1391024
1391024
عمان اليوم

دراسة حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على سلوكيات الطفل العماني

14 يوليو 2018
14 يوليو 2018

86 % نسبة الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت بالسلطنة -

حصل الصحفي خالد بن علي بن سيف الخوالدي على درجة الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول في وجدة بالمملكة المغربية بدرجة «مشرف جدا» مع التوصية بطباعة البحث، وشهادة شكر وتقدير من الجامعة وهي أعلى شهادة تمنحها الجامعة؛ وذلك لدراسته «استخدامات الطفل العماني لمواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على سلوكياته الاجتماعية».

أهداف الدراسة

يكتسب موضوع الدراسة أهمية خاصة في الوقت الراهن على ضوء أهمية دراسة القيم والاتجاهات التي يتبناها الطفل العماني من خلال متابعة مواقع التواصل الاجتماعي وتأثير ذلك على الهوية العربية بصفة عامة والهوية العمانية بصفة خاصة، وتزداد أهمية دراسة تأثير هذه المواقع حيث إن الطفل يختار بإرادته المواقع مما يجعل عامل الاختيار بالأساس يعكس نوعا من التأثر. وقال الباحث: إن مرحلة الطفولة تعتبر حلقة عمرية تتوقف عليها مراحل النمو الأخرى في المستقبل حيث يتم خلالها إرساء الأسس التي يقوم عليها بنيان شخصية الطفل ومده بقيم واتجاهات تحدد طبيعة سلوكه في مقتبل حياته، وتعد مرحلة الطفولة المتأخرة من (11-18) سنة، من المراحل العمرية المهمة التي يتضح فيها تأثير ما تعرض له الطفل من مضامين مختلفة خلال مراحل تكوينه الأولى في تشكيل شخصيته مستقبلاً وأسلوب تفاعلها مع المجتمع بقيمه وثقافته؛ لذا تعتبر دراسة الطفولة جزءاً من الاهتمام بالحاضر والمستقبل معاً. وتهدف الدراسة أيضا إلى التعرف على تأثير التعرض لمواقع التواصل الاجتماعي بما تحمله من قيم ومضامين وسلوكيات في تشكيل اتجاهات الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة عند تفاعله مع الأحداث والمواقف المختلفة في الواقع الفعلي.

النتائج العامة

أوضحت الدراسة أن نصف عينة الدراسة وصفت مهارة استخدامها للشبكة العالمية «الإنترنت» بالمستوى المتقدم وذلك بنسبة (50.8%) يليها المستوى المتوسط بنسبة (36%) والمستوى المبتدئ بنسبة (13.2%) ويعزى هذا إلى المستوى الكبير والمتقدم الذي وصل إليه طلاب المدارس في السلطنة في استخدام الشبكة العالمية (الإنترنت) حيث يتم تعليم الطلاب من الصفوف الأولى على استخدام الشبكة العالمية كما يتم تكليف الطلاب بالبحث عن بعض المعلومات عبر الشبكة وإعداد بحوث قصيرة وتقارير دراسية كأنشطة إضافية يتم احتساب درجات علمية على من يقوم بتوفيرها سواء من خلال الكتب أو من خلال الشبكة العالمية (الإنترنت) وفي الأغلب يتم الاعتماد على الشبكة لتوفر المعلومات بكثرة وسهولة نقلها والاستفادة منها أكثر من الكتب والوسائل المعرفية الأخرى، كما أوضحت الدراسة تميز الإناث بمستوى متقدم في استخدام الشبكة العالمية (الإنترنت) أكثر من الذكور.

وأشارت الدراسة إلى المصدر الذي اكتسبت منه عينة الدراسة مهارات استخدام الإنترنت، واتضح أن البيت هو المصدر الأول بنسبة (40.8%)،يليه التعلم الذاتي بنسبة (36.3%)، ثم المدرسة بنسبة (16.8%)، وأخيرا جاء الزملاء أو الأصدقاء بنسبة (6%). وأوضحت أن المصدر الرئيس لاكتساب مهارة استخدام الإنترنت للطلاب الذكور هو البيت عن طريق الوالدين أو الإخوة، وبالنسبة إلى الطالبات فإن مهارتهن اكتسبنها عن طريق التعلم الذاتي، وأكدت النتائج العامة للبحث أن نسبة من يستخدمون وسائل الإعلام الجديدة من الطلبة نسب مرتفعة جدا حيث بلغت نسبة من يتصفحون الإنترنت (86%)، وأن نسبة من يتصفحون الإنترنت من الإناث أعلى من الذكور حيث بلغت (51.8%) بينما بلغت نسبة تصفح الإنترنت بين الطلبة الذكور (48.2%). كما كشفت الدراسة أن الهاتف الذكي هو الوسيلة الأكثر تفضيلا لدى عينة الدراسة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة(65.7%)، بالإضافة إلى الهاتف المحمول العادي الذي جاء ثالثا بنسبة (19%)، أما الوسيلة التي جاءت في المرتبة الثانية هي الحاسوب المنزلي بنسبة(30.2%) وجاء الجهاز اللوحي رابعا بنسبة (18.3%) وتعبر هذه النسبة عن مشاركة أفراد العينة لغيرهم في محيط الأسرة على سبيل المثال في امتلاك تلك الوسائل، أما أقل الوسائل استخداما من قبل أفراد العينة فكان الحاسوب المدرسي بنسبة (10.3%) ولعل ذلك يرجع إلى الأغراض التعليمية من توفير أجهزة الحاسب الآلي في المدرسة والتزام الطالب بحصص تعليمية مقننة أثناء اليوم الدراسي ومدى استخدام عينة الدراسة لعدد من مواقع التواصل الاجتماعي بين دائما وأحيانا ولا أستخدمها، ويمكن ملاحظة أبرز النتائج كالآتي: في بند الاستخدام الدائم واليومي يتضح أن أفراد العينة يستخدمون الإنستجرام (Instagram) بصورة دائمة أكثر من المواقع الأخرى بنسبة بلغت (46.7%)، أما في بند أحيانا والمقصود به الاستخدام في غضون 2- 6 أيام فقد اختارت عينة الدراسة يوتيوب (You Tube )بنسبة (39.2%).

وأشارت الدراسة إلى أن (36.3%) من أفراد العينة يقضون أقل من ساعة في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي، بينما يقضي (29%) من أفراد العينة من ساعة إلى أقل من 3 ساعات في التصفح، و(14.2%) يقضون من 3 -5 ساعات على شبكات التواصل الاجتماعي، أما (20.5%) من أفراد العينة فيقضون أكثر من 5 ساعات في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي.

كما أظهرت الدراسة الدوافع وراء استخدام عينة الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي، وظهر أن (53.3%) منهم يقبلون عليها نظرا لسهولة استخدامها، يليها مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي بنسبة (36.8%) حيث أصبح متاحا بوفرة في الوقت الحالي ومن الصعب البقاء في معزل عنه، وأخيرا انخفاض تكاليف استخدام تلك الوسائل؛ كونها في متناول جميع فئات المجتمع على اختلاف ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية،كما كشفت الدراسة الأسباب التي تقف وراء استخدام عينة الدراسة لمواقع التواصل الاجتماعي وجاء أولها البحث عن المعلومات بنسبة (43.5%)، يليها الترفيه عن النفس بنسبة (28.2%)، أما الأطفال الذين يستخدمون تلك الوسائل للتواصل مع الزملاء والأصدقاء فقد بلغت نسبتهم (22.2%)، وأخيرا جاء الاستفادة من آراء الآخرين بنسبة (6.2%) ونظرا لأن المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي تتطلب تسجيل الدخول إليها وبعض البيانات عن المستخدم الذي يكون أمام خيارين هما: التسجيل باسمه الحقيقي، أو اختيار اسم مستعار يعبر عنه أوضحت الدراسة أن أكثر من نصف عينة الدراسة ليس لديها تحفظ على التسجيل باسمها الحقيقي وهذا ما عبر عنه (56.8%)، مقابل (43.2%) الذين يستخدمون أسماء مستعارة في تسجيلهم، وفي مقارنة حسابية بين الذكور والإناث نجد أن إقبال الذكور على التسجيل بالاسم الحقيقي أكبر من إقبال الإناث حيث يقبل (215) ذكرا على التسجيل باسمه الحقيقي مقابل (162) أنثى لا تسجل باسمها الحقيقي وهذا يرجع لطبيعة المجتمع العماني وعاداته وتقاليده بحيث نجد بعض الفتيات تتحفظ على ذكر اسمها الحقيقي أو أحد من أفراد عائلتها ولا تقوم بالتسجيل باسمها الحقيقي في مواقع التواصل الاجتماعي ويعتقد الكثير أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير على العلاقات الاجتماعية، وقد أكدت الدراسة على أن أفراد العينة يرون أن هذه المواقع لم تؤثر أبدا عليهم بنسبة (65.8%)، أما (23.2%) من المبحوثين عبروا عن التأثير الإيجابي حيث صقلت هذه الوسائل مهارات التواصل الاجتماعي لديهم، بينما وجد (11%) من أفراد العينة أن تلك الوسائل جعلتهم انطوائيين ولا يحبون الناس كونهم يقضون جزءا كبيرا من وقتهم في عزلة عن محيطهم الخارجي، وهذه من أبرز السلبيات المحسوبة على وسائل التواصل الاجتماعي ويحرص الكثير من التربويين والأسر كذلك على معرفة مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المستوى الدراسي للأطفال، ومن الملفت للنظر في هذه الدراسة أن نصف أفراد العينة أشاروا للتأثير السلبي لتلك المواقع على التحصيل الدراسي لهم، بينما رأى (25%) منهم عكس ذلك، وأن لتلك المواقع تأثيرا إيجابيا على تحصيلهم الدراسي، بينما كانت نسبة (13.5%) محايدة ولا ترى تأثيرا يذكر لتلك المواقع، وأشارت (12%) من العينة أن التأثير يتمثل في الاستفادة من آراء الآخرين.

التوصيات والمقترحات

مع الاهتمام الكبير والواضح من قبل حكومة سلطنة عمان بالطفل، يقترح الباحث استمرار الجهات الحكومية والأهلية والمختصة بشؤون الطفل في دعم الدراسات المتعلقة بالطفل وما يؤثر عليه سواء كان هذا التأثير إيجابيا أو سلبيا، وفتح حسابات رسمية بمواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كل ما ينشر عن الطفل وبث منشورات خاصة بالطفل العماني للتوعية والإرشاد والتوجيه، وفتح حلقة تواصل بين الطفل وبين هذه الجهات، لأن الأطفال في كثير من الأحيان لا يستطيعون إيصال رسائلهم واحتياجاتهم وقضاياهم لهذه الجهات بسبب بعد المسافة.

كما  يقترح أن يكون هناك تفاعل حكومي ومجتمعي وأهلي ومن وسائل الإعلام التقليدية والمدرسة والمسجد والبيت في إيصال الرسائل الإيجابية لدور مواقع التواصل الاجتماعي وتوضيح الجوانب السلبية لهذه الوسائل بشيء من التفصيل، واستمرار الدعم المادي من قبل الجهات المختصة للدراسات المتعلقة بالطفل خاصة في مجال تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الطفل العماني من الناحيتين الإيجابية والسلبية، وعدم الركون للدراسات القليلة التي تعد بأصابع اليد الواحدة لأن هذه الشريحة هي الشريحة الأهم في المجتمع والتي يعتمد عليها في بناء مستقبل عمان إضافة إلى  تعزيز دراسة مواقع التواصل الاجتماعي في المناهج الدراسية عبر مادة تقنية المعلومات لما لهذا من أهمية كبيرة في ترسيخ الاستفادة القصوى من هذه الوسائل كدورها في نشر قيم التسامح الديني ونشر الوعي بقيم المواطنة والانتماء للوطن في قلوب الأطفال حتى يكونوا فاعلين عندما يتابعون ما يطرح في هذه الوسائل ولا ينجرفون وراء الدعوات المضللة والنعرات الطائفية المقيتة وغيرها من الدعوات السلبية.

ويوجه الباحث أن يكون استخدام الأطفال للهواتف الذكية تحت إشراف الوالدين، وتفعيل دور الأسرة لكونها الحاضن الأول لتعزيز جوانب الرقابة على الأبناء خاصة في حالة امتلاك الهواتف الذكية، وتوجيه الأطفال التوجيه الصحيح أثناء استقبال وإرسال ما يتم تداوله عبر هذه الوسائل، وتعزيز الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي وتوظيفها التوظيف المناسب . واقترح الباحث إنشاء مكتبات متكاملة إلكترونية في مختلف التخصصات العلمية والأدبية والثقافية تكون كمرجع حقيقي لما يحتاجه الطفل من معلومات ومصادر دراسية خفيفة تكون متوفرة على مواقع التواصل الاجتماعية لتوفير الوقت والجهد وعدم تشتيت الطفل في البحث الطويل عبر منصات كثيرة، وشغل أوقات فراغ الأطفال بالجلوس معهم ومحادثتهم والاستماع لهم واللعب وممارسة الرياضة وإقامة المسابقات الترفيهية لقضاء أوقات فراغهم بعيداً عن شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تؤدي كثرة متابعتها إلى إصابات صحية ونفسية خطيرة، وتكثيف الرقابة وبث الوعي حول الابتزاز الإلكتروني حتى لا يقع الأطفال ضحايا هذا الابتزاز، وتفعيل دور المدرسة والمعلم والأخصائي الاجتماعي بالمدرسة في مساعدة الطلاب للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي ومعالجة الجوانب السلبية لهذه الوسائل من خلال الإذاعة المدرسية والمحاضرات والندوات والمجلات العلمية وغيرها من الوسائل.