عمان اليوم

جغرافية محافظة ظفار ذات طبيعة هشة لوجود سلاسل جبلية وأودية كبيرة مصباتها في السهول المحاذية للبحر

30 يونيو 2018
30 يونيو 2018

دراسة حول مخاطر الأعاصير المدارية على محافظة ظفار -

كتب - أحمد بن عامر المعشني -

الكوارث الطبيعية عبارة عن تحولات ومظاهر طبيعية تتوزع على مختلف مناطق الكرة الأرضية ويعتبر الموقع الجغرافي لأي بلد عاملا مهما لتحديد المخاطر البيئية والطبيعية التي تهدد سكان تلك الدول، نتيجة تلك الكوارث الطبيعية وللوقوف أكثر على هذا الموضوع التقينا محمد بن عيسى قطن رئيس قسم الشؤون المناخية بإدارة البيئة والشؤون المناخية بمحافظة البريمي والحاصل على شهادة ماجستير إدارة كوارث المخاطر الطبيعية من جامعة ساوث ويلز في المملكة المتحدة.

وقد أكد محمد قطن أن الموقع الجغرافي للسلطنة ووقوعها شمال المحيط الهندي وأيضا امتداد الشريط الساحلي من أقصى جنوبها لأقصى الشمال يجعل منها هدفا ووجهة للعواصف والأعاصير المدارية التي تتشكل موسميا جنوب غرب القارة الهندية، ونتيجة للتغيرات المناخية أصبحت وتيرة وزخم هذه الحالات المدارية في ازدياد وتشكل خطرا على سلامة سكان المناطق الساحلية وسلامة المنشآت الحيوية.

وأوضح أن دراسته كانت تركز على دراسة مخاطر الأعاصير المدارية على محافظة ظفار وسبل تخفيف آثارها وكان لا بد من الرجوع إلى تاريخ وسجلات أعاصير المحيط الهندي ومساراتها ومدى الدمار الناتج عنها ثم دراسة جغرافية المناطق الواقعة في مسار هذه الحالات الجوية ومن خلالها وجدت أن جغرافية محافظة ظفار تعتبر مناطق ذات طبيعة هشة نتيجة وجود سلاسل جبلية وأودية كبيرة مصباتها في السهول المحاذية للبحر ويقطنها الآلاف من السكان والغالبية العظمى من المنشآت تقع على امتداد هذه السهول .. ثم بدأت الدراسة بالتعمق في الجانب التفصيلي لمناطق الضعف ومناطق القوة للمناطق الممتدة على الشريط الساحلي وهذه التفاصيل تعتمد على نوع المباني والمواد المستخدمة في بنائها وأيضا ارتفاعها وبعدها عن السواحل ومجاري الأودية وتم تحديد المناطق ذات الكثافة السكانية وتوزيع المنشآت ومدى تحملها وجاهزيتها للمخاطر المتوقعة.

وتطرقت الدراسة للجوانب الاجتماعية والاقتصادية ودور المؤسسات الأهلية والحكومية وضرورة وجود فهم وثقافة تتعلق بكيفية التخفيف من آثار هذه الظواهر وإدراجها في خطط التنمية بمختلف درجاتها وسن تشريعات وقوانين منظمة للجوانب الإنشائية للمباني وأيضا المواقع، بحيث تتلاءم مع المخاطر المتوقعة ولا بد من دور تثقيفي للسكان من خلال الإعلام وكذلك المناهج التعليمية لإيجاد جيل عنده الفهم والإدراك للتخفيف من آثار هذه الحالات.

وأشار محمد قطن إلى أن الإعصار المداري (مكونو) الذي تعرضت له محافظة ظفار في شهر مايو الماضي والذي وصلت شدته للدرجة الثانية كان بمثابة اختبار لمدى جاهزية المنطقة وسكانها وأيضا مؤسساتها وبنيتها الأساسية لمواجهة مخاطر هذه الحالات وكشف لنا مناطق القوة ومناطق الضعف وحدد لنا أوجه الخلل والقصور في عدة جوانب وعليه يتوجب على الأفراد والجهات الاستفادة من هذه الأخطاء ومحاولة تداركها لأن المستقبل مليء بالمفاجآت وقد تداهمنا أعاصير وعواصف أكثر عنفا وتدميرا. ومن ناحية الاستعدادات لمواجهة الحالات المدارية الاستثنائية قال محمد قطن: لا بد من تحديد الخطوات المتبعة للتخفيف من الأضرار المتوقعة للعواصف والأعاصير وتنقسم هذه الخطوات إلى ثلاث مراحل تشمل مرحلة ما قبل الحالة الجوية والتي تتعلق بجانب الاستعدادات والتجهيزات وتعتمد بشكل كبير على التأكد من جاهزية الجهات المسؤولة عن الجانب التوعوي وفرق الإنقاذ وغيرها وكيفية تشكيل فرق العمل المختلفة لتحضير أماكن الإيواء وتوفير الاحتياجات الضرورية الكافية من ماء وغذاء ووقود وغيرها.

أما المرحلة الثانية فهي الاستعدادات أثناء لحظات مرور الإعصار وهذه النقطة لها أهمية خاصة لأنها بالغة الصعوبة من ناحية توقف الحركة والتنقل وأيضا تتوقف فيها عمليات الإنقاذ بسبب قوة وعنف الرياح وغزارة الأمطار وأيضا اجتياح الأمواج للمناطق الساحلية ويتم خلال هذه اللحظات تحديد المناطق الأكثر تضررا وتحديد نوع الأضرار ويكون دور الإعلام دورا مهما من خلال توجيه السكان وتنبيههم لحظة بلحظة وتلقى تقارير عن حالات الاستغاثة ومراقبة المنشآت المهمة كالطرق والمستشفيات وغيرها من المنشآت التي تقدم خدمات للسكان.

والمرحلة الأخيرة هي مرحلة ما بعد الكارثة ويتم التركيز على حصر الأضرار وتنظيم توزيع المساعدات والدعم العاجل للمناطق الأكثر تضررا وفتح الطرق يعتبر العامل الحاسم لنجاح هذه الجهود يليها إرجاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وتنتهي هذه المرحلة بإعادة تأهيل المناطق المتضررة وتقديم المساعدة للسكان المتضررين وإعادة عجلة التنمية لوضعها الطبيعي.

التوصيات

وبناءً على الدراسة في موضوع مخاطر الأعاصير المدارية على محافظة ظفار ونتيجة لما عايشناه فترة إعصار مكونو كان لا بد لنا أن نستخلص بعض التوصيات للحد من آثار الأعاصير المدارية على المحافظة وهي ضرورة وجود بنية أساسية لديها القدرة على تحمل قوة وشدة هذه الأعاصير والحل الأمثل استخدام الشبكات الأرضية لخطوط الكهرباء وتدعيمها في مجاري الأودية وكذلك شبكات المياه والاتصالات وإعادة دراسة المخططات السكنية الواقعة ضمن أو بالقرب من مجاري الأودية وكذلك للمخططات السكنية والسياحية المحاذية للشريط الساحلي مع ضرورة سن قوانين واشتراطات هندسية للمباني الجديدة بحيث تراعي مخاطر الأعاصير والبدء في تشجيع ملاك الأراضي الصناعية للالتزام بمبانٍ ثابتة تستطيع الصمود أمام الحالات المدارية المتوقعة بالإضافة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات دقيقة للسكان وأماكن انتشارهم وأيضا مدى قدرة الاستيعاب لأماكن الإيواء ومواقعها والعمل على تجهيزها باللوازم الضرورية وأهمها وجود مخازن آمنة وآبار مياه قريبة، وإنشاء مركز متكامل لإدارة الأزمات والمكان الأمثل لهذا المركز داخل أو بالقرب من معسكر القوات المسلحة (نجور صحلنوت) لكونها مناطق مرتفعة وآمنة وتتوفر فيها جميع الخدمات والقيام بدراسة دقيقة للولايات المعرضة للمخاطر بشكل أكبر مثل ولاية رخيوت وولاية سدح وتشجيع المواطنين على التوقف عن بناء مساكن جديدة في الأماكن المهددة بالسيول الجارفة أو اجتياح الأمواج واستحداث مواقع بديلة أكثر أمنا، وتسهيل الإجراءات وتبسيطها لسكان الأرياف والبادية للحصول على مساعدات سكنية أو قروض سكنية من بنك الإسكان وبقية البنوك لبناء مساكن حديثة وحظائر للمواشي مقاومة لمخاطر الأعاصير.