lama
lama
أعمدة

ذات: واقع وخيال

11 يوليو 2018
11 يوليو 2018

لما مصطفى دعدوش -

[email protected] -

خيالك هو من نسيج الروح بداخلك وهو سماؤك الخاصة، هو أنت في مجالك اللا مرئي الداخلي الخاص بك أنت.. وحدك.

يجهل الكثير من الناس قوة الخيال وينكرون أهميته ظنّاً منهم أنه من أبواب الجهل والتخلف، بعضهم ينكر إبداع خياله فيقتله في مولده، وبعضهم يدرك تماماً ما يستطيع خياله أن يفعل في حياته، فتراه ذكيّاً نشيطاً مبدعاً في التعامل معه واستثماره في ما يريد أن يحقق. دعونا ننظر للخيال نظرةً محايدةً قليلاً، لنجد أنّ حياتنا كلّها كانت ولا تزال مبنيّة على خيال المبدعين والمبتكرين والعباقرة، فكل الاختراعات والتكنولوجيا والنجاحات المحقّقة بشتى المجالات الكائنة الآن قد كانت في الماضي خيالاً وفكرةً وصورة.

تعال لنعد قليلا ً لأخبرك بما رواه النبي محمد عليه الصلاة والسلام في أحاديثه عندما تكلّم عن وصف الجنّة بما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، أم بحديثه عن الوضوء عندما قال أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم؟ أليست هذه دعوة صريحة لإعمال التفكير التخيّلي؟ إنها دعوة صريحة لتفعيل الفص الأيمن من الدماغ المسؤول عن الإبداع و التخيّل لما هو غير مرئي أو غير حقيقي في أرض الواقع، وتجد في القرآن الكريم سوراً وآياتٍ كثيرة تصف الجنّة والنار ويوم القيامة وقصص الأمم السالفة في دعوة لك أن تفكر وتتخيّل لتفهم وتدرك.

إنّ في تفعيل الخيال تفعيلٌ للقوّة الفكريّة والروحيّة عند الإنسان، فيخرج إبداعه الكامن في داخله بطرقٍ مختلفةٍ يظهر فيها قوة وجمال الخيال الداخليّ عند الإنسان. فلم لا نبدأ بتفعيل وتطوير خامة الخيال الموجودة داخلنا ونستعين بها في صناعة واقعنا وحياتنا كما ننوي ونشاء؟ تستطيع يا صديقي أن تكون إنساناً آخر عندما تبدأ رحلتك الجديدة مع خيالك، وترسم فيه ما تشاء لتبني صورتك الذهنيّة الداخليّة عن ما تريد، وستكون واقعا يوماً ما إن شاء الله حسب قوة تلك الخيالات وأعطيتها من قوّة مشاعرك دفعاً للأمام، وأخذت بالأسباب لتحقيقها.

إنّ الكثير من تدريبات الرياضيّين العالميّين يستخدمون فيها استراتيجية التدرب الداخلي الذاتي أو ( Autogenic) حيث يرسمون حلبات مبارياتهم وطريقة لعبهم ونجاحهم وفوزهم في خيالهم، و يعيشونه حقيقة بتمارين حقيقية لكن في الخيال، ثم يتجسّد ذلك حقيقة حين يستجيب الجسد لما زٌرع في لا وعيه، كما فعل الملاكم العالمي محمد علي كلاي في إحدى مبارياته، حيث أعمل خياله بتحويل هزيمته إلى نصرٍ محقّق بتخيّل اللعبة في خياله، وانتقلت بعدها فأصبحت واقعاً في المباراة.

إنّ الخيال يتعامل مع الجانب اللامرئي من شخصيتك، ميولك، قوّتك الداخليّة، فيصيغ لك ما تريد وما يناسبك، وهو نوع من أنواع التفكير الإيجابي إذا استخدمته لصالحك وليس ضدك. فكم من إنسانٍ تخيّل نفسه فاشلاً ضعيفاً غير قادرٍ على إدارة حياته ومشاعره في مواقفٍ كثيرةٍ من حياته، وكانت حياته البائسة ( في الواقع ) بعد ذلك ترجمة دقيقة لصورته البائسة التي رسمها لنفسه وأقنع حواسه بها وزرعها في لا وعيه بالتكرار، غير مدرك ٍللدمار الذي يدمر به نفسه، فما من عملٍ أو إنجازٍ أو شيءٍ وصلت له اليوم، إلا و قد ولد الولادة الأولى في خيالك يوماً ما دون أن تشعر، ثمّ كانت الثانية في الواقع حقيقة بعدها، سلباً أم إيجابا .

درّب خيالك يوميّا على ما تريد، وما تحب أن تكون، خاطب نفسك ( أنا أستخدم خيالي جيدا و هو صديقي)، اجعله صديقك حقاً، فهو يدك الخفيّة الحقيقيّة لبناء واقعك كما تريد.