1400227
1400227
إشراقات

مناسك الحج والعمرة وأحكامها (1)

26 يوليو 2018
26 يوليو 2018

متابعة: سيف بن سالم الفضيلي -

قال الداعية الشيخ راشد بن سالم البوصافي من دائرة البحوث بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إن الذاهب للحج لا بد له أن يكون على بصيرة وعلم وفقه لأداء ما افترضه الله عليه أداء صحيحا خاليا من الشوائب لكي يتحصل على الحج المبرور الذي ذكر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

وذكر فضيلته أن على الإنسان أن يخلص النية لله تعالى وأن يتخلص من التبعات وأن يرضي والديه ويزور أرحامة وجيرانه ويتسامح منهم كما ذكر جملة من مثل هذه التنبيهات.. جاء ذلك في السلسلة الأولى التي قدمها فضيلته حول «مناسك الحج والعمرة وأحكامها».

شرع فضيلته بداية في القول: إن الله سبحانه وتعالى افترض على عباده الحج وشرع لهم فيه العج والثج فلباه المؤمنون من كل مضيق وفج وأمر خليله عليه السلام بأن يؤذن في الناس مؤذنا هذه البشرية بحقهم ومؤذنا بحقه عليهم في حج بيته الحرام ومبلغا البشرية بالحق الواجب عليهم تجاه خالقهم العظيم تبارك وتعالى الذي خلقهم من العدم وأوجدهم من العدم ووهبهم الحياة وهو قادر على ان ينزعها منهم في أي لحظة.

والله تبارك وتعالى جعل بيته الحرام في واد غير ذي زرع في واد بعيد في منأى لتتجرد هذه النفوس من كل علائق الحياة لتتجرد من أن تقصد هذا المكان للنزهة وما إلى ذلك من رغائب الدنيا جعله في واد بعيد لكي تخلص إليه النيات وتتصفى إليه الأذهان وتقصده القلوب المؤمنة تتكبد إليه المشاق وتضرب إليه أكباد الإبل.

وقال: جعل الله تبارك وتعالى الحج ركنا من أركان الإسلام، ودعامة من دعائمه وافترضه سبحانه وتعالى علينا ولم يجعل هذه الفرضية هكذا مطلقة، بل جعلها مقيّدة بالاستطاعة وهذا من فضل الله تبارك وتعالى علينا بأن ما جعل هذا الحج إلا على القادر المستطيع فمن وجد استطاعة وجب عليه الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وهذا الحج كما قلت هو ركن من أركان الإسلام ودعامة من دعائمه وجاء ذلك البيان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه حينما قال: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) جاء الحج في هذه الرواية على الترتيب في المرتبة الخامسة أي في الركن الخامس، وجاء في بعض الروايات في الركن الرابع.

وجاء كذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا. وهذا الحج كما قلت إنما هو على القادر المستطيع الذي يجد الاستطاعة الكاملة التامة.

وأوضح أن في الحج من الفضل العظيم الذي وعده الله سبحانه وتعالى لعباده الذين يلبون هذه الدعوة من أصقاع هذه المعمورة كما جاء في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» حج ليس له جزاء ولا يقارنه جزاء ولا يوف حقه جزاء إلا الجنة، جنة الله العظيمة. دعوة من الله تجارة رابحة وتجارة لن تبور عنده.

وأشار إلى أن الحج لا بد أن يذهب إليه الإنسان وهو على بصيرة وعلم لكي يتحصل على الحج المبرور ولا سيما في هذه العهود وفي هذه العصور وفي هذه الأزمنة التي لا تسمح للإنسان أن يذهب إلى الحج إلا مرة واحدة وفق نظام مقنن فمن أكرم بقبول ذهابه إلى الحج وسنحت له الفرصة وقبل في هذا النظام كان ذلك كرامة من الله سبحانه وتعالى وفضل فعيله أن يحرص على أداء هذا الحج أيما حرص لأنها الحجة التي تلقى الله تعالى بها قد لا يتسنى لك في ضوء هذه الأنظمة لا يتسنى لك أن تكرر الحج فهذا هو حجك الذي تلقى الله تعالى به يوم القيامة فكن حريصا عليه أنت المسؤول عن كيفية أدائه أنت المسؤول عن كيفية تطبيقه فعليك أن تحرص على أداء الحج حجا صحيحا خاليا من الشوائب وتتوجه بهذا الحج إلى الله سبحانه وتعالى مسقطا الواجب الذي عليك مسقطا الفرض الذي في عنقك لأن الله سائلك عن هذا الركن يوم القيامة.

ولقاؤنا هذا هو اللقاء الأول في هذه السلسلة المباركة ونتحدث فيه عن بعض التنبيهات العامة التي ينبغي أن ينتبه لها مريد الحج وقاصد الحج قبل أن يذهب إلى الحج لا بد أن يتفطن لها لا بد أن يعلمها لا بد أن يلقي لها بالا.

يشير البوصافي إلى أن من التنبيهات: لا بد من توجيه النية الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى في قصد هذا الحج؛ توجيه النية الصادقة الخالصة أن يكون الإنسان مخلصا في عزمه هذا يريد الحج لإسقاط ما افترضه الله عليه ولكي يحظى بالقبول عند الله ولكي يكرم بمغفرة الذنوب التي أثقلته وليتطهر ليلقى الله تعالى طاهرا ويعيش ما بقي له من حياته طاهرا من براثن الذنوب ومن لوثات المعاصي فيتوجه بالنية الخالصة إلى الله سبحانه وتعالى في أداء هذا الحج لا يريد سمعة ولا شهرة ولا ثناء من أحد ولا يريد كذلك بهذا الحج تكثير عدد المرات التي ذهب إليها، يذهب ليحصل على رصيد كبير من الحج، لا يكون همه هكذا إنما الهم والوجهة إلى الله سبحانه وتعالى في أن ينال رضا الله سبحانه وتعالى وينال حجا مبرورا يدخل به الجنة.

ولهذا الإخلاص هو سر بين الإنسان وربه تبارك وتعالى لا يطلع عليه أحد من خلق لا يطلع عليه ملك مقرب ولا شيطان مارد ولا نبي مرسل.

والإخلاص هو توجيه العبادة لله وحده أن يتوجه هذا الإنسان بهذه العبادة لله وحده، لا يشرك معه غيره في هذه العبادة إنما يقصد وجه الله، يقصد ما عند الله «اللهم إني إليك عائد وفيما عندك راغب فتقبلني اللهم بقبول حسن».

ولهذا لا يجوز لأي أحد أن يطعن أخاه في قضية الإخلاص، كأن يقول فلان مخلص وفلان غير مخلص، من هذا الذي يحكم على الناس بعدم الإخلاص من ذا الذي وكل أنه يحاكم الناس بهذا مخلص وهذا غير مخلص، الإخلاص لا يطلع عليه أحد فكيف اطلعت عليه أنت، إلا إذا كان يريد أن يخبرنا ان الإخلاص لا يعرفها إلا الله وهو يريد أن يكون ندا لله في هذه القضية، والله مجاز للعباد على نياتهم وعلى أعمالهم فرب إنسان تحتقره العيون تزدريه النفوس ولكنه عند الله عظيم:

على الأرض منكور

ويعرف في السماء

له مخبر بين الملائك شائع

تراه متى ما الليل عمّد بيته

عمودا على محرابه وهو راكع

يشعشع بالقرآن أنوار قلبه

فعنهن شقت للعيون المدارع

يناوحه همان هم مخافة

وهم رجاء والبرايا هواجع

جبريل عليه السلام يقول للنبي صلى الله عليه وسلم وقد مر رجل من بعيد يا رسول الله أتعرفون ذاك الرجل؟، قال: نعم. نعرفه وأنتم يا جبريل تعرفونه؟ قال يا رسول الله: ما ممن ملك من ملائكة السماء إلا ويعرف هذا.

لا تلتفت إلى الناس عليك أن تتصل بالله سبحانه وتعالى بقلبك وأن توجه العبادة إليه سبحانه وتعالى.

شرطان للقبول

ومن التنبيهات التي يجب على الإنسان أن يعلمها في جميع عباداته ان الله سبحانه وتعالى اشترط لقبول عمل هذا الإنسان شرطين اثنين «فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً»

الشرط الأول ان يكون العمل صالحا في أي عبادة من العبادات في صلاة في صيام في زكاة في عمرة او في أي عبادة من العبادات ان يكون العمل صالحا في نفسه ولا يكون العمل صالحا إلا إذا كان موافقا لشرع الله سبحانه وتعالى.

فإذا اختل هذا الشرط لم يقبل هذا العمل فلا بد من تحري الصحة أي ان يكون العمل صالحا.

الشرط الثاني الإخلاص لله تبارك وتعالى «ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» ومعنى ذلك الإخلاص لله سبحانه وتعالى في هذه العبادة وتوجيه هذه العبادة لله سبحانه وتعالى.

إذا اختل أي شرطين من هذين الشرطين لا تقبل هذه العبادة.

الحقوق والواجبات

كذلك عليه أن يتخلص من التبعات التي عليه سواء بالحقوق التي عليه والواجبات ليتخلص أن يوفِ نذوره وأن يكفر إيمانه وان يؤدي عهوده، فمن كان عليه نذر فليوفِّ بهذا النذر قبل أن يذهب الى الحج إن كان هذا النذر حالاًّ عليه أن يؤديه ولا يؤجله إذا تحقق ما علّق عليه النذر ومن كانت عليه كفارات عليه أن يؤدي كفاراته (مغلظة أو مرسلة) كفارة يمين أو كفارة إيلاء أو كفارة عهد مع الله.

عاهد الله تعالى ألا يرتكب شيئا فارتكبه؛ هذا يوجب عليه كفارة العهد وكفارة العهد كفارة يمين لأنها اقترنت بالأيمان، (ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثممنا قليلا). قال العلماء بأن هذه فيها «دلالة الاقتران» أن يقترن المنصوص عليه بغير المنصوص عليه فيعطى حكمه بعد ذلك:

وبعضهم أعطى القرين مثلما

أعطى قرينه من الحكم اعلما

فقال كثير من العلماء بكفارة العهد لأنها كفارة يمين مرسل، فليؤد ما عليه.

كذلك عليه أن يوثّق الحقوق التي عليه كالديون التي عليه في وصيته ولكن ماذا يكتب في هذه الوصية؟، الوصية ليست من أجل الحج الأصل في المسلم - ألا يبات ليلتين إلا ووصيته مكتوبة تحت رأسه- كما دل على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الوصية في حق المسلم تتأكد إذا أراد أن يذهب إلى سفر بعيد أو سفر إلى مكان فيه مضنة هلاك -عياذا بالله- أو الموت أو عدم الرجوع، فهذا الإنسان تتأكد في حقه أن يكتب الوصية ولكن ماذا نكتب في هذه الوصية؟

نكتب في هذه الوصية شيئين (الحقوق التي نوصي بها من حر أموالنا) الوصية للأقربين كذلك الوصية للأعمال الخيرية وما شابه ذلك.

والقسم الثاني: كتابة الحقوق التي عليه للناس أو الحقوق التي لله تعالى إذا لم يستطع أداء هذه الحقوق. من كان عليه حق لله تبارك وتعالى لم يستطع أداءه نسيه الآن بحمد الله الإخوة الكرام وضعوا هذه التنبيهات في بداية هذه الدروس، والدروس في وقت مبكر يتسنى للإنسان الآن، عندنا وقت، أن يتفادى ويتدارك بعض الأشياء، لكن هنالك بعض الحقوق قد لا يستطيع أو لا ينتبه لها إلا في أواخر أيامه قبل أن يسافر فهنا يوثقها في وصيته إن كان عليه صيام، أو كفارات، أو نذور، حتى من كان عليه القضاء إن كانت المرأة عليها القضاء من أيام رمضان أو إنسان عليه قضاء من أيام رمضان لعذر شرعي أفطر في رمضان وعليه بعد ذلك القضاء بعد رمضان إلا أنه لم يسعفه هذا الأمر فهذا القضاء واجب عليه وهذا دين لله عليه، فليسجله، لأن النبي عليه وآله وسلم يقول في الحديث الثابت: (من مات وعليه صيام صام عنه وليّه) وكيف يصوم عنك الولي وهو لا يعلم؟.

هذه الوصية نسجل كذلك ما علينا من صيام من قضاء صيام لم نستطع إدراكه.

بعد أن يؤدي الإنسان هذه الحقوق ويوثق كذلك ما عليه من الديون ويشهد على هذا التوثيق.

ترضي الوالدين

ومن التنبيهات: الإحسان إلى الوالدين وإلى الأرحام وإلى الجيران وإلى أهل البلد، فالإحسان إلى الوالدين بأن يستريضهما وأن يطلب رضاهما وأن يحسن إليهما أن يبرهما لا يذهب الإنسان وعليه هذه التبعات لا يذهب وهو عاق لوالديه لا يذهب وهو لم يحسن إلى والديه اللذين ربياه صغيرا اللذين كانا سببا في وجوده في هذه الحياة، وليتواضع لوالديه ولا يتكبر عليهما:

والمرء لا يستكمل الإيمانا

إذا رأى لنفسه أثمانا

من لم ينل حظا من التواضع

يرمى به في أسفل المواضع

نحسن الى والدينا وان نبرهما ونتواضع لهما وان نخفض لهما الجناح فكفانا كبرا وكفانا تعاليا لمن أحسنوا إلينا.

كذلك يصل أرحامه، صلة الأرحام من الواجبات الشرعية على المكلّف هي ليست من الأمور التكميلية أو النوافل هي من واجبات صلة الأرحام ينبغي الإنسان ان يتقصى أرحامه وان يتتبع أرحامه وان يسأل عن أبناء عمه عن أرحامه أن يتقصاهم وأن يحسن إليهم وأن يبرهم ويصلهم صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك وأحسن إلى من أساء إليك:

وصلة الأرحام فرض وجبا

وهو الذي يلقي إليك نسبا

ولم يكن بينكم أجداد

أربعة قد فصلوا أو زادوا

كذلك يحسن الى الجيران، بأن يسلم عليهم ويودعهم، وكذلك يحسن الى أهل البلد ولا سيما جماعة المسجد الذي يصلي معهم ليل نهار، فجأة يفتقدونه أين فلان؟ يتفاجأون بأنه في الحج ظنا منه أنه عندما يفعل ذلك يعتبر من الإخلاص.

التوسع في السفر

ومن التنبيهات التي ينبغي للإنسان ان ينتبه لها ان يوسّع على نفسه في سفره من المال بأن يأخذ مالا كفاية في سفره لا يأخذ فقط لأشيائه التي لا بد منها لأجرة المقاول وللهدي وللمأكل والمشرب فقط وبعد ذلك إذا وقع في أمر من الأمور ضاقت عليه الأرض بما رحبت لو ان أخا له في الحملة أصيب أو عرض له أمر وفقد ماله هذا لا يستطيع فتراه يتوارى عن الأنظار حتى لا يقال له ادفع او ساهم معنا، لماذا لأنه لا يأخذ إلا ما يوجد في الورقة والقلم، ما كتبه القلم على الورقة.

والإنسان أن يوسع قليل ان يأخذ مالا كفاية تزكو نفسه وأخلاقه وتتهذب معاملته يعرض نفسه لإخوانه من احتاج مالا يعينه.

وان يوسع على أهله الذي يخلفهم في بلده ويترك مالا احتياطيا لهم خشية ان يقع اهله في حاجة ويلجأهم الى سؤال الناس وقرع الأبواب.

كذلك عليه ان يتخير النفقة الحلال لا يذهب بالنفقة الحرام في حجه كونه مانعا من موانع قبول الحج «ان الرجل إذا خرج حاجا بالنفقة الطيبة ووضع رجله في الغرز وقال لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء أن لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور» هذا في بداية التلبية يبشر، «وان الرجل إذا خرج بالنفقة الخبيثة ووضع رجله في الغرز وقال لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء أن لا لبيك ولا سعديك زادك حرام وراحلتك حرام وحجك مأزور غير مأجور».

تخيّر الرفقة

تخير الرفيق الصالح، فالرفقة والصحبة الصالحة التي تعينك على العمل الصالح التي تسمعك القول الصادق والعلم النافع والنصيحة البالغة، الرفقة التي تشغلك بعيوبك عن عيوب غيرك.

والعلماء قد اختلفوا فيمن يصاحب الإنسان، فذهب منهم الى ان الإنسان يصاحب الأقارب من الناس من أهل قريته ومجتمعه لأنه أرأف به وأحن إليه وأكثر اعتناء به، وذهب بعض العلماء الى القول بأنه يصاحب الأباعد من الناس وذلك ادعى لصفاء نفسه وصفاء صفحته لان هؤلاء الأباعد لا يعرفون ماضيك، انت أتيت تائبا الى الله، أهل بلدك يعرفونك بعض الناس قد يتلفظ تلفظات يرى هذا الإنسان تائب الى الله تدمع عيناك، فيلمزه ءالآن وقد عصيت قبل، فيذكره بماضيه، لا يعينه أو قد يتلفظ بكلمة يرجع ينتكس بسببها ذلك الإنسان على أم رأسه.

وذهب بعض العلماء الى التفصيل؛ قالوا إن كان هذا من أهل العلم والفضل، فأهل بلده أولى به بالانتفاع منه، وعليه أن يحسن الى أهل بلده أولا لتكون له الكلمة غدا سيحضرون دروسه سيحضرون مواعظه سيسمعون توجيهاته لأنه أحسن اليهم رباهم علمهم أفتاهم أعانهم في الحج. وهذا ادعى للانسجام والاستماع لقوله.

وأما إذا كان هذا ليس من أهل العلم فله أن يذهب عند الأباعد من الناس على حسب التفصيل الذي تم ذكره.

التفقه في الدين

ومن التنبيهات كذلك، على الإنسان ان يكون الإنسان على علم بالأحكام الشرعية فعليه ان يتفقه في دين الله ليس فقط في أحكام الحج فأحكام الحج هناك وهنا ستلقى وسيحصل الإنسان على دروس كافية قبل ذهابه وأثناء الذهاب ووقت الذهاب ووقت الوصول وأداء المناسك من فضل الله تعالى علينا ان مناسك الحج جاءت منفصلة يؤدي العمرة وبعد ذلك أياما يشرح لهم الحج حتى اليوم الثامن ثم يعطون تنبيهات لليوم التاسع وهكذا في اليوم الحادي عشر تنبيهات وما شابه ذلك، فكل نسك يريد ان يقدم عليه يحصل على كمية كافية من العلم، لكن لا بد من معرفة الأحكام الأخرى المتعلقة كذلك بالسفر، فبعض الناس يسافر الى الحج ولا سيما من بعض النساء الكبيرات في السن طوال الرحلة تصلي أربع ركعات لا تدري المسكينة فهي لم يسبق لها أن سافرت فتصلي أربع ركعات في كل صلاة من الصلوات الرباعية تصلي أربع ركعات ومتى وصل الخبر في اليوم العاشر أو الحادي عشر، ماذا على هذه المرأة المؤمنة؟:

ومن أتم وهو في حال السفر

عليه أن يبدلها قول شهر

عليها أن تعيد تلك الصلوات كان لا بد من معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالسفر، كذلك الأحكام الشرعية المتعلقة بالمكان الذي هو فيه في مناسك الحج هنالك بعض الأحكام الشرعية كأركان وشروط وسنن، لكن هناك بعض المسائل التي يقع فيها الناس، فإذا وقعت في مسألة من المسائل لا تعرف حكم الله عليها لا بد أن تسأل لا تقدم على أمر حتى تعلم حكم الله فيه، أنت لست معذورا أنت الذي تبحث عن العلماء أنت المأمور، فقولك إنك لا تعرف وفعلت ما فعلت بهذه الحجة، الله تعالى أوجب عليك أن تسأل أهل العلم فقد يسبب لك هذا الأمر فسادا للحج وقد يسبب لك وجوب دم عليك أو إصلاح شيء من الأمور.

وعليك أن لا تسأل أي أحد وإنما تسأل صاحب دين وعلم، وأن يحذر الإنسان من أن يفتي الناس من تلقاء نفسه، لأنه ليس مؤهلا للفتوى وهناك من هم أهل للفتوى ممن سخرتهم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ضمن بعثة الحج العمانية.

ركعتا الوداع

من التنبيهات كذلك، ما يسأل الكثير من الناس عن صلاة ركعتين لوداع البيت، ما القول فيها هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم والخلاف ناشئ من الحكم على الحديث فذهب بعض العلماء إلى القول بصحة الحديث وذهب بعض العلماء إلى القول بتحسينه وذهب بعض العلماء إلى القول بضعف هذا الحديث الدال على الركعتين اللتين يصليهما الإنسان إذا أراد أن يسافر للحج.

فالذين قالوا بصحته قالوا بمشروعيتهما، والذين قالوا بحسنه قالوا إن هاتين الركعتين لا يختصان لسفر الحج وإنما لكل سفر طويل، وذهب بعض العلماء الى القول بعدم ثبوت الدليل الدال عليهما وبما أنه لم يثبت فلا داعي لأن يلزم الناس بشيء لم يطالبهم الشرع به إذ إن ذلكم الدليل لا تقم به الحجة.

وعلى كل حال فهذا هو الذي يصححه كثير من العلماء ركعتا وداع البيت لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعدم ثبوت الدليل الدال عليهما ومع ذلك لا يمنع الإنسان إن كان لا يقصد هذه السنة أو هذه الرواية بعينها إنما أراد أن يودع بيته وأن يحسن إلى بيته أو يصلي ما شاء فيه فهذا مما لا يمنع منه الإنسان.