lama
lama
أعمدة

ذات: اضبط إرسالك واستقبالك

18 يوليو 2018
18 يوليو 2018

لما مصطفى دعدوش -

[email protected] -

الحياة هي سماء من النور القادم إلى قلبك فأحسن استقباله وإرساله، الحياة محطات إرسال واستقبال في كل جنباتها، منذ نعومة الأظفار إلى نهاية الحياة، أنت كل يوم تستقبل الكثير من الرسائل والإيماءات والإيحاءات السلبية والإيجابية بشكل مباشر وغير مباشر، فتؤثر فيك وتتحكم بردود فعلك وانفعالاتك.

لعله من الهام جدا معرفة ومراقبة ما يرسل إلينا وما يتم استقباله من قبلنا، لأنه يؤثر وبشكل كبير على ما سنرسل نحن بدورنا، فمن الهام ضبط الإرسال والاستقبال، لأنك بهذا تضبط ما سيكون في حياتك من أحداث ومجريات، بعد ذلك عندما تسمع الأخبار السيئة أو الكلمات السلبية أو الأمور المزعجة فقط، فأنت قد فتحت لها باباً لتدخل إلى كيانك ومشاعرك وتسكن ذاكرتك وتعيش في لا وعيك، وهنا أنت قد أعطيتها السماح بالتأثير السلبي عليك وعلى نفسيتك وجسدك أيضاً، ومعلوم الأثر النفسي على الأعضاء الجسدية، فمعظم الأمراض العضوية أسبابها نفسية.

لذلك يجب مراقبة الواردات ورسائلها المباشرة والخفية، لأنك بذلك تضع سوراً محيطاً يضمن لك نوعية وماهيّة ما يرد ويدخل إلى نفسك وروحك وعينيك وقلبك، تعد الحواس أول وأهم مرشّحات الدخول، حيث ترد الأحداث والأصوات والصور إليها في بوابة أولية، ثم يتم استقباله من باب أدق وأعمق، وهو باب معتقداتنا وخبراتنا السابقة عن هذا الضيف، فيدخل في ممر جديد قبل إصدار تصورنا الذاتي عنه.

ومن الجدير بالذكر أن حقيقة هذه الرسائل والصور والأحداث والمواقف والأشخاص قد لا تكون كما الصورة التي سنكونها ونعتمدها عنها، وذلك لأنها قد رسمت ولونت بخطنا وألواننا نحن، إذاً هي ليست الحقيقة وإنما هي صورتنا نحن عن هذه الأشياء، أي بمعنى (تصورنا نحن له ) وهذا طبعا يفسر اختلاف الأشخاص في آرائهم حول الأشياء، وذلك تبعاً لاختلاف التصورات الداخلية الذاتية عنها.

وهنا يبدو أهمية الوعي الذاتي والإدراك الذاتي لما في الداخل وما دخل إليه من الخارج، فأصواتنا ونظراتنا وكلماتنا وكل سلوكياتنا متأثرة وبشكل كبير بما في دواخلنا، ومرتبطة من ناحية أخرى بما قد استقبلنا، ومن ثم تلك المعادلة النهائية التي ستخرج الصورة والتصور الذاتي عنها، وبالتالي ستكون سلوكياتنا وردود أفعالنا مرتبطة بذلك التصور، و هنا تظهر أهمية الحمية الفكرية التي ستحمي ذلك الجسد وتلك النفس من مضاعفات وأحداث ومشاعر نستطيع اجتنابها والتحرر منها عندما نقوم بعملية الضبط، أي ضبط الاستقبال لنتمكن من ضبط الإرسال. إنّ استقبال الهدوء الصباحي والتفاؤل سينتج ارتياح وهدوء نفسي، وإقبال على الحياة بنشاط وسعادة، وبالتالي ستكون مستعداً لتقبل الواقع وحل مشاكله وتطويره للأفضل، السبب هو حسن استقبالك لما يفيدك ويسعدك. بعض الناس تستقبل صباحها بالتلفاز والأخبار المحزنة التي تدمي الفؤاد، وبعد فترة من المداومة عليها تجد نفسها كئيبة حزينة غير متحمسة لأي شيء مهم أو فعّال أو مفيد، وذلك أن الشحنات السلبية في الأخبار وصورها قد صنعت طبقة كبيرة من المشاعر السلبية المحزنة التي تعكر صفو الذهن وتجعله غير قادر على التفكير بشكل صحيح، فيصبح أسير الحزن والأسى وتقل فاعليته وإنتاجه. ويختلف الحال عند من يبدأ صباحه بالتفاؤل والبشر وقراءة آيات من كتاب الله لتعطيه السكينة الروحية من التواصل القلبي مع الخالق والشعور الجميل بعون الله تعالى له ودعمه ورزقه وعطائه ومدده، فيقبل على الحياة بروح قوية جميلة ترى الجمال لأنها قد بدأت نهارها بالجمال فاستبشرت به، فترى الخير و تقبل عليه. آلية الاستقبال و الإرسال من الآليات الهامة في ضبط مسار الحياة لواقع أفضل وإنتاج أكبر وإنسان أكثر فاعلية وعطاء وإنجاز.