتغلب على العديد من العقبات. تم قبوله في تلك الجامعة، وقال في وقتٍ لاحق في مذكراته (الأيام) أنّه شعر بأن أبواب المعرفة قد افتتحت له منذ ذلك اليوم. في عام 1914، كان أول خريجٍ من هذه الجامعة، حيث حصل على الدكتوراه مع أطروحته عن الشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعري.

واجهته الكثير من المتاعب، حيث تم إرساله إلى فرنسا للدراسة، ولكن تسبب فقدانه للبصر في استمرار آلامه، خاصةً مع تفاقم إهمال مرافقه له، والذي تم إرساله له في بداية الأمر للعناية به.

التقى في فرنسا بامرأةٍ تُدعى سوزان، جاءت لتقرأ له الكتب حيث أن المراجع اللازمة له لم تكن متوفرةً في برايل. أصبحت سوزان فيما بعد زوجةً له، كما كانت مستشارته، مساعدته، أم أطفاله، هي حبه الكبير وأفضل صديقٍ له.

ثم حصل على شهادة الدكتوراة الثانية في الفلسفة الاجتماعية في عام 1917 من جامعة السوربون في باريس. وفي عام 1919، وحصل على دبلوم في الحضارة الرومانية من الجامعة ذاتها. في نفس العام تم تعيينه أستاذًا للتاريخ في الجامعة المصرية.

عندما تولى منصبه كوزيرٍ للتربية والتعليم في عام 1950، تمكن من وضع شعاره 'التعليم كالماء الذي نشربه، والهواء الذي نتنفسه” حيز التنفيذ. نجح في جعل التعليم الابتدائي والثانوي متاحًا للجميع. يمكننا القول بأن ملايين المصريين يدينون لطه حسين بمحو الأمية.

يمكن تقسيم أعمال طه حسين إلى ثلاث فئات: الدراسة العلمية للأدب العربي والتاريخ الإسلامي، والأعمال الأدبية الإبداعية مع المحتوى الاجتماعي لمكافحة الفقر والجهل، والقوانين السياسية. اتجه طه حسين للنشر في صحيفتين كان رئيس تحريرهما بعد طرده من منصبه كأستاذٍ للأدب العربي الكلاسيكي في الجامعة المصرية. جاء طرده نتيجة لرد فعل الجمهور على كتابه “في الشعر الجاهلي”.

إن الجزء الأكبر من فكر طه حسين الشخصي متأثر في الأساس بالثقافة اليونانية. أصدر طه حسين كتابًا بعنوان “الصفحات المختارة” من الشعر اليوناني الدرامي عام 1920 ومجلدًا آخر بعنوان “النظام الأثيني” في عام 1921، و”قادة الفكر” في عام 1925. وهكذا، فإن الصلة بين ثقافته العربية مع الثقافة اليونانية كانت نقطة تحوله إلى مفكر.

وكان الكتاب الأول محاولة غير مكتملة في فضح الشعراء اليونانيين وأعمالهم. أما الكتاب الثاني فكان ترجمة دقيقة لأحد أهم النصوص في التاريخ اليوناني للحضارة. وهو يتناول التأثير الديني على الفكر في العصور الوسطى، ثم ينتقل إلى العصور الحديثة. وهكذا، لم يكن طه حسين متأثرًا فقط بالفكر اليوناني في عمله الأدبي، ولكن أيضًا في كتبه عن السياسة والحضارة. أثرت الكتب التي أصدرها بعد عودته من باريس بشكلٍ كبير على الأدب الكلاسيكي العربي الحديث.

من أهم أعماله: “الأيام” و”دعاء الكروان” و”المعذبون في الأرض” و”في الشعر الجاهلي”.

شن طه العديد من المعارك في سبيل التنوير، واحترام العقل والفكر، وتحرير المرأة. وكان أولها في عام 1926 عندما أصدر كتاب “الشعر الجاهلي”، الذي كان مثيرًا للجدل إلى حدٍ كبير في كلٍ من الدوائر السياسية والأدبية. وأثار الكثير من الجدالات التي تصدرت عناوين الصحف آنذاك بين مؤيدين ومعارضين.

كانت حججه من أجل العدالة والمساواة مدعومة بمحاولة لفهمٍ عميقٍ وصادق للإسلام. ومن الملاحظ أيضًا تعاطفه مع مواطنيه المهزومين وفهمه لأعمق مشاعر وأفكار المرأة كزوجة وحبيبة وأم. أصبح لدي طه نوع خاص من الأدب، وتنافس فيه القراء بحماس بالقراءة والتفسير، والمناقشة والتحليل، واستخراج معان واضحة من التلميحات الغامضة.

وكان طه حسين يتمتع بحب ومودة تلاميذه وزملائه له. خلال فترة حياته، انتُخب عضوًا في العديد من الأكاديميات التعليمية في الدول العربية، وقد استقبلته العديد من المؤسسات الدولية. حتى أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة لم تنتبه إلى أوامر رئيس الوزراء المصري إسماعيل صدقي، الذي حذر من توفير فرص العمل لطه حسين. فقامت الجامعة الأمريكية بتخصيص قاعة إيوارت لتنظيم وممارسة الأنشطة الثقافية واللقاءات الأدبية حيث حرص الكثيرون على الحضور والاستماع إلى طه حسين، ولقبوه هناك بعميد الأدب العربي.

قدم له الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة العليا، والتي تُقدم عادةً إلى رؤساء الدول. وفي عام 1973، حصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

توفي طه حسين في أكتوبر 1973، في منزله فور مشاهدته انتصار بلاده في حربها الأخيرة ضد إسرائيل.