1391307
1391307
المنوعات

رفات آخر قياصرة روسيا محط انقسام مستمر بعد قرن على وفاته

14 يوليو 2018
14 يوليو 2018

موسكو «أ.ف.ب»: مع الذكرى المئوية الأولى لإعدام آخر قياصرة روسيا على يد البلاشفة، ظهر إلى العلن خلاف نادر بين الدولة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية النافذة في البلاد يتمحور على الخطوات الواجب اتخاذها حيال الرفات المفترض للعائلة الإمبراطورية.

ويترأس البطريرك الأرثوذكسي كيريل غدا مسيرة لذكرى نيقولا الثاني (القيصر ورأس الكنيسة الأرثوذكسية) وزوجته الكسندرا فيدوروفنا وبناتهما الأربع وابنهما الذين قضوا جميعا بإطلاق النار في 16 يوليو 1918 قرب ايكاتيرينبورج في منطقة الأورال. وقد أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية قداستهم العام 2000.

أما السلطات الروسية التي لطالما تجنبت الاختيار بين الإرث السوفيتي والتركة المتوارثة من أيام القياصرة، فهي لا تعتزم إحياء أي مراسم رسمية.

وبعد عقدين على نبش رفات القيصر وزوجته وثلاث من بناتهما، لا تزال الكنيسة الأرثوذكسية ترفض الاعتراف بصحة نسب هذه البقايا والموافقة على إجراء فحوص للحمض النووي لتأكيد ذلك.

أما رجال الدين الذين ينتمون بأكثريتهم إلى التيار المحافظ، فهم يرفضون أيضا الاعتراف بصحة نسب رفات الولدين المتبقيين للقيصر أليكسي وماريا اللذين فصل جثماناهما عن الآخرين وعثر عليهما في 2007. ولم ينبش حتى اليوم هذان الجثمانان في ظل عدم التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بين السلطات والكنيسة.

وفي 1998، تغيب البطريرك الأرثوذكسي يومها اليكسيس الثاني عن مراسم التشييع الرسمية التي أقامتها الدولة لعظام نيقولا الثاني في حصن القديسين بطرس وبولس في سان بطرسبرج.

وقد أوفد نيابة عنه كاهنا لدفنها كما لو أنها «رفات شخص مجهول».

ومع إحياء الذكرى المئوية الأولى، دعت وسائل إعلام روسية البطريرك كيريل إلى الاعتراف بصحة نسب الرفات للعائلة الإمبراطورية.

«نظرية المؤامرة»

وتعتبر الكنيسة ألا أدلة كافية ترجح صحة نسب الرفات بما يستدعي إجراء فحوص للحمض النووي، كما تتهم الدولة بالسعي إلى إبعاد رجال الدين عن هذه القضية.

وتشير الكنيسة إلى أن البلاشفة أحرقوا كل آثار جثث ضحاياهم الإحدى عشرة من أفراد العائلة الإمبراطورية وأقربائهم من دون ترك أي أثر لها داخل غابة في الأورال شهدت بعدها تشييد دير كبير في الموقع عينه.

ويقول المرسل المتخصص في اللاهوت اندري كوراييف المعروف بمواقفه الإصلاحية إن هذه الرواية هي التي روجت لها قوات القيصر خلال الحرب الأهلية في روسيا.

وتلفت المتخصصة في شؤون الكنيسة الأرثوذكسية الروسية كسينيا لوتشينكو إلى أن «هذا الأمر تحول في خلال عقدين إلى نظرية مؤامرة كبيرة».

وبحسب إحدى نظريات المؤامرة هذه، كان الزعيم الشيوعي لينين يحتفظ برأس القيصر نيقولا الثاني في مكتبه. وتؤكد نظرية أخرى من هذا النوع أن أصغر أبناء القيصر اليكسي وماريا لم يموتا وهربا إلى الخارج.

وفي الخريف الماضي، تطرق الأسقف المكلف بالتحقيق الذي تجريه الكنيسة والمعروف بقربه من الرئيس فلاديمير بوتين إلى احتمال أن تكون تصفية العائلة الإمبراطورية حصلت كنوع من «جريمة القتل الطقسية».

ويوضح اندري كوراييف أن «الأوساط المؤيدة للعلوم في الكنيسة أبعدت بعد فضيحة 2012 مع +بوسي رايوت+»، في إشارة إلى الفرقة المعارضة التي اقتحمت أبرز كاتدرائيات موسكو لأداء «صلاة» مناوئة للرئيس فلاديمير بوتين.

هذه القضية التي أثارت صدمة كثيرين في روسيا عززت بقوة الكنيسة وجناحها المحافظ الذي يسجل تعاظما شعبيا «يوما بعد يوم» وفق كوراييف.

ويقول اندري كوراييف إن البطريرك كيريل «يخشى» رد فعل المحافظين الذين ساءهم أصلا لقاؤه مع البابا فرنسيس في 2016، في حال إعلانه صحة نسب الرفات للعائلة الإمبراطورية.

وضع «غير مريح» لبوتين

وفي العام الماضي، أثار عرض فيلم «ماتيلدا» الذي يروي قصة حب بين نيقولا الثاني في شبابه مع راقصة باليه، في روسيا غضب ناشطين راديكاليين مؤيدين للكنيسة الأرثوذكسية نفذوا تظاهرات بعضها عنيف بهدف منع عرض العمل في صالات السينما في البلاد.

ويؤكد الخبير روكان لونكين من أكاديمية العلوم الروسية أن هذا الفيلم «بيّن أن نيقولا الثاني هو شخصية مثيرة للانقسام في المجتمع الأرثوذكسي».

ويلفت لونكين إلى أن آخر القياصرة هو محط «تبجيل كبير» في الدير قرب ايكاتيرينبورج، حيث يترأس البطريرك كيريل المسيرة الاثنين.

أما الرئيس فلاديمير بوتين في المقابل «فلا يخص نيقولا الثاني بأي تكريم» ويبدو «أقل اهتماما» بحل الخلاف بشأن الرفات مقارنة مع سلفه بوريس يلتسين وفق الخبيرة كسينيا لوتشينكو. غير أنها تشير إلى أن الوضع يبقى رغم كل شيء «غير مريح» و«محبط» لبوتين الذي لطالما صنف نفسه حليفا مقربا من الكنيسة.

وفي 2015، فتحت روسيا تحقيقا بشأن وفاة ابني القيصر اليكسي وماريا من دون الإعلان عن أي نتائج ملموسة حتى اليوم.