1372770
1372770
صحافة

فضيحة طبية تودي بحياة مئات المرضى

26 يونيو 2018
26 يونيو 2018

رغم أن مستشفيات المملكة المتحدة تعتبر من أكبر المستشفيات في العالم، ويوجد بها تجهيزات طبية متقدمة لعلاج الكثير من الحالات المرضية المستعصية، وأطباء أكفاء مشهود لهم بالخبرة والمهارة الطبية، غير أن الأمر لا يخلو من تجاوزات أحيانا تؤدي الى حدوث مئات الوفيات مثلما حدث في التسعينات بمستشفى (جوسبورت وور ميموريال) جنوب انجلترا، حيث تسببت طبيبة تدعى جين بارتون في وفاة مئات المرضى، اغلبهم من المسنين بسبب إعطائهم جرعات من المسكنات الأفيونية دون ضرورة طبية لازمة.

صحيفة (التايمز) تناولت هذا الموضوع بالتفصيل، مشيرة الى أن الطبيبة جين بارتون هي المتهم الأول في القضية بعد ثبوت إعطائها جرعات قاتلة من مسكنات الألم الأفيونية القوية خلال عملها بالمستشفى بين عامي 1988 و2000. وان لجنة التحقيقات لديها وثائق موقعة بخط يد الطبيبة، حول موافقتها على صرف عقار(ديامورفين) لمرضى كبار السن، توفوا كلهم بسبب الجرعات الزائدة من العقار.

وذكرت الصحيفة في مقال كتبه ديفيد براون ان هيئة الصحة الوطنية تتجاهل صفارات الإنذار رغم فضيحة وفيات مستشفى جوسبورت، وان المناصرين يحذرون من أن فضيحة مستشفى جوسبورت قد تحدث مرة أخرى.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن القضية أثارت تساؤلات خطيرة حول مدى انتشار مثل هذه الممارسات. وأضافت عندما يتم إعطاء المئات من المرضى جرعة زائدة من الهيروين المميت في مستشفى تابع لـهيئة الصحة الوطنية ( NHS ) ويستغرق الأمر عقودا للوصول إلى الحقيقة، فإن النظام بأكمله في قفص الاتهام.

وتحت عنوان (التعتيم على 650 حالة قتل في مستشفى جوسبورت) اشارت صحيفة (ديلي ميرور) إلى 456 حالة وفاة مؤكدة بين عامي 1989 و 2000 ، وأضافت أن هناك 200 مريض آخرين قد يعانون من مصير مماثل، مشيرة الى تجاهل رؤساء الصحة التحذيرات مراراً وتكراراً.

وذكرت الصحيفة أن لجنة مستقلة هي التي كشفت وصف جرعات خطيرة من مواد أفيونية وإعطائها للمرضى، وهو ما لم يكن ضروريا من الناحية الطبية.

وأشارت صحيفة (الجارديان) في تقرير كتبته سارة بوسيلي الى اعتذار وزير الصحة، جيرمي هانت لأسر الضحايا نيابة عن هيئة الصحة الوطنية (NHS )، وعن الحكومة بعد 20 عامًا من وقوع الحادث. مشيرا الى أن الشرطة ستتعاون مع المدعين بشأن احتمال توجيه اتهامات في الواقعة. وأضاف لو أصغت المؤسسات عندما أثارت العائلات الأمر، لما حدثت كل هذه الوفيات.

وقالت الصحيفة إن عائلات الضحايا تعهدوا بمواصلة الكفاح لإخضاع الطبيبة جين التي وصفت الأدوية، وكل من تستر عليها وتقاعس عن إيقافها، للمحاكمة الجنائية.

اما صحيفة (ديلي تلجراف) فقد نشرت صورة الطبيبة جين بارتون، وكتبت تقريرا تساءلت في عنوانه على لسان أقرباء الضحايا لماذا لا تقدم الطبيبة بارتون (70 عاما) الى المحاكمة؟ فهي التي وصفت وأشرفت على إعطاء المرضى هذه المسكنات من دون ضرورة طبية لازمة.

وفي نفس السياق نشرت صحيفة (ديلي ميل) تقريرا كتبته صوفيا بورتلاند بعنوان (ضعوها الآن في قفص الاتهام)، مشيرة الى حالة التعتيم على الطبيبة القاتلة، مع نشر صورة لها وصور ثمانية من ضحاياها. وتعتقد الصحيفة أن الطبيبة بارتون مختبئة في أسبانيا وان العائلات المكلومة تطالب باتخاذ اجراء قانونية ضدها وضد آخرين ممن لم يبلغوا عنها ولم يوقفوا تصرفاتها.

وفي العام 2013 أصدر البروفيسور ريتشارد بيكر تقريراً طبياً مكونا من 387 صفحة يؤكد أن تناول مسكنات من مشتقات (الأفيون) يعد سبباً مباشراً في الإجهاز على حياة أكثر من 800 مريض راجعوا المستشفى خلال العقود الأخيرة. وخلص التقرير المؤلف من 387 ورقة إلى أن 456 مريضا عولجوا بالمواد الأفيونية دون مبرر وأن 200 مريض آخر على الأقل لاقوا المصير ذاته على الأرجح غير أنه لم يتم العثور على سجلاتهم الطبية.

وفيما قال الادعاء البريطاني إنه سيدرس إمكانية توجيه اتهامات جنائية حول الوفيات بمستشفى جوسبورت وور ميموريال، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمام البرلمان “أحداث مستشفى جوسبورت ميموريال مأساوية ومزعجة للغاية وسببت حزنا لا يوصف لعائلات الضحايا” مضيفة أن “نتائج التقرير مفجعة”.

وفي تطور لاحق نشرت صحيفة “صانداي تايمز” تقريرا كتبته كارولين ويلر، ذكرت فيه ان مضخات الحقن الرخيصة (السرنجات) التي استخدمتها الدكتورة جين بارتون ربما ادت الى التسريب السريع لكمية خطيرة من المخدرات الى مجرى الدم، مما يكون قد ساعد على حالات الوفيات المبكرة لآلاف المرضى المسنين، وهو ما يشكل فضيحة وصفت بأنها “واحدة من أكبر عمليات التغطية” في تاريخ هيئة الصحة الوطنية (NHS) ، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء المشاركين في التحقيق قوله: “ان لجنة التحقيق تجاهلت الأدلة على الوفيات التي تسببها الأجهزة لأنها تخشى من فضيحة وطنية”.