1374682
1374682
العرب والعالم

أموال النفط تعمق الانقسامات بين السلطتين المتنافستين في ليبيا

27 يونيو 2018
27 يونيو 2018

طرابلس- عماد لملوم :

تتعمق الأزمة في ليبيا على وقع مواجهة جديدة بين حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس والحكومة الموازية في الشرق التي يدعمها المشير خليفة حفتر للسيطرة على منافذ تصدير النفط وإدارة عائداته بعيدا عن التعهدات التي قطعت في مايو إثر مفاوضات بين الطرفين في باريس.

وطلبت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا أمس من الأمم المتحدة بوقف أي محاولة «غير قانونية» لبيع النفط الليبي، ردا على إعلان قائد «الجيش الوطني الليبي» خليفة حفتر إدارة مؤسسة نفطية تابعة للحكومة الموازية.

وجاء في بيان صادر عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أن ما «أعلنته بعض الجهات غير المخولة من تسليم الموانئ النفطية إلى كيان غير شرعي وغير معترف به يمثل اعتداء واضحا على صلاحيات واختصاصات المؤسسة الوطنية للنفط» التابعة لحكومة طرابلس، مطالبا مجلس الأمن الدولي بـ«إيقاف أي عمليات بيع غير قانونية قد تحدث بسبب هذه الأفعال».

وتتنازع على السلطة في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن عملية رعتها الأمم المتحدة وتعترف بها الأسرة الدولية، وحكومة موازية في الشرق تحظى بتأييد آخر برلمان منتخب.

وأعلن حفتر أمس الأول في بادرة تنطوي على تحد كبير، أن كل المنشآت التي تسيطر عليها قواته سيتم تسليمها «إلى المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة الليبية المؤقتة» ومقرها في مدينة البيضاء.

وتسيطر القوات التابعة للمشير حفتر بشكل خاص على أربعة موانئ تصدير في منطقة الهلال النفطي في شمال شرق البلاد بالإضافة إلى ميناء الحريقة في طبرق قرب الحدود مع مصر. ومن هذه المنافذ يتم تصدير القسم الأكبر من النفط الليبي.

وإلى الآن، كانت المؤسسة الوطنية للنفط هي التي تدير هذه المنافذ وتتولى تصدير النفط بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بموجب اتفاق ضمني وعلى الرغم من وجود قوات حفتر فيها.

وهاجمت المؤسسة الوطنية للنفط أمس قرار حفتر، مؤكدة أن تصدير السلطات الموازية للنفط هو عمل «غير قانوني». وقالت المؤسسة في بيان أن «القيادة العامة (للجيش الوطني الليبي) لا تتمتع بأي سلطة قانونية تمكّنها من السيطرة على صادرات النفط في ليبيا»، مذكرة أنه «هناك مؤسسة وطنية شرعية واحدة للنفط معترف بها لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط، الأوبك، والمجتمع الدولي».

وحذرت المؤسسة «الشركات من إبرام عقود لشراء النفط مع المؤسسات الموازية». وأكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة مصطفى صنع الله «أنّ المؤسسة ستتخذ كل الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل الشركات التي لا تحترم هذا القرار».

وأعلنت الحكومة الموازية في البيضاء من جانبها أنها «تطمئن كل الليبيين بأننا نضمن التوزيع العادل لعوائد النفط وبأننا سنعمل على حل كافة المختنقات التي يعاني منها المواطن الليبي بكل شفافية تامة. ونطمئن كل الشركات الأجنبية بأن كل التعاقدات السابقة مع الأطراف الخارجية ملتزمون بها، وأن أيدينا ممدودة للجميع». وتصدر ليبيا النفط إلى كل أنحاء العالم لا سيما إلى أوروبا والولايات المتحدة والصين.

وكان البنك المركزي الليبي يتولى حتى الآن إدارة عائدات النفط لصالح حكومة الوفاق الوطني التي تقوم بدورها بدفع رواتب الموظفين في كل أنحاء البلاد بما في ذلك في المناطق التي تديرها السلطات الموازية. ولدى كل طرف بنك مركزي خاص به ومؤسسة نفط تابعة له ووكالة أنباء خاصة به.

ولتبرير قرار المشير حفتر، قال المتحدث باسمه العميد أحمد المسماري إن القرار اتخذ بعد أن تبين أن «تمويل المجموعات المسلحة يأتي من العائدات النفطية»، في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي يقودها إبراهيم الجضران وهاجمت في الرابع عشر من يونيو محطتي رأس لانوف والسدرة، وهما من أبرز موانئ تصدير النفط.

وعبر المسماري عن الأسف لأن «الجيش الوطني الليبي» لم يتلق أي دعم لقاء حماية المنشآت النفطية منذ 2016، على الرغم من خسارته العشرات من العسكريين، وكميات كبيرة من العتاد والذخيرة خلال التصدي للهجمات التي استهدفت الهلال النفطي.

وقال: «لم نتلق دينارا واحدا من المؤسسة الوطنية للنفط»، ملمحا إلى أن «الجيش الوطني الليبي» يحق له الحصول على جزء من «الثروات من اجل التجنيد وشراء الأسلحة والمعدات».

والجضران هو الرئيس السابق لحراس المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي. وقد تمكن من منع تصدير النفط من هذه المنطقة طوال عامين قبل أن يطرده «الجيش الوطني الليبي» في سبتمبر 2016.

ووقعت معارك عنيفة خلال الأسبوعين الماضيين بين قوات حفتر ومجموعات بقيادة الجضران، تمكنت خلالها هذه المجموعات من السيطرة على منطقة الهلال النفطي، قبل أن تشن قوات حفتر هجوما مضادا استعادت خلاله المنطقة الخميس الماضي.

في أواخر مايو، جمع ماكرون أبرز أطراف الأزمة الليبية وبينهم حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج اللذين اتفقا على إعلان ينص على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في 10 ديسمبر 2018 وتوحيد المؤسسات.

وقال صنع الله أمس في طرابلس: إن القيادة العامة للجيش تحت إمرة المشير حفتر، ومن خلال قرارها الأخير، «أضاعت فرصة ممتازة لخدمة المصلحة الوطنية» و«أدارت ظهرها لاتفاقات باريس والمصلحة الوطنية والطريق إلى السلام». وقالت حكومة الوفاق من جهتها أن قرار حفتر الأخير «لا يخدم مسار التوافق» و«يقوض الجهود الدولية لترسيخ الاستقرار».