1385622
1385622
العرب والعالم

فصل جديد من «الدبلوماسية الصادمة» للرئيس الأمريكي

08 يوليو 2018
08 يوليو 2018

واشنطن -جيروم كارتييه -

يعتبر دونالد ترامب أن «أسوأ اعداء» أمريكا هم أحيانا «أصدقاؤها المزعومون». وسيكون الأسبوع المقبل فرصة لتظهير هذه العقيدة الدبلوماسية الصادمة، ولو كلفه الأمر مزيدا من التوتر مع حلفائه الحائرين في مواقفه.

المناسبات عديدة من بروكسل إلى لندن إلى هلسنكي حيث سيحضر الرئيس الأمريكي قمة حلف شمال الأطلسي، ثم يزور المملكة المتحدة قبل ان يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولا تزال أجواء قمة مجموعة السبع حاضرة في الأذهان. فخلال بضعة أيام فقط، شكك ترامب في صدق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، مقابل اعتباره أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج اون «موهوب جدا».

ويخشى عدد كبير من المراقبين أن يتكرر هذا السيناريو، ويختصر دبلوماسي أوروبي المشهد بالقول «انه يوبخ الحلفاء ثم يعانق الخصم».

ويبقى السؤال الذي يطرحه الجميع على ضفتي الأطلسي: ما المدى الذي سيصل إليه الرئيس الأمريكي الذي يهوى إثارة الصدمات لتلميع صورته ويبدو مستعدا للمضي حتى النهاية في شعاره «أمريكا أولا». فهل سيحدث تغييرا عميقا في حلف شمال الأطلسي الذي يشكل حجر الزاوية في العلاقات الدولية منذ اكثر من نصف قرن؟.

ويتوقع أعضاء إدارته أن تكون قمة بروكسل تقليدية وهادئة.

وتقول كاي هاتشيسون السفيرة الأمريكية لدى الحلف الأطلسي أن «العنوان المركزي لهذه القمة سيكون وحدة الحلف الأطلسي وقوته»، مشيرة إلى التضامن بين أعضائه الـ29 ومنددة بـ «الأفعال الضارة» لروسيا ومحاولاتها «أحداث انقسام».

لكن الرسالة التي يحرص ترامب على توجيهها منذ اشهر عدة تتنافى مع ذلك تماما، محدثا قطيعة كبرى مع أسلافه الديموقراطيين كما الجمهوريين.

فهذا الأسبوع، وأمام حشد متحمس في مونتانا، وجه انتقادا هو الأشد لحلفائه في الحلف الأطلسي مطالبا إياهم بـ «البدء بتسديد فواتيرهم» ومؤكدا أن الولايات المتحدة ضاقت ذرعا بـ «دفع كل شيء».

في ذلك اليوم، سدد ترامب سهامه إلى «انجيلا» (ميركل المستشارة الالمانية)، لكنه في حديثه عن فلاديمير بوتين، كرر أمله للمرة الألف بان يبني «علاقة جيدة» معه رغم توتر العلاقات مع موسكو على خلفية ازمتي سوريا وأوكرانيا.

والمفارقة انه يتسبب بانتظام بإحراج فريقه، كأن يركز على نفي بوتين تدخل بلاده في انتخابات 2016 الرئاسية غامزا من قناة وكالات الاستخبارات الأمريكية التي تؤكد العكس.

وبالنسبة إلى الملفات الأكثر حساسية، لا ينفك يعبر عن مواقف ملتبسة. فحين سئل قبل أيام عن احتمال اعتراف الولايات المتحدة بضم موسكو للقرم اكتفى بالقول «سنرى» وأجبر البيت الأبيض مجددا على تصويب البوصلة في ملف متفجر.

أما عداؤه للاتحاد الأوروبي فبات معلنا من دون أي إحراج. فقد اكد في داكوتا الشمالية أن الاتحاد الأوروبي «أنشئ بالتأكيد للإفادة من الولايات المتحدة» ضاربا عرض الحائط بكل الوقائع التاريخية. وعلى خلفية حرب تجارية تتخذ بعدا تصاعديا، يكثف ترامب هجماته على حلفائه وفي مقدمهم ألمانيا.

ويوضح وليام جالستون من معهد بروكينجز لوكالة فرانس برس أن «من حق الأوروبيين أن يقلقوا» من الاجتماع المرتقب بين ترامب وبوتين.

ويضيف «هل يمكن أن نتصور صدور بيان في هلسنكي يتضمن مواقف لم تبحث مع الحلفاء الأوروبيين خلال قمة الأطلسي؟ بالتأكيد».

ويتابع «في شكل عام، يبدو الرئيس اكثر ارتياحا في علاقاته مع الحكام السلطويين منه مع الديمقراطيين»، مذكرا بمدى «ازدرائه» بالمنظمات المتعددة الأطراف.

قبل عام، وخلال مشاركته الأولى في قمة للحلف الأطلسي، دافع ترامب بشدة عن المكلف الأمريكي متهما الحلفاء بانهم يدينون للولايات المتحدة بـ «أموال هائلة». لكنه تجنب تكرار تساؤلاته الأكثر استفزازا حول دور الحلف الأطلسي ومصير الاتحاد الأوروبي. غير أن الوضع تغير اليوم. وثمة اقتناع تعززه المؤشرات الاقتصادية الجيدة في الولايات المتحدة بانه لن يحيد عن «خطاب القطيعة» بعدما استبعد من فريقه جميع من تجرأوا على مواجهته.

بين وصوله إلى بروكسل مساء الثلاثاء ومغادرته هلسنكي بعد ستة أيام، قد يعيد ترامب رسم مشهد العلاقة بين الولايات المتحدة وبقية العالم، ولو جزئيا.