1398579
1398579
المنوعات

المتحف المصري الجديد يقرّب كنوز توت عنخ آمون من الأهرامات

21 يوليو 2018
21 يوليو 2018

القاهرة- «د.ب.أ»: يبدو المشهد رائعا من أعلى المباني الهامة في مصر، حيث ينتصب شامخا هرم خوفو العظيم، أحد عجائب الدنيا السبع القديمة، الذي تهيمن أضلاعه على حدود الصحراء ذات الرمال القائظة منذ أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة عام، ليشرف من عليائه على النيل الخالد وبعض أجزاء من القاهرة المترامية الأطراف.

على مسافة كيلومترين من الهرم الكبير، يهرول أشخاص في كل مكان، يرتدون صدريات صفراء، يسابقون الزمن للانتهاء من أعجوبة جديد من عجائب الدنيا الحديثة. يرتفع بوق مقطورة ترجع إلى الخلف ليدوي في جميع أنحاء الموقع حيث شارف على الانتهاء نصف منشآت المتحف المصري الكبير، الذي سيضم مجموعة من أهم الكنوز الثقافية التي عرفتها البشرية، لكي يسهم في تقريب كنوز الفرعون الصغير توت عنخ آمون من أهرامات الجيزة.

هذا العام، على الأقل وفقا للخطة الرسمية، ستفتح صالات العرض بقطع من الأثاث الجنائزي لحجرة دفن الفرعون الصغير توت عنخ آمون، فضلا عن نصب سلالم ضخمة لعرض العديد من التماثيل القديمة. في الواجهة الخرسانية توجد أكوام من الرمال المتراكمة حيث يمكن أن ترى أسفلها الأنابيب والكابلات التي تمر تحت الأرض. على جميع الجوانب توجد سقالات والمبنى مغطى جزئياً بإطار من الفولاذ.

وعلى الرغم من وجود تمثال لرمسيس الثاني في بهو المدخل الضخم، بدلاً من النظر إلى الدرج الضخم الذي يؤدي إلى صالات العرض، يمكن النظر إلى التمثال العملاق الذي يبلغ ارتفاعه 11 مترًا، و المنشآت لم يكتمل سوى نصفها. هل المتحف جاهز بالفعل ليتم افتتاحه هذا العام؟ يقول طارق توفيق مدير المتحف المصري الكبير، «الأعمال في المتحف تتم وفقا للخطة، لكن يجب أن يكون ذلك ممكنا»، لكن يبدو أنه متردد إلى حد ما، حيث يضيف أنه إذا لم يتم في النهاية إتمام الافتتاح الجزئي خلال العام الجاري، فسيكون في بداية العام التالي، مؤكدا أنه بحلول عام 2022، سيكون المتحف المصري الكبير قد أنجز بالكامل. وفي هذه الحالة سيكون هذا مجرد تأجيل آخر مثل المرات الكثيرة التي حدثت منذ وضع اللبنة الأولى في المشروع عام 2002، قبل وقت طويل من الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك. في المجمل، سيتكلف البناء، مليار دولار بتمويل ياباني.

لكن في النهاية، كان الانتظار والتكاليف يستحقان العناء: لأنه لأول مرة في التاريخ سيكون لهذه الكنوز الرائعة المساحة الكافية، بعد أن ظلت مكدسة حتى الآن بشكل غير مقبول في المتحف المصري في وسط القاهرة. ولكن الآن سيتم استبدال هذا النمط المعتاد من أفلام مغامرات إنديانا جونز بمعرض حديث. يتيح المبنى الجديد، احتواء كل قطعة معروضة، من أصغر القرابين الجنائزية الصغيرة إلى تماثيل ضخمة من الجرانيت، في سياق تاريخي متكامل. وهذا ينطبق أيضًا على قلب المتحف المصري الكبير، الذي يتمحور حول مقتنيات الفرعون توت عنخ آمون، الذي تم اكتشاف مقبرته عام 1922 على يد الأثري البريطاني هوارد كارتر في الأقصر، حيث يوضح توفيق قائلا: «نريد أن نقدم الشخص الواقف وراء القناع الذهبي».

لهذا يستعين مدير المتحف بمساعدات خارجية، حيث قام الاستوديو الألماني «أتيلير بروكنر» بتصميم قاعة عرض الفرعون. تقول المديرة المسؤولة، شيرين فرانجول-بروكينر: إن رؤية التصميم لا تقتصر فحسب على إتاحة القطع الأثرية، ولكن يركز أيضًا على إبراز محتواها، موضحة: «لتحقيق هذا الرؤية تتوافر لدى المصممين أفضل الظروف وقاعات عرض ضخمة، تفوق في مساحتها حظيرة الطائرات».

على سبيل المثال، تبلغ مساحة إحدى قاعات العرض المخصصة لمحتوى غرفة الدفن بمقبرة توت عنخ آمون، 230 مترا، حيث يؤكد مدير المتحف أن الأمر يتطلب توفير أكبر مساحة ممكنة تكفي لعرض 50 ألف قطعة بصورة دائمة، عندما يتم الانتهاء من الإنشاءات تماما وافتتاح المتحف- أكثر من نصفها لم يسبق عرضها للجمهور من قبل- موضحا أنه بمساعدة التكنولوجيا سيكون متاحا لأكثر من 15 ألف شخص مرافقة الفرعون الصغير في حياته بعد الموت، فيما سوف يوضع فوق رأسه منحوتة مضيئة تصور «طريق الشمس» أو «Path of the sun». ولا يمكن إنجاز هذه المهمة بدون الاستعانة بخبرات الدكتور أسامة أبو الخير، مدير عام شؤون الترميم بالمتحف المصري الكبير، الذي أكد أن جميع معامل مركز الترميم بالمتحف تعمل بأحدث وسائل التكنولوجيا المتطورة، مؤكدا: «نسابق الزمن للانتهاء من ترميم جميع القطع الأثرية لمقتنيات الملك توت عنخ آمون، تمهيدًا للافتتاح الجزئي خلال العام الحالي».

كما ساهم أبو الخير في مهمة لا تقل خطورة وهي نقل هذه الكنوز الثقافية إلى بيتها الجديد. كما يوضح أبو الخير أن صعوبة المهمة تكمن في «عدم استواء الطرق، وهذا قد يمثل مشكلة بالنسبة للقطع الثقيلة، والتي يصل وزن بعضها إلى ثلاثين طنا، وأي كاسر سرعة قد يتسبب في تضررها». تنفذ عملية النقل شركة متخصصة، ومع ذلك قد يستغرق نقل قطعة واحدة ثلاثة أيام، على الرغم من أن المسافة التي تفصل المتحف المصري القديم الواقع بميدان التحرير، وسط القاهرة والمتحف المصري الكبير بمنطقة الهرم لا تتجاوز 20 كيلومترا، حيث يتعين على الشاحنات عبور النيل للوصول إلى الجيزة عبر شوارع وطرق ضيقة ومزدحمة، ولا تخلو من المطبات، لكي تصل بأمان إلى مقرها النهائي في القاعات الفسيحة في المقر الجديد. ومع ذلك يؤكد أبو الخير أنه حتى الآن وصلت جميع القطع والمقتنيات بسلام.