صحافة

الحياة الجديدة: صهر ترامب بين التناقض والعدائية

27 يونيو 2018
27 يونيو 2018

في زاوية مقالات وآراء كتب عمر حلمي الغول مقالاً بعنوان: كوشنر بين التناقض والعدائية، جاء فيه:

أجرت صحيفة “القدس” المقدسية مع جاريد كوشنر، صهر ترامب، وكبير مستشاريه لقاءً صحفيا أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة. كشف فيها مجددا عن شراكة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني، عكسها في أكثر من موقف وإجابة على الأسئلة المطروحة عليه، فأولا تناقض مع نفسه ومع محددات سياسة إدارته عندما ادعى، “ان أي حل سياسي يفترض ان يتفق عليه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي”، وفي جواب آخر، جزم بأن الإدارة الأمريكية ستطرح الصفقة المشؤومة إن لم يلتحق الرئيس محمود عباس بها”، بتعبير آخر، الخطة جاهزة، وقصة اتفاق الطرفين، ليست سوى كذبة كبيرة. ومع ذلك نلحظ هنا ان التناقض جلي وواضح. ومن جهة أخرى، أشار إلى ان “الصفقة ما زالت قيد التشكل”، وفي ذات الوقت كما يعلم الجميع، قامت إدارة ترامب بسلسلة من الخطوات والإجراءات العملية لترجمة “صفقة القرن” على الأرض، حاسما بذلك بعض ملفات الحل النهائي لصالح إسرائيل، منها: ملف القدس، التي أعلن اعترافه بها عاصمة لـ”إسرائيل” الاستعمارية في السادس من ديسمبر 2017، وفي الذكرى الـ70 للنكبة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، ليس هذا فحسب، بل ما زالت إدارته بقيادة “حماه” تلاحق ملف اللاجئين الفلسطينيين، عبر العمل الدؤوب لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تدريجيا. كما ان أركان الإدارة الأمريكية تلاحق ملف الأسرى الفلسطينيين بعدما أقرت مشروع قانون “تايلور فورس”، وتُّصر على اتهامهم بـ”الإرهابيين”، واتخذت قرارا قبل يومين بتجميد مساعدات السلطة الوطنية، وغيرها من الملفات المتعلقة بالحدود والثروات الطبيعية والأمن والمستعمرات. وهو ما يؤكد ان كوشنر لم يتمكن من تغطية ثقوب الغربال، التي تفضح سياسة إدارته المتماهية مع حكومة إسرائيل الاستعمارية.

وحاول صهر ترامب ان يلوح بالحل الاقتصادي والإنساني، حين عرج على ما يعاني منه أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من تعقيدات وصعوبات كارثية، وتجاهل كليا الحل السياسي، رغم انه عندما سئل عن مواقف زعماء الدول العربية، الذين التقاهم، أكد على انهم جميعا “يريدون ان يروا دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”، ومع ذلك قفز عن هذه القضية دون ان يرف له جفن، عندما تابع حواره حول رؤيته للخروج من المأزق، الذي تعيشه العملية السياسية، وتجاهل عن سابق تصميم وإصرار الحل السياسي، الذي هو صلب وجذر الموضوع برمته، لا سيما وان كل التفاصيل الأخرى والويلات والكوارث الموجودة في أوساط الشعب الفلسطيني، إنما هي نتاج الاستعمار الإسرائيلي وسياساته المنهجية في التدمير والتصفية التدريجية للقضية الفلسطينية، ووجهها الآخر، المتمثل بالتخلي الكلي عن عملية السلام ومرجعياتها الأممية. ولم يتوقف كوشنر عند ذلك الحد، بل مارس عملية التحريض على الرئيس محمود عباس، وطالب بوقاحة وبلطجة الشعب الفلسطيني بالخروج على السياسات والثوابت الوطنية، التي دافع ويدافع عنها الرئيس عباس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. ومارس الكذب والدجل حينما ادعى ان القيادة الفلسطينية أضاعت العديد من الفرص؟! والسؤال موجه للمستوطن كوشنر، أين هي الفرص، التي أضاعها الشعب الفلسطيني وقيادته؟ ومتى ضاعت تلك الفرص؟ وأين هي تلك الفرص حتى لا يضيعها الفلسطينيون؟ وماذا كان على القيادة الفلسطينية ان تقبل؟ وهل يدرك كبير مستشاري ترامب نشوء وتطور الصراع الفلسطيني العربي من جهة والإسرائيلي من جهة أخرى؟ أم انه مبرمج بترداد مجموعة من المقولات الباهتة والباردة، التي لا تعني شيئا سوى التساوق والتشارك مع الرؤية الاستعمارية الإسرائيلية؟

بالمقابل فإن صهر الرئيس الأمريكي لم يشر من قريب أو بعيد للمستعمرين الإسرائيليين، ولا عن دورهم التخريبي والإرهابي والمبدد لعملية السلام والتسوية السياسية، بل صمت صمت أهل القبور تجاه جرائم حربهم ضد الشعب العربي الفلسطيني، ولم يحاول ان يقارب بأي شكل من الأشكال بين الضحية والجلاد، فأغمض عينيه، وأغلق فمه، وأصم أذنيه عن إسرائيل الاستعمارية، والعكس صحيح فيما يتعلق بالشعب الضحية، الواقع تحت نير الاستعمار الإسرائيلي، الذي حمّله وحمّل قيادته عموما ورئيسه خصوصا كل المسؤولية عما جرى ويجري، وهو بذلك قد كشف مجددا انه يقرأ الواقع من موقع المستعمر الإسرائيلي.