أفكار وآراء

جوانب إيجابية عديدة للشراكة الصينية - العربية

08 يوليو 2018
08 يوليو 2018

وانغ يي/ مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني -

ستعقد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين يوم غد 10 يوليو الجاري، حيث سيحضر الرئيس الصيني شي جينبينغ الجلسة الافتتاحية ويلقي خطابا مهما، وسيحضرها أيضا صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، وممثلو 21 دولة عربية، والأمين العام لجامعة الدول العربية.

ويعد هذا الاجتماع حدثا مهما آخر في مسيرة العلاقات الصينية العربية بعد حضور الرئيس شي جينبينغ للاجتماع الوزاري السادس للمنتدى عام 2014 وزيارته للسعودية ومصر ومقر جامعة الدول العربية عام 2016. وسيقوم الجانبان بالبحث المعمق حول سبل بناء «الحزام والطريق» وتعزيز التعاون الجماعي، ومن ثم يرسمان سويا الخطة العريضة للعلاقات الصينية العربية في العصر الجديد.

يرجع التواصل بين الصين والدول العربية إلى زمن بعيد، ويعد نموذجا يحتذى به. على مدى 2000 سنة، فقد تواصلت الأمتان الصينية والعربية بشكل مستمر برا وبحرا، واستفادت الحضارتان الصينية والعربية من بعضهما البعض، حتى أصبحتا نموذجين مشرقين. منذ منتصف القرن الماضي، كما تضامن الجانبان الصيني والعربي بإخلاص في نضالهما من أجل التحرر الوطني، وتبادلا الدعم في مسيرتهما لبناء الوطن، مما سجل آيات جديدة للصداقة والتعاون.

في عام 2004، تأسس منتدى التعاون الصيني العربي، الذي يجعل العلاقات الصينية العربية تتقدم بـ(المحركين) الثنائي والجماعي، ويدفع التطور المتسارع التعاون بين الجانبين في كافة المجالات.

أشار الرئيس الصيني شي جينبينغ بنظرة شاملة إلى أن الصين والدول العربية شريكان طبيعيان في التعاون في بناء «الحزام والطريق»، فيجب على الجانبين تكريس روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، بما يزيد القواسم المشتركة للأمتين الصينية والعربية في طريقهما إلى النهضة. بفضل التوجيه والإرشاد والدعم من قادة الجانبين، ومن ثم صار للعلاقات الصينية العربية مشهد جديد.

خلال السنوات الأربع الماضية، حقق الجانبان الصيني والعربي نتائج مثمرة في التواصل والتعاون المتمحورين حول «الحزام والطريق»، وسجلا نقاطا ساطعة كثيرة.

خلال السنوات الأربع الماضية، تكثف التواصل الرفيع المستوى بين الجانبين، وفي مقدمته الزيارة الناجحة للرئيس شي جينبينغ إلى الشرق الأوسط، وزيارات قادة مصر والسعودية والمغرب وفلسطين للصين، الأمر الذي عزز الثقة السياسية المتبادلة، وأبقى العلاقات بين الجانبين في المستوى العالي. وقامت الصين بإقامة أو رفع العلاقات الاستراتيجية مع 11 دولة عربية. كما دعمت الصين جهود الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، وجهود فلسطين لاستعادة حقوقها الوطنية المشروعة. في المقابل، قدمت الدول العربية دعما ثمينا للصين في القضايا المتعلقة بمصالحها الحيوية والمهمة.

كما توسعت دائرة التعاون العملي الصيني العربي في المجالات الاقتصادية والتجارية والشعبية، حتى غطت مجالات واسعة، من إطلاق الأقمار الاصطناعية، إلى الفضاء، إلى زراعة القطن. كما ازدادت آليات المنتدى تنوعا، إذ يسير أكثر من 10 آليات بشكل فعال، بما فيها الاجتماع الوزاري، واجتماع كبار المسؤولين، ومؤتمر رجال الأعمال، ومؤتمر التعاون في مجال الطاقة، الأمر الذي ساهم في تعزيز التشارك الصيني العربي في بناء «الحزام والطريق» من أبعاد وزوايا مختلفة.

خلال السنوات الأربع الماضية، وبفضل الجهود المتضافرة والخطوات الرائدة والحثيثة من الجانبين، ترسخت معادلة التعاون (1+2+3) المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيسي، والبنية التحتية، وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، و3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية، والفضاء والأقمار الاصطناعية، والطاقة الجديدة، كنقاط اختراق، كما تقدمت على نحو شامل خطط العمل الأربع القائمة على تعزيز الاستقرار، والإبداع في التعاون، والمواءمة في مجال الطاقة الإنتاجية، وتوثيق عرى الصداقة.

بذل الجانبان الصيني والعربي جهودا متواصلة لتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، مما دفع التعاون في كافة المجالات لتحقيق تقدم جديد. فقد وقعت الصين مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق» مع 9 دول عربية، ووثيقة التعاون بشأن الطاقة الإنتاجية مع 4 دول عربية. كما قام صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية باستثمارات في الدول العربية. وفي عام 2017، بلغ حجم التبادل التجاري الصيني العربي ما يقارب 200 مليار دولار أمريكي، بزيادة 11.9% على أساس سنوي، وبلغ حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية 1.26 مليار دولار أمريكي، بزيادة 9.3% على أساس سنوي.

خلال السنوات الأربع الماضية، طور الجانبان الصيني والعربي التعاون في المجالات التقليدية، مثل الطاقة والبنية التحتية والتجارة، وتم الارتقاء به إلى مستوى جديد. على سبيل المثال، استخدمت محطة حصيان لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف بدبي تقنية الحرق الفائقة فوق الحرجة، باعتبارها تقنية متقدمة عالميا، وساعدت محطة العطارات في تحقيق حلم الأردن بتوليد الكهرباء بالصخر الزيتي، وقد دشن هذان المشروعان الكبيران فصلا جديدا للتعاون الصيني العربي في مجال الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تتقدم المشاريع الكبرى للبنية التحتية بخطوات حثيثة، مثل المرحلة الثانية لميناء خليفة بالإمارات والسكك الحديدية بمدينة العاشر من رمضان في مصر، الأمر الذي ساعد الدول العربية في تحقيق خططها الجديدة للترابط والتنمية. كما تطورت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بمصر حتى أصبحت تجمعا صناعيا متكاملا.

يتطور ويتعمق التعاون بين الجانبين عن طريق الابتكار. في هذا السياق، تم افتتاح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا، وتم بنجاح إقامة المنتدى الصيني العربي لنظام «بيدو» للملاحة بالأقمار الاصطناعية. كما نجحت الصين في إطلاق أول قمر اصطناعي جزائري للاتصالات، الأمر الذي يعتبر نموذجا ناجحا للتعاون الصيني العربي في مجال الأقمار الاصطناعية للاتصالات. كما لاقى مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، باعتبارهما المنبر لتبادل الخبرات حول الحكم والإدارة والإصلاح والتنمية، ترحيبا من شخصيات الجانب العربي.

خلال السنوات الأربع الماضية، أصبح التعاون و المنفعة المتبادلة بين الجانبين الصيني العربي أكثر عملية في مجالات التنمية الذاتية والتنمية الاجتماعية ومعيشة الشعب وتبادل الأفراد، مما عاد بالفوائد الملموسة والرفاهية على شعوب الجانبين. وفي هذا السياق، قد تم تنفيذ جميع ما أعلن عنه الرئيس شي جينبينغ من المساعدات لفلسطين والمساعدات الإنسانية لسوريا ولبنان والأردن وليبيا واليمن. كما قامت الصين بتدريب أكثر من 6000 كفاءة عربية في تخصصات مختلفة. تزامنا مع جهد الصين لنقل الطاقة الإنتاجية المتميزة إلى الخارج والذي يلبى حاجات الشرق الأوسط إلى تنويع الاقتصاد ويساعد الدول العربية على تعزيز قدرتها على تحقيق التنمية الذاتية، لم تتجاهل الصين مسألة معيشة الشعب باعتبارها الموضوع الحيوي، أو «السؤال الإجباري». وفي هذا السياق، أسست شركة صينية أول قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية خارج البلاد، وذلك في منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، و التي وفرت أكثر من 2000 فرصة عمل للأهالي المحليين، وجعلت مصر أكبر منتج للألياف الزجاجية في إفريقيا وثالث أكبر منتج في العالم.

في المقابل، قدمت الدول العربية التسهيلات لزيارة المواطنين الصينيين لها. وحتى الآن، فقد اتخذت 9 دول عربية سياسة الإعفاء من التأشيرة، أو الحصول على التأشيرة في المطار للمواطنين الصينيين، وهناك 150 رحلة جوية للركاب، و45 رحلة جوية للبضائع، تتنقل بين الصين والدول العربية أسبوعيا. وازداد عدد السياح الصينيين إلى الدول العربية سنة بعد سنة وبنسبة كبيرة. وقد دخلت المنتجات المميزة والجيدة، مثل القطن المصري الطويل التيلة وزيت الزيتون التونسي والشوكولاتة اللبنانية والتمر الخليجي، الكثير من المنازل الصينية عبر مواقع التجارة الإلكترونية. وإنهاض البلاد نحو مستقبل أفضل. عليه، أصبح مفهوم التنمية للجانبين الصيني والعربي أكثر تطابقا، والمزايا التكاملية بينهما أكثر وضوحا، الأمر الذي أوصل العلاقات الصينية العربية إلى منطلق تاريخي جديد، يستلزم من الجانبين العمل يدا بيد ، لإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، وإقامة مجتمع مصير مشترك للبشرية، بما يهيئ البيئة الخارجية السلمية ، والنظام الدولي العادل، للنهضة الوطنية والقومية لكلا الجانبين.

في الدورة الثامنة المرتقبة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، سيقوم الجانبان الصيني والعربي، بإرشاد قادة الجانبين، باتخاذ «الحزام والطريق» كالخط الرئيسي والتوجيهي، والبحث في الخطط والخطوات للتعاون في المستقبل والعمل سويا على إقامة «الصيغة المطورة» للعلاقات الصينية العربية.

ستكون الصين والدول العربية شركاء للحفاظ على السلام وتعزيز الاستقرار. ويجب على الجانبين تعزيز التنسيق، ومواصلة الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر، والدفاع بحزم عن المصالح المشتركة للدول النامية الفقيرة، والدفع بحل القضايا الساخنة عبر الطرق السياسية، والالتزام بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، بما يعيد السلم والأمن إلى الشرق الأوسط في يوم مبكر، ويمكن الجانبين من المساهمة المطلوبة من أجل الاستقرار والازدهار في العالم. ستكون الصين والدول العربية شركاء للإصلاح والتنمية والازدهار المشترك. ويجب على كلا الجانبين دعم الجانب الآخر ، لاستكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع الظروف الوطنية، وحسن توظيف ميزة الجانبين المتمثلة في تكامل المزايا وتطابق الحاجات، وتسريع المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، وتعزيز تبادل الخبرات حول الحكم والإدارة، تحقيق التقدم والتنمية المشتركة. ويجب الاهتمام بالشعب كأولوية، وجعل نتائج التنمية تفيد شعوب الجانبين بشكل أكبر. ستكون الصين والدول العربية الشركاء للتعاون العملي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. وينبغي على الجانبين الالتزام بالتشاور والتقاسم والتشارك، وتوسيع التعاون في مجالات البينة التحتية والأقمار الاصطناعية والفضاء والطاقة وغيرها، وحسن تنفيذ المشاريع الحيوية مثل الموانئ والمناطق الصناعية وغيرها. ونرحب بمزيد من الدول العربية للتشاور مع الصين لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق»، بما يرفع مستوى التعاون العملي وجودته. ستكون الصين والدول العربية الشركاء للتواصل والتفاعل المفيد بين الحضارات. وسيعمل الجانبان على توسيع التواصل الشعبي، وتعميق التعاون في مجالات العلوم والتربية والتعليم والثقافة والصحة والإعلام وغيرها، وإنشاء جسور أكثر لتعزيز التعارف والتواصل بين الأمتين العظيمتين، بما يعمق المعرفة المتبادلة وعرى الصداقة بين شعوب الجانبين، ويدفع الحضارة البشرية لتحقيق تقدم أكبر. إن الخطة الجديدة تحمل أملا جديدا، والمنطلق الجديد يؤدي إلى إنجازات جديدة. نحن على يقين بأن سفينة التعاون والصداقة الصينية العربية سترفع شراعها وتبحر نحو مستقبل أجمل. يعيش عالم اليوم المرحلة الحاسمة للتطورات والتغيرات والتعديلات الكبيرة. وتسير الصين بخطى واثقة في مسيرتها الجديدة لتحقيق «هدفي مائة السنة»، سيزداد الإصلاح عمقا واتساعا، ويزداد البلد انفتاحا على الخارج. في الوقت نفسه، ستتخذ الكثير من الدول العربية إجراءات مهمة للإصلاح .