humdah
humdah
أعمدة

علميني السعادة

22 يوليو 2018
22 يوليو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

جاءت دعوتها لي بأسلوب أثار فضولي ودهشتي الشديدة فلم أستطع فضها، فقد أرادت أن أعلمها (السعادة) كما وضعتها، استمعت لها بإنصات شديد وتقاذفتني مشاعر متناقضة من الألم والغضب في آن معا وأنا أستمع لها تحكي مشكلتها، ألما من حجم ألمها وغضبا منها وأنا أستمع إلى حجم المعاناة التي سمحت لنفسها أن تعيشها بدون أي سبب، سوى قسوتها الشديدة على ذاتها، ومطالبة نفسها بالمزيد والمزيد من الإنجاز والعطاء، ورغم ذلك لم تشعر بأنها تعمل بما فيه الكفاية.

أمامي كانت تجلس امرأة استثنائية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، أم مثالية كشفت عنها وهي تحكي لي عن أبنائها وأسلوبها في تربيتهم التي أنتجت شبابا مُجيدين جدا، معتدين بذواتهم، على درجة عالية جدا من الاستقلالية والوعي على صغر سنهم، وربة بيت مثالية حملت عبء البيت كاملا على عاتقها بسبب انشغال زوجها خارج البيت، وطبيعته الاتكالية واللامسؤولة إلا حد ما.

كل هذا وهي تتولى وظيفة قيادية في إحدى أهم الوزارات من حيث طبيعة عملها بالطبع، قائدة من نوع فريد، سخرت حياتها المهنية من أجل التنمية المؤسسة وتنمية فريق العمل الذي يعمل معها.

قارئة من نوع فريد تتميز بوعي روحي عال وحس مجتمعي، أجزم بأن ملايين النساء حول العالم مستعدات لأن يبادلنها مكانها.

لم أجد أي سبب يدعوها أن تطلب من واحدة مثلي أن تعلمها ما كنت أشعر بأنها تستطيع تعليمه لي ولغيري، فلديها شعور فطري بالامتنان.

لا سبب سوى قسوة شديدة على الذات، مثلها مثل مئات النساء اللائي التقيت بهن في الآونة الأخيرة من خلال عملي مع النساء في مختلف الأنشطة الاجتماعية، واللائي يعملن على مدار اليوم وفي كافة الأصعدة والمجالات وما زلن يعتقدن بأنهن لم ينجزن شيئا، وأقارنهن بأشقائنا الرجال الذين يحتفون بأبسط الإنجازات وكأنهم اخترعوا الذرة، لا عجب أن تظل المرأة تحت سيطرة الرجل فلا وقت لديها للنظر للأعلى في ظل انشغالها بإيجاد وسائل للانغماس أكثر وأكثر في العطاء الذي غالبه غير مقدر وغير معترف به.