1377163
1377163
عمان اليوم

الحصـن.. سوق اللبان الظفاري والبخور والعطور موقع اقتصادي مهم لزوار صلالة

29 يونيو 2018
29 يونيو 2018

حماية المستهلك تتابع الأسواق ومحلات بيع البخور -

كتب – عامر الرواس -

تشكل الأسواق الشعبية في السلطنة إرثًا تاريخيًا كبيرًا وذلك من خلال الحقبة التاريخية التي عاشت بها تلك الأسواق الشعبية وما شكلته من حراك اقتصادي مهم في مراحل مختلفة من مراحل نمو هذا البلد وسوق الحصن الشعبي يعد من أهم هذه الأسواق المهمة على الخارطة الاقتصادية العمانية ويعتبر من الأسواق التقليدية التي تبيع كل ما يتعلق باللبان بصفة خاصة، والبخور واللبان والعطور والبضائع والثياب التقليدية والهدايا وغيرها من المواد التي تشتهر بها المحافظة بصفة عامة، وهو من أقدم الأسواق التجارية في مدينة صلالة وبضائعه عبارة عن مزيج من الكماليات القديمة والحديثة ويتميز عن غيره من الأسواق في المحافظة ببيع اللبان والبخور والعطور بأنواعها المختلفة

، وطالت أعمال التحسين والتجميل لهذا السوق في العام 2000 على مساحة إجمالية قدرها 3 آلاف متر مربع ويتضمن السوق (92) محلاً تجارياً حيث يعتبر بيع المجامر واللبان والبخور، هو الأبرز في هذا السوق، وليس غريبًا أن تشاهد العديد من النسوة يمارسن عملية البيع وتعبئة اللبان في عبوات بعد أن تتم تنقيتها ووضعها حسب أحجامها والأمر طبيعي للغاية عندما تدخل داخل هذا السوق لتشم رائحة البخور واللبان تفوح في كل الجنبات والأماكن، حيث يحرص الكثيرون على حرق البخور حتى تملأ رائحته الزكية المكان .

السوق إضافة إلى الصبغة المعمارية القديمة التي تم أخذها في الاعتبار عند ترميمه وتجديده، يمتاز بطابعه التقليدي ويبيع كل ما يخطر على البال من التقليديات، فهناك محلات تبيع كل ما يتعلق بالملابس العمانية التقليدية الرجالية منها والنسائية ومنها الكمة التي يضعها الرجال على الرؤوس، وأيضاً الدشاديش والعصي والخناجر والكثير من العطور والبخور الذي تبيعه كافة المحلات المطلة على الباحة الخارجية للسوق بعد تجديده، وكل المحلات الواقعة على الباحة الخارجية المواجهة لمكتب البلدية كتب عليها بالخط والألوان نفسها (بخور وعطور) ليؤكد تخصص هذا السوق في هذه المحافظة المعروفة منذ زمن قديم بتجارة البخور والعطور التي لا يخلو منها بيت في محافظة ظفار أو حتى في بيوت سكان السلطنة بشكل عام

غش البخور في ظفار

ولحماية سلعة البخور تقوم إدارة حماية المستهلك بالمحافظة متابعة الأسواق ومحلات بيع البخور خاصة سوق الحصن باعتباره واحدا من أهم الأسواق التي تبيع البخور الظفاري والتي يقبل عليها زوار ظفار خاصة في فصل الخريف، وفي هذا الصدد يقول علي البصراوي مدير إدارة حماية المستهلك بمحافظة ظفار نقوم بزيارات متعددة لمحلات بيع البخور بغرض التأكد من عدم وجود أنواع مغشوشة منه تسيء للبخور الذي اشتهرت به السلطنة.

وأضاف البصراوي إن في الفترة الأخيرة انتشرت كميات من البخور المغشوش في الأسواق وخاصة مع الباعة الجائلين، وذلك لعدة أسباب منها أن بعض الأيدي العاملة الوافدة ممن كانوا يعملون مع الصناع العمانيين وأخذوا عنهم بعض الخبرة واستقلوا بذاتهم وبدأوا في إنتاج أنواع رديئة ومغشوشة من البخور يقومون ببيعها بالأسواق، وهي مجرد مكونات رديئة من نشارة الخشب والزيوت العطرية والسكر، ولهذا تقوم إدارة حماية المستهلك في محافظة ظفار بحملات تفتيشية متكررة على الأسواق، وخاصة في فترة الخريف حيث الإقبال السياحي على الأسواق الشهيرة في المحافظة مثل سوق الحصن وتم ضبط الكثير من منتجات البخور المغشوشة في إطار التعاون مع أصحاب هذه الصناعة والتجارة الذين يريدون حمايتها من الغش والتقليد، حيث نتلقى منهم النصائح والمعلومات الفنية المختلفة ويتعاونون في الإبلاغ عن أية مخالفات.

ويضيف مدير إدارة حماية المستهلك بمحافظة ظفار إننا نقوم بعمليات مداهمة وتفتيش بالتنسيق والتعاون مع بعض الجهات في المحافظة وذلك بحثاً عن أماكن تصنيع البخور المغشوش وخاصة في الأحياء القديمة.

يذكر أن بيع البخور المغشوش يعد تعديًا على حقوق المستهلك المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك، وتحديدًا حق الأمانة والمصداقية الذي يؤكّد على ضرورة حماية المستهلك من المنتجات والخدمات وعمليات الإنتاج التي تؤدي إلى مخاطر على صحة وحياة المستهلك، وتهيب الهيئة العامة لحماية المستهلك المزودين والمعلنين والوكلاء ضرورة الالتزام بالقوانين والقرارات المعمول بها وكذلك الواجبات الملقاة عليهم والتي كفلها قانون حماية المستهلك للمستهلكين في إطار التعاون والتنسيق بين بلدي ظفار والهيئة العامة لحماية المستهلك وأضاف البصراوي لقد قامت البلدية بتوفير مكتب للهيئة داخل سوق للحصن خلال خريف صلالة ٢٠١٨ لتمكين كوادر الهيئة من أداء واجباتها الرقابية على جميع السلع والخدمات داخل السوق والتأكد من استقرار الأسعار وعدم وجود أي تلاعبات او غش او تدليس والاستجابة بشكل مباشر في حال تلقيها أي بلاغ سوى كان مباشرا او عن طريق مركز الاتصالات او وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بك والتويتر والانستجرام.

إبداع عبر التاريخ

عرف البخور في السلطنة منذ أمد غير قريب فتفنن صانعوه في صناعته فكان بعضه ما يقتنى ومن أثمن ما يمكن بيعه خاصة بعد أن ازدهرت صناعة البخور وعرفت على مستوى الحضارات القديمة والتي كان البخور ركيزة أساسية تقوم عليها معتقداتهم الدينية والمتوارثة.

ومما يدلل على اهتمام العمانيين بصناعة البخور واقتنائه بصورة كبيرة قيام العديد من الأسر العمانية خاصة فيما مضى بصناعته في المنازل لاستخدامه في المناسبات المختلفة خاصة تلك المتعلقة بالأعراس والأفراح المختلفة قبل أن تكون هذه الصناعة سلعة تباع في الأسواق داخل وخارج البلاد.

وما أن يذكر البخور إلا ويأتي ذكر ظفار التي عرفت البخور منذ قديم الزمان حيث كانت مصدرا لتزويد الكثير من الأقطار باللبان العماني عالي الجودة حيث ظل إنتاج هذه المادة العطرية حاضرا إلى وقتنا هذا.

وتشتهر محافظة ظفار بإنتاج اللبان بكافة أنواعه وخاماته والذي يعتبر أحد أهم أنواع البخور ويستخدم في تحضير بعض أنواع العطور والبخور المحلي كما يعتبر البديل الأول لكافة أنواع البخور لرائحته العطرية الزكية.

وتعد صناعة العطور والبخور بالطريقة التقليدية إحدى سمات محافظات ومناطق السلطنة وخاصة محافظة ظفار منذ القدم نتيجة للدعم الذي تتلقاه هذه الصناعة ونتيجة لما تشكله للقائمين عليها من مصدر دخل لكثير من الأسر خاصة والتي عملت على تطويرها والارتقاء بتا تحقيقا لذائقة الكثير من الناس والمحبين لها.

وتلقى صناعة العطور والبخور رواجا كبيرا بين المواطنين والزوار حيث تؤكد المصادر التاريخية بان ظفار عرفت تجارة البخور منذ العصر الحجري والعصر الحديث حيث كان للبخور الظفاري دور بارز في النشاط التجاري بين المناطق القديمة والحضارات المختلفة.

وقد عرفت المحافظة صناعة أنواع مختلفة من البخور حيث برعت المرأة العمانية وتفننت في تصنيعه باستخدام أنواع وألوان شتى من العطور والروائح الذكية ومع تطور الحياة وإيقاعها تطورت كذلك أنواع البخور الدخون وتعددت أصنافها ففي الوقت الذي كانت فيه المرأة تحضر حاجتها من الدخون كما يسمى محليا في ظفار نتج عنه تخصص بعض النسوة في تجميعه وتحضيره من خلطات عديدة واتسمت كل واحدة من هذه الخلطات باسم خاص تعرف به كما أدخلت أساليب ومواد جديدة في خلطة البخور لم تكن موجودة من قبل وهي ذات جودة عالية وبعضها باهظ الثمن.

وقد أصبح البخور العماني سلعة اقتصادية مهمة وصناعة عمانية خالصة تدر عائدا وافرا على من يمارسون هذه الحرفة واستقطبت قطاعا كبيرا من النسوة اللاتي أصبحن يمتلكن أماكن خاصة ببيع البخور في الأسواق التقليدية والمجمعات التجارية التي انتشرت بشكل كبير في السلطنة كما تقوم بعض النسوة بتسويق بضاعتهن من البخور عن طريق البيع المنزلي والبعض الأخر يتخذن من بيوتهن مكانا لبيع إنتاجهن من البخور والذي غالبا ما يكون على مستوى عال من الجودة.

وتختلف أسعار البخور حسب النوعية المعروضة والتي هي مزيج من عدة أصناف العطور والمسك والهيل وحطب العود وبعض أنواع التوابل حيث تتراوح قيمة الكيلوغرام من البخور من عشرة ريالات إلى مائتين وخمسين ريالا عمانيا حيث يعتبر البخور الدخون إحدى المستلزمات الأساسية في مناسبات الأفراح كالأعراس والأعياد والمناسبات الأخرى. ويلقى البخور إقبالا كبيرا من قبل الزوار والسياح من داخل السلطنة وخارجها حيث يعد البخور من أهم الهدايا التي يحرص السياح على شرائها من الأسواق العمانية.

أنواع البخور العماني

هناك نوعان من البخور: السائل الذي يصنع من خلال وضع خشب العود في مجموعة مختارة من العطور السائلة غالية الثمن لمدة معينة ومن أفضل هذه الأنواع كالقطرة وغيرها من الأسماء وهناك البخور الجاف ويتم إعداده بخلط مجموعة من العطور بطريقة معينة ومن ثم طحنه ليصبح كالبودرة ومنه أصناف عدة منها كدخون الهيل والمخلطة والأميرات والماس وحافرو والمشحمة وكنوز وقشاطية وغيرها.

وهناك أنواع عديدة من الطيب والعطر العماني الذي يتم تصنيعه في بعض مناطق السلطنة حيث يأتي (الورس) في مقدمة تلك الأنواع والذي ينقى ويدق ثم ينخل وينعم ويخلط مع قليل من الزيت قبل أن يدهن به الجسم وأيضا (السايحة) التي تتكون من خشب العود والصندل والزعفران والمسك الأسود والعود المصلوح الذي يمزج فيه العود الناعم مع المسك والعنبر الأسود والسكر وماء الورد وهناك عطر المجموع فهو خليط من دهن العود والزعفران والمسك والعنبر والصندل والورد إلى جانب العطور الأخرى (كالدقة) و(الكيداء) و(المثلثه) و(الصمغ) و(السحالة) وغيرها.

ويأتي ماء الورد من ضمن أنواع الطيب العماني الذي يتم تقطيره وصناعته في الجبل الأخضر بمنطقة الداخلية من خلال تكثيف البخار الناتج من الاحتراق داخل إناء الفخار(البرمة ).