أفكار وآراء

صراع موانئ النفط الليبية يزيد القلق بشأن المعروض

30 يونيو 2018
30 يونيو 2018

تونس ـ لندن ـ رويترز: قد يواجه إنتاج النفط الليبي تعطلا طويلا مع سعي فصائل في شرق ليبيا للسيطرة على تصدير الخام مما يعزز الضغوط على سوق عالمية تعاني شحا في المعروض.

وسعت فصائل متمركزة في شرق ليبيا للسيطرة على صادرات النفط في السابق لكنها واجهت صعوبات في العثور على مشترين مع إصرار الدول الغربية على التعامل فقط مع المؤسسة الوطنية للنفط المعترف بها دوليا و مقرها العاصمة الليبية طرابلس.

لكن هذا لم يوقف سعي قوات في الشرق للسيطرة على الموانئ متهمين الحكومة في الغرب بالفشل في تقاسم الإيرادات على نحو عادل.

وتسبب أحدث صراع على السلطة بالفعل في انخفاض إنتاج ليبيا بين 600 و700 ألف برميل يوميا بعد أن بلغ في وقت سابق من العام الجاري مليون برميل يوميا، وإن ظل دون مستوى الإنتاج البالغ 1.6 مليون برميل يوميا قبل انتفاضة 2011 التي أعقبها انزلاق ليبيا في الفوضى.

وبدأ تضرر إنتاج ليبيا مع اندلاع أحدث سلسلة من المعارك حول ميناءي رأس لانوف والسدرة اللذين أُغلقا لأسبوعين مما تسبب في فقد نحو 450 ألف برميل يوميا.

والخميس الماضي بدأت المؤسسة الوطنية للنفط الموازية في بنغازي منع ناقلات مستأجرة من المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس من تحميل الخام في ميناءي الزويتينة والحريقة. وميناء البريقة خاضع أيضا لسيطرة الشرق.

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس أمس الأول إنها تتوقع إعلان حالة القوة القاهرة في الزويتينة والحريقة أول يوليو ليصل إجمالي فقد الإنتاج إلى 800 ألف برميل يوميا بما يعادل إيرادات قدرها 60 مليون دولار يوميا. ووصف مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط في طرابلس في مقال بصحيفة فايننشال تايمز يوم الخميس الماضي الأزمة الأخيرة بأنها “الأخطر” في خضم التحديات التي تواجه قطاع النفط الليبي منذ انتفاضة 2011.

وتقول شركة فورتكس للتحليلات إن إجمالي صادرات الموانئ الخمسة الخاضعة لسيطرة الشرق بلغ نحو 780 ألف برميل يوميا في مايو.

وقال فرج سعيد رئيس مؤسسة النفط في بنغازي لرويترز“ استلمنا الموانئ ونحن المسؤولون عنها الآن” مضيفا أن الأوامر صدرت بمنع دخول أي ناقلة لا تتبع توجيهات مؤسسة الشرق.

خسارة مؤلمة

تظل سوق النفط، التي تتعرض لضغوط بالفعل جراء انخفاض إنتاج فنزويلا وأنجولا بجانب المخاوف بشأن تقلص الإمدادات الإيرانية جراء العقوبات الأمريكية، شحيحة حتى بعد أن اتفقت أوبك وحلفاؤها على تخفيف قيود الإنتاج. وقال كارستن فريتش المحلل لدى كومرتس بنك “خسارة أي برميل من ليبيا ستكون مؤلمة”. وأضاف “لم يكن الأمر ليأتي في توقيت أسوأ من هذا، وأيضا في سياق انخفاض شحنات النفط الإيراني الوشيك إلى الصفر”.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا وحلفاؤهما الأسبوع الماضي على العودة إلى مستوى امتثال نسبته مائة بالمائة بالتخفيضات السارية منذ يناير 2017 بدلا من تجاوز تلك القيود.

لكن هذا يضغط على السوق أيضا. وستلبي السعودية أكبر مصدر في أوبك وروسيا معظم زيادات الإنتاج، ويعني ذلك تآكل احتياطي الطاقة الفائضة الذي يمكن أن يخفف أثر التعطيلات غير المتوقعة للإمدادات.

وانخفض إنتاج ليبيا إلى 200 ألف برميل يوميا في منتصف 2016 ثم تعافى العام الماضي إلى نحو مليون برميل يوميا.

تحقق ذلك الانتعاش في سبتمبر 2016 حين سيطر الجيش الوطني الليبي بقيادة القائد العسكري خليفة حفتر المتمركز في شرق ليبيا على موانئ نفطية محاصرة بما في ذلك رأس لانوف والسدرة وسمح للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس بإعادة فتحها.

لكن فصائل متمركزة في شرق البلاد خالفت تلك السياسة في يونيو متهمة البنك المركزي في طرابلس بدفع رواتب لمناوئين للجيش الوطني الليبي وعدم تقديم أموال كافية للشرق. ويقول مسؤولون في شرق ليبيا إنهم سيرسلون الإيرادات إلى بنك مركزي مواز في بلدة البيضاء الليبية.

لكن تلك الإيرادات قد لا تتدفق بسهولة. وقالت توتال الفرنسية، التي اشترت هذا العام 16.3 بالمائة في شركة الواحة للنفط التي تقوم بالتصدير عبر ميناء السدرة، إنها لن تتعامل سوى مع مؤسسة النفط في طرابلس بما يتماشى مع مطالب الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا.

وقالت في إشارة إلى مؤسسة طرابلس “توتال ملتزمة بالقوانين الدولية والليبية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي والتي تطالب بأن تظل منشآت وصادرات ليبيا النفطية خاضعة للسيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط”.

وكررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أوروبية تصريحات تطالب بأن تكون السيطرة منفردة للمؤسسة الوطنية للنفط، لكن دبلوماسيين قالوا إن التحذيرات الغربية تأخرت بسبب بذل مساع لإبطال تحرك القوات المتمركزة في الشرق لتسليم السيطرة لمؤسسة النفط في بنغازي.