Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :وللوظيفة إجازة ..

10 يوليو 2018
10 يوليو 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

بدأت مكاتب الموظفين تخلو من موظفيها، وفي ظاهرة تتكرر كل عام في أشهر الصيف، حيث ارتبط الصيف؛ على وجه الخصوص؛ بالإجازات الطويلة، التي تصل عند البعض من الموظفين إلى أكثر من شهر واحد، ويعود ذلك إلى ارتباط أولياء الأمور بأبنائهم الذين لا يزالون على مقاعد الدراسة «هذا التعليل الرئيسي» لتأجيل كل الإجازات إلى أشهر الصيف، حيث إن كل مؤسسات التعليم تتقارب في إغلاق أبوابها مع أشهر الصيف والتي تبدأ من منتصف شهر يونيو إلى آخر شهر أغسطس، ومنهم من يواصل إلى شهر سبتمبر في كل عام.

تأتي هذه الصورة المتكررة كل عام، على أثر توغل ثقافة ارتبطت بالوظيفة، والوظيفة اليوم «متورطة» إن يجوز التعبير بوجود هذه الثقافة التي تشربتها الأنفس، كقناعة، بأن الإجازة لا تحلو إلا في هذه الفترة، وحتى أولئك الذين ليس لديهم أطفال يفضلون أن تكون إجازاتهم السنوية في هذه الفترة، إما هروبا من شدة الصيف، خاصة هنا في عمان، وإما استغلالا لفرصة البرامج الترويجية لعطلات الصيف التي تقدمها المكاتب المهتمة بالسفر والسياحة، على الرغم من ارتفاع الأسعار؛ المبالغ فيها؛ والتي تكلف الآلاف من الريالات العمانية للشخص الواحد، فالفرق يبدو واضحا عندما يسافر الشخص بنفسه خارجا عن هذه البرامج، حيث يصل الفرق في السعر إلى نصف القيمة، هذا بخلاف الخيارات الكثيرة التي يجدها الشخص بحريته في اختيار الأماكن، ولكن مع ذلك هناك من يفضلون السفر في مجموعات سياحية، تحت مظلة هذه البرامج، وذلك أكثر لضعف اللغة الإنجليزية عند الغالبية العظمى من المسافرين، وهي اللغة الرئيسية التي يمكن أن تكون جواز عبور في مختلف دول العالم.

هل تتأثر المهام والمسؤوليات التي تقوم بها الوظيفة خلال هذه الفترة؟ أقول: نعم؛ وبشكل كبير جدا، وتظل كل المعاملات معطلة ومعلقة الى نهاية أشهر الصيف، وهذا ما يؤسف له حقا، فإذا كان الموظف المختص بهذه المعاملة موجود، فإن مدير الدائرة غير موجود، ويكون العكس كذلك، حتى تولدت قناعة عند أغلب الذين لهم معاملات في المؤسسات المختلفة بضرورة إنهائها قبل حلول فترة الإجازات، وإلا لن تكتمل معاملاتهم إلا بعد شهرين أو ثلاثة، وهذه القناعة هي التي زادت الثقافة المذكورة قناعة لدى كلا الطرفين الموظف والمراجع.

منذ فترة ليست ببعيدة نشرت إحدى المنظمات الدولية تقريرا حول الآثار السلبية للإجازات على الاقتصاد الوطني في أي دولة، وبين التقرير المقدار الكمي للخسائر التي تتكبدها الحكومات من أثر الإجازات المستحقة للموظفين، ولكن لأنه واقع لا بد من أن يكون، فتظل الخسائر قائمة وربما تتضاعف مع تضاعف العدد الكمي للموظفين في الحكومات والمؤسسات شبه الحكومية، فالطاقة المعطلة خلال فترة الإجازات لتغذية العائد الحكومي لا يقابلها؛ في الوقت نفسه؛ قلة الإنفاق الحكومي، حيث تظل الرواتب والامتيازات قائمة طوال فترات الإجازات، ومما يؤسف له أكثر أن هناك مستويات وظيفية في الحكومة يتقاضى أفرادها بدلات إضافية للإجازات، حيث «يزيدون الطين بلة».

الحديث هنا لا يعيب الإجازات فهذا حق مشروع؛ في قانون الخدمة المدنية؛ لأي موظف، ولكن يشير الى ضرورة البحث عن مخارج لتعطل كثير من المعاملات؛ على وجه الخصوص؛ في هذه الفترة الحرجة، ولأن هناك وجود خدمات إلكترونية متطورة، فيمكن أن تتبع هذه الخدمة المستويات العليا من المسؤولين، بحيث تمكنهم من التصديق على معاملات المراجعين وهم في إجازاتهم، بدلا من تعطلها الى حين عودتهم، والتي تستغرق عشرات الأيام، فحان الوقت لاستغلال الحكومة الإلكترونية والاستفادة منها حتى ولو كان المسؤول خارج المؤسسة الإدارية، ولم يعد الأمر مستحيلا اليوم في ظل حلول الثورة الاتصالية الفاعلة.