1409738
1409738
تقارير

ظلال تجارب الماضي تخيم على حلم عمران خان بـ«باكستان جديدة»

02 أغسطس 2018
02 أغسطس 2018

إسطنبول-الأناضول: يسعى حزب «حركة الإنصاف» الباكستاني، بقيادة عمران خان، نحو تشكيل الحكومة المقبلة في باكستان، بعد أن أعلن فوزه في الانتخابات التي جرت 25 يوليو الماضي.

ورغم أن الحزب، لا يتمتع بأغلبية المقاعد في البرلمان الجديد، لكن يتوقع فوزه بدعم العدد اللازم من أعضاء البرلمان من الأحزاب المستقلة أو الصغيرة.

وفي الوقت الذي تزعم فيه أحزاب المعارضة بوجود «مخالفات وتزوير بالأصوات»، وتهديد البعض بإطلاق مظاهرات في الشوارع ضد نتائج الانتخابات فإن خان عرض إجراء تحقيق شفاف في مزاعم التزوير.

في عام 2013، اتّهم خان السلطات بحصول تزوير في الانتخابات، لكنها رفضت آنذاك إجراء أي تحقيق في تلك الاتهامات.لكن هل سينجح خان في ما يصبو إليه نحو إعلان باكستان جديدة، أو «نايا باكستان» كما يقول باللغة الأردية؟.

نعم ربما تكون باكستان الجديدة هي حُلم كل باكستاني، خاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا. ويقال الآن إن غالبية الباكستانيين في هذا السن لكن فكرة «باكستان الجديدة» هذه، تذكرني بـ»ذو الفقار علي بوتو» الذي جاء بالشعار نفسه منذ 50 عامًا تقريبًا.

وفي ذلك الوقت، تم تقسيم باكستان إلى قسمين، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقلال بنغلاديش عن باكستان واتُهم بوتو، بأنه كان مسؤولًا عن تفكك باكستان .

وبعد الانتخابات التي جرت في عام 1970، قال بوتو لنظيره في باكستان الشرقية، الذي فاز بأغلبية مقاعد البرلمان: «ذلك الجزء لك، وهذا الجزء لي».وأُعدم بوتو في وقت لاحق في عهد نظام الجنرال، ضياء الحق.وفي هذا السياق، آمل ألا يفكر خان في «باكستان جديدة» بهذه الطريقة وبالطبع، هو ليس كذلك فتصريحاته وأفعاله ليست قريبة إلى تصريحات وأفعال بوتو. لذلك، يمكن للمرء أن يكون متفائلًا باعتدال بشأن إعلان خان عن باكستان جديدة.

دور الجيش قبل أن نذهب لتحليل إمكانات وفرص «باكستان الجديدة» التي وعد بها خان، نحتاج أولًا إلى التطرّق لمسألة النزاهة في إجراء الانتخابات، وهي قضية أثارتها المعارضة وبعض وسائل الإعلام المحلية والدولية، وخاصة في الجارة الهند. واتُهمت القوات المسلحة الباكستانية بـ«هندسة» نتائج الانتخابات، وفقًا لرغباتها. غير أن مجموعة مراقبين من الاتحاد الأوروبي، لم تشر في بيانها إلى أي عمليات تزوير مباشرة قامت بها القوات المسلحة، التي كُلِّفت بضمان الأمن للعملية.

لكن كل من هم على دراية بتاريخ باكستان، يعلمون أن القوات المسلحة قد تدخلت في السياسات الباكستانية مرات عديدة.

ولكن لكي نكون منصفين مع القوات المسلحة كمؤسسة، يجب أن نلاحظ أن التدخل في العملية السياسية من قبل العناصر غير السياسية في باكستان لم ينشأ مع القوات المسلحة.

وكان مالك غلام محمد (1895-1956)، وهو بيروقراطي تحول إلى منصب الحاكم العام، هو الذي أطاح برئيس الوزراء في ذلك الوقت، لأنه اعتقد أن رئيس الوزراء غير قادر على رئاسة الإدارة، ثم جاء القضاء لتبرير العمل البيروقراطي.

كما قدم القاضي محمد منير (1895-1979) «عقيدة الضرورة»، وتوقفت العملية الدستورية والسياسية الباكستانية. تبع ذلك عمل رجل بيروقراطي آخر، وهو إسكندر ميرزا (1899-1970)، الذي أصبح أول رئيس لباكستان بموجب الدستور الجديد، وأعلن الأحكام العرفية في عام 1958، وعين عددًا من الجنرالات في حكومته.لكن سرعان ما قرر الجنرالات الاستيلاء على السلطة عن طريق طرد إسكندر ميرزا من باكستان . وهكذا دخلت القوات المسلحة في السياسة الباكستانية. وإذا استطاع عمران خان، ضمان أن تنصاع كل الأطراف لما ينص عليه الدستور، فسوف يقدم مساهمة كبيرة لبلاده بضمان الحكم الرشيد في باكستان . لقد قدم خان العديد من الوعود خلال حملته، وكان الحكم الرشيد على رأس القائمة. في الوقت الذي أكد فيه من جديد وعده بالقضاء على الفساد خلال خطاب النصر الذي ألقاه في 26 يوليو الماضي.

على أية حال، رغم أن خان نفسه لديه صورة تظهر أنه زعيم غير فاسد، فإن سياسته في تجنيد «المنتَخَبون» أصحاب الحظوظ الوفيرة في الانتخابات بحزبه، تجعل المرء يشعر بالقلق ألا يمثل هؤلاء «المنتَخَبون» سياسيي الماضي الفاسدين؟. و»المنتَخَبون»، وهم ساسة يتنقلون بين الأحزاب والأطراف المتنافسة، ويفوزن عادة في الانتخابات بسبب ثرائهم وثرواتهم القادرة على جذب عدد كبير من الناخبين بغض النظر عن مواقفهم السياسية.

من ناحية أخرى، ادعى خان أنه سيجتذب الباكستانيين من الخارج للاستثمار في بلاده.وهذا يذكرني بوعد نواز شريف للباكستانيين في الخارج عام 1997، عندما أصبح رئيسًا للوزراء، وكان له تفويض كبير واجتذب شريف 200 مليون دولار فقط مقابل توقعات بمليارات الدولارات. وعندما تعرّضت باكستان لأزمة مالية دولية عام 1997، تم اتهامه أيضًا بسحب الأموال من البنوك الباكستانية، وذلك في سياق تقارير وسائل الإعلام المحلية.

وهنا، هل سيتمكن عمران خان من السيطرة على الأعضاء «المنتَخَبون» في حزب؟ برأيي، سيكون هذا هو التحدي الأكبر لمفهوم خان للحكم الرشيد. الأمل وجيل الشباب الأمل من أجل مستقبل أفضل، هو أمر ضروري لكل إنسان، لكن الأمر يعد أكثر أهمية بالنسبة للشباب الباكستاني فقد حرموا من الفرص من قبل الحكومات السابقة.

وقد أدى نقص الفرص بالكثيرين إلى طلب المساعدة من مصادر غير مرغوب فيها، واستفاد أعداء باكستان من هذا الوضع أيّما استفادة ومن منطلق الإحباط المطلق، وقع البعض فريسة لبعض الأنشطة التحريضية ضد الدولة.

نتيجة لذلك، يرى العديد من «خبراء» مكافحة الإرهاب أن باكستان «دولة فاشلة» في هذا الجانب، لأنها وفرت الذريعة التي تجعل من الشباب المحبط صيدًا سهلًا.

لكن باكستان في الواقع ليست دولة فاشلة، فهي تمتلك موارد هائلة لتصبح دولة نموذجية كما رآها آباء باكستان المؤسسين الأوائل: «محمد إقبال»، و«محمد علي جناح» منذ قرن تقريبًا.

ويدعي خان، أن الآباء المؤسسين الباكستانيين قد حفزوه، فلقد فهم هذا الرعيل الأول عن حق أن الحضارة الحديثة، لا يمكن الحفاظ عليها سوى من خلال توجيهات القرآن والتعاليم النبوية.

وللأسف في باكستان اليوم، اختطفت عناصر رجعية معينة فهم النموذج النبوي.

وباكستان اليوم مستقطبة للغاية باسم هذا النموذج. في رأيي، يتطلب هذا النموذج ببساطة المساءلة والشفافية وسيادة القانون والمشاركة والتجاوب والإنصاف والشمول والكفاءة والفعالية.