Tunis-New
Tunis-New
أعمدة

زواج مــــوثــق من «تــويتر»!

26 يونيو 2018
26 يونيو 2018

تواصل -

تونس المحروقية -

hlaa202020 @

مشهد أول:

جاءت لإحدى صديقاتها متوترة وجلة تخبرها أن زوجها يتابع حساب فتاة جامعية في “تويتر“ ويقوم بوضع علامة إعجاب في كل تغريداتها كما يقوم بإعادة نشر تلك المنشورات في حسابه وأحياناً لا يتوانى عن التعبير لها عن إعجابه بروعة ما تكتب رغم أن كل ما تكتبه منقول من حسابات أخرى، أضافت أنها تراقب حسابه منذ الصباح وحتى منتصف الليل بعد أن فتحت حساباً لها لا يعرف زوجها عنه شيئاً، هي لم تكتف بذلك بل وظفت بعض معارفها لإعطائها معلومات عن تلك التي يتابعها زوجها ووصل بها الحال أن تتصل بها لتجعلها تترك زوجها في حاله، أضافت لصديقتها بثقة: “رجال هذا الزمن ما منهم أمان والبنات الحين عادي عندهن يخطفن الواحد من زوجته وأولاده“.

مشهد ثانٍ:

هو يضيق ذرعاً بعبارات الإعجاب التي تكتب أسفل منشورات حساب زوجته في تويتر، رغم أنها لا تتفاعل مع أغلبهن وإن تفاعلت فذلك يكون بطريقة رسمية لا ود مبالغ فيه، لكنه كل يوم على العشاء يسألها عن ذاك الذي كتب لها عبارة على شاكلة”تغريداتك تصنع يومنا“ والآخر الذي صمم لها مقطعا مرئيا تحوي تغريداتها الأجمل مع خلفية من الموسيقى! ثم يقول لها: “هذا الحساب هو الذي سيخرب هذا المنزل، عاجبنك الرجال تجلس تتغزل فيك ما كأنك متزوجة وعندك زوج محترم يعرف يصون أهل بيته، وبعدين ليش كل أسبوع تغيري صورتك في الحساب؟”!

مشهد ثالث:

قررت أن تختبر زوجها ففتحت حساباً في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بلا هوية واضحة غير أنه لأنثى جميلة كما تظهر الصورة المثبتة في الحساب وبدأت تقترب شيئاً من حساب زوجها، حتى وقع في فخ الشباك الذي نصبته له ومع ذلك لم تعترف له واقعياً بما فعلته، ظلت مستمتعة برؤية زوجها يخونها معها ويتبادل معه الشوق عبر حسابها الوهمي الذي لا يعرف صاحبته ويبدو أنه لا يهتم كثيراً لمعرفة ذلك، تفعل كل ذلك ثم في واقعها تنظر له على أنه الزوج الخائن الذي يسهل خداعه من أي أنثى ولو كانت زائفة!

مشهد رابع:

يمنع زوجته من إنشاء حسابات في وسائل التواصل الاجتماع يقول إنها منصات للرجال فقط ومن غير المقبول أن يكون لزوجته حساب هناك، إذ كيف يمكن أن يبرر لعائلته الأمر لو عرفوا ذلك، تخبره أن هناك كثيرات في تلك المنصات بأسمائهن وصورهن، يقول لهن: “هذيلاك من المدن نحن ما مثلهم “عاداتنا وتقاليدنا غير“ !

مشاهد متكررة ومشابهة لما ذكر أعلاه تحدث بداخل الكثير من المنازل في علاقة الزوجين بوسائل التواصل الاجتماعي - والتي أصبحت تتداخل بشكل كبير مع حياتهم - وإن لم يتم التصريح بحدوث تلك المواقف والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى صمت العلاقة بين الزوجين أو الانفصال العاطفي أو الخلافات المستمرة وفي أسوأ الحالات إلى الطلاق.

لقد قامت فكرة وسائل التواصل الاجتماعي على أساس جعل التواصل والتعارف أسهل من ذي قبل وفتح مساحات واسعة لطرح الأفكار وأحياناً مناقشتها لكن البعض لم يستطع التخلي عن فكرة أن هذه الوسائل بيئة خصبة لتكوين العلاقات غير المشروعة وربما التعرف على آخرين خارج إطار العلاقة الزوجية بقصد الخيانة أو الحصول على مساحة حب دون التزامات تجاه الطرف الآخر لذا نجد نشاط البعض من المتزوجين في مراقبة سلوك الشريك في هذه المنصات مرتفع جداً، وذلك بمتابعة مع من تحدث ومقدار الفترة التي تحدث فيها إلى ذلك الطرف المشكوك فيه ومدى تكرار تحدثه مع ذات الشخص وغيرها من التساؤلات التي تدور في ذهن الشخص الذي يشك في نشاط شريكه في هذه المنصات.

البعض منهم يلجأ لمصارحة شريكه في العلاقة عما يلاحظه في نشاطاته في تلك الوسائل لينته ويعدل سلوكه بما يضمن مراعاة شعور شريكه بينما البعض الآخر يمعن في المراقبة وعدم إبلاغ الطرف الآخر عن شكوكه ويعيش في الهم والشك وتخيل أشياء قد لا تحدث إلا في خيالاته المسكونة بالوهم وهذا غالباً ما يتكرر مع بعض النساء، كما قد يلجأ البعض للتضييق على شريكه في استخدام هذه المنصات انطلاقاً من فكرة أنها لا تجلب إلا الفساد للأسر المستقرة وهذا غالباً ما يقرره بعض الرجال تجاه إنشاء زوجاتهم لهذه الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي.

العلاقات الزوجية هي علاقات ينبغي أن تكون مسؤولة يراعى فيها مشاعر كل أطرافها وهي لا يمكن أن تستقيم بهذا المستوى من التضييق في الدخول لهذه العوالم أو مراقبة ومحاسبة الطرف الآخر على سلوكياته هناك بهذا الشكل الذي يقترب من أن يكون مرضياً، إذ أن أساس علاقة الزواج هو الثقة المتبادلة بين الطرفين وبفقدانها بالشعور بالشك تجاه أحد أطراف العلاقة والاضطرار لمنعه من استخدام هذه المنصات أو مراقبة سلوكه فيها مراقبة تحيل إلى فقدان ثقة يغدو الارتباط الزوجي مهددا بالانهيار في أي لحظة حتى لو استمر ظاهرياً لزمن دون انفصال.

إن عــــــقد الزواج بين طرفيه يتم في الواقع وليس في تلك المنصات حتى ينتهي أو يصاب بخلله بسبب تلك العوالم الافتراضية وإنه إذا كان هناك ما ينبغي أن يتم مناقشته فيجب أن يحدث في الواقع وليس بتتبع لصيق هناك ثم إصدار قرار مصيري بناءً على ما تم فيه حتى لا تغدو العلاقة الزوجية يوماً وكأنها تمت بعقد موثق من وسائل التواصل الاجتماعي!