1373763
1373763
مرايا

تتطلب لياقة بدنية مناسبة - رحلـة إلى أوغنـدا لصعـود جبـال القمــــر

04 يوليو 2018
04 يوليو 2018

تقع جبال القمر الأسطورية في منتصف القسم الشرقي من قارة إفريقيا وتمتد بين بحيرة ألبرت وبحيرة إدوارد على الحدود بين أوغندا والكونغو الديمقراطية، وبحسب ما جاء بوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) فإنه تعتبر هذه الجبال، التي تعرف أيضا باسم جبال رونزوري، أعلى جبال غير بركانية في القارة السمراء، ويمكن للسياح الاستمتاع بجولة وسط المناظر الطبيعية الخلابة، والتي تمر عبر الضباب والرطوبة والوحل، إلا أن روعة هذه المناظر الطبيعية تُنسي السياح مشقة الرحلة.

وعندما ينقشع الضباب عن جبال القمر يشاهد السياح نسخة بدائية من هذا العالم؛ حيث يصل ارتفاع نباتات اللوبيليا إلى أربعة أمتار، وتظهر الحبال معلقة على أفرع الأشجار، ولا يخلو المشهد من ظهور المستنقعات والأراضي الرطبة والغصون الخضراء المتشابكة، والتي تبدو غير قابلة للاختراق تقريبا.

أعلى قمة جبلية

ويصل ارتفاع أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال رونزوري إلى أكثر من 5 آلاف متر، وتغطيها الثلوج، ويعود اسم جبال القمر إلى بطليموس، الذي تحدث عن الجبال المغطاة بالثلوج في أفريقيا خلال عام 150 ميلادية، وخلال الجولة يمر السياح بمسارات موحلة في الوديان الضيقة، ولا يمكن التجول هنا بدون ارتداء أحذية مطاطية، وفي المساء يتم المبيت في أكواخ قاحلة دون تيار كهربائي أو ماء أو في الخيام.

وأوضح المرشد السياحي ريتشارد درامازا، البالغ من العمر 33 عاما، قائلا: “تتمثل التحديات هنا في التضاريس الوعرة والطرق الموحلة والأشجار الزلقة والمرتفعات وظروف الطقس، وبطبيعة الحال فإن هذه الأحوال تتطلب أن يتمتع السياح بلياقة بدنية مناسبة”.

وتمتد الجولة وسط هذه الطبيعة لمدة أسبوع بصحبة المرشد السياحي، وصموئيل أوكيتي، البالغ من العمر 31 عاما، وتبدأ الرحلة من قرية كيليمبي الصغيرة الواقعة إلى الغرب من مدينة كاسيسي، وتضم كنيسة ومدرسة وبعض الأكواخ البسيطة، ويعمل السكان المحليون “قبائل باكونيو” في الزراعة بشكل أساسي؛ حيث يزرعون الفاصولياء والبن والكسافا في الحقول المحيطة بالقرية، ولا يشعر السياح بأي مضايقات في جبال رونزوري.

آلهة فوق القمة

وتعتقد قبائل باكونيو أن هناك زوج من الآلهة يعيشون فوق هذه القمة، وعندما تتحرك الآلهة فإن الأحجار تتحرر من الجبل، ولا يزال هذا الخطر بعيدا عن المنحدرات السفلية من جبال رونزوري، وتبدو النباتات هنا كثيفة ومفعمة بالحيوية؛ حيث تحيط النباتات المعرشة بالأشجار الاستوائية دائمة الخضرة، وفي تلك الأثناء يشاهد السياح حرباء تقف على أحد فروع الأشجار.

ويسير ريتشارد وصموئيل أمام المجموعة السياحية ويتحدثان مع بعضهما البعض، ومع بداية المحمية الطبيعية تتولى هيئة الحياة البرية الأوغندية وظيفة الحراسة، وبعد ذلك يصبح مسار التجول حادا أكثر، وفي الأسفل تتدفق مياه النهر في الوادي، وعند ارتفاع 2500 متر تبدأ المرحلة الثانية من الحياة النباتية، وهي غابة الخيزران الكثيفة والطويلة، وينتهي اليوم الأول في الجولة بعد ست ساعات من التجول، ثم يبيت السياح في مخيم كالالاما على ارتفاع 3134 مترا مع هطول الأمطار الغزيرة واختفاء الشمس.

عالم الضباب

وفي صباح اليوم التالي يترك السياح آثار الحياة المدنية ويتم الدخول إلى عالم الضباب، الذي يمكن الوصول إليه بصعوبة والمغطى بالنباتات العملاقة، ودائما ما تعلق أحذية السياح في الوحل، ومن الصعب تخيل كيف عمل المستكشفون الأوائل خلال هذه البرية، كما عانت السياحة خلال فترة الحكم الدكتاتورية، وخلال حرب الكونغو الثانية قامت حكومة أوغندا بإغلاق المحمية الطبيعية؛ نظرا لانتشار مجموعات من المتمردين في المحمية، التي تقع على قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو، وتمت إعادة افتتاح المحمية مرة أخرى لزيارة السياح خلال 2001.

وفي الطريق إلى مخيم بوجاتا يقل الغطاء النباتي كلما تم الصعود لأعلى، وتتشابه هذه المنطقة مع جبال الألب الأوروبية، وخلال المساء ينعم السياح بإطلالة رائعة من ارتفاع 4062 م على وادي ناموسانجي مع بحيراته الجليدية، وتشرق السماء لبضع دقائق ثم تظلم مرة أخرى، ويقوم الحمالون بطهي الأرز والخضروات، ولا يمكن القيام بجولات سياحية في جبال رونزوري بدون هؤلاء الحمالين.

وفي اليوم التالي صعد السياح عبر طريق باموانيارا الزلق على ارتفاع 4450 مترا، وقد تحول درب التجول إلى ممر مائي بسبب تساقط الأمطار الغزيرة، وزاد من الانحدار أيضا الغابة الضبابية، وهنا شاهد السياح أعلى قمة في جبال رونزوري على بعد دقائق من التجول؛ حيث ظهرت الصخور المتعرجة والمغطاة بالثلوج، وبعد فترة قصيرة ظهرت البحيرات الجبلية وسط المنحدرات الخضراء، ومن خلفها يظهر بحر من السحب الكثيفة.

ليلة القمة

وتنتمي المنحدرات الواقعة غرب البحيرة إلى مقاطعة كيفو الشمالية في الكونغو، وبدلا من متابعة السير إلى هناك ينعطف درب التجول إلى الشمال الشرقي، ويتم المبيت لليلة أخرى في مخيم هونويك على ارتفاع 3974 مترا، قبل الانطلاق في اليوم التالي في المرحلة النهارية الأخيرة قبل ليلة القمة، ويمر الطريق عبر الأراضي الرطبة حولي بحيرة كيتاندارا إلى أعلى مخيم في الجولة الجبلية.

وفي تمام الساعة الثالثة صباحا يدخل ريتشارد الخيمة، التي بها أسرّة ذات طابقين، ويعلن أنه حان موعد ترك أكياس النوم الدافئة، بينما يومض الثلج في مخروط الضوء المنبعث من المصابيح الأمامية، وبعد ساعة من السير يظهر أول جبل جليدي، وبعد ذلك ينطلق صموئيل فوق صخرة عند سفح قمة مارجريتا الجليدية، ويتبدى الليل ببطء، ولكن تبقى الغيوم، ويتم تسلق الأمتار القليلة إلى القمة الجليدية ببطء، وهنا يتسع مجال الرؤية فجأة، ويظهر اللون الأزرق في الأفق ناحية الشرق، وهناك ينعم السياح بأجواء طبيعية رائعة بعيدا عن صخب الحياة المدنية.