salem
salem
أعمدة

تحول كبير في المشهد

25 يونيو 2018
25 يونيو 2018

نوافذ -

سالم بن حمد الجهوري -

هناك صفقة تعدها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن للشرق الأوسط، إن صحت فإنها ستقلب المشهد السياسي في المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة وستمد آثارها لعقود قادمة، الصفقة سيتم طرح تفاصيلها خلال الأسابيع القليلة المقبلة على العرب بدون السلطة الفلسطينية تحت اسم «صفقة العصر»، وقد ينقسم العرب إلى من يقف مع موقف السلطة التي قطعت تواصلها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع من يرى من العرب أن الفكرة الأمريكية قابلة للتطبيق للانتهاء من هذا الملف الذي استمر طويلا وأخذ الكثير من الجهد خلال الـ70 سنة القادمة.

استطاعت إسرائيل إيصال العرب إلى حالة التململ من خلال خطة محكمة خلال الأربعين سنة الماضية، بعد التفاوض معهم من خلال اتفاقية أوسلو وقبلها مدريد، بعد أن رفض العرب اتفاقية كامب ديفيد التي قادتها مصر في عام 1979 بإشراف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر آنذاك.

الخطة اعتمدت على زرع اليأس في نفس المفاوض العربي بعدم الوصول إلى اتفاق وانعدام وجود سقف زمني يوصل إلى اتفاقية تنهي الصراع بين الجانبين، بعد أن تمكنت إسرائيل من التوسع تدريجيا في الأراضي الفلسطينية التي أقرها قرار التقسيم الأممي في عام 1948م .

فيما لم يكن لدى العرب سوى الأمل في تغير الحكومات الإسرائيلية التي اعتقد العرب أن أوجهها تختلف بين حزبي الليكود والعمل، فيما كان الحزبان يتبعان نفس التكتيك حتى وصلا إلى الهدف.

الأمريكيون ملوا أيضا من القضية وكذا بعض الأطراف رغم أن القضية عاشت خلال السنوات العشر الماضية حالة من المد والجزر خاصة بعد تراجعها أمام أحداث الثورات العربية الأخيرة، ولكنها عادت إلى واجهة المشهد السياسي على المسرح العالمي رغم أن إدارة ترامب أرادت أن تشوش عليها بالنزاع مع إيران من خلال إلغاء الاتفاق النووي الذي تعارضه أوروبا، وكذا التجارب الصاروخية النووية لكوريا الشمالية.

الفلسطينيون كان لهم موقف مبكر منذ مطلع العام الماضي من خلال إدارة الرئيس الأمريكي لهذا الملف رغم أنه كان يبحث عن اختراق في القضية، ولكنه بدأ بخطوة عكسية هي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة متقدمة له لم تستطع كل الإدارات الأمريكية القيام به، والآن لدى فريقه خطة جاهزة لصفقة القرن التي تأتي والمحاور العربية الكبيرة تعيش حالة من الضعف والتقهقر الذي يبدو أنه نتاج تلك الترتيبات المسبقة للأحداث التي مرت بها هذه المحاور لتصل في هذه الفترة بالذات إلى عدم القدرة على المواجهة السياسية، فيما هناك على الضفة الأخرى انتعاش حالة رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد تجاه المفاوضات، وهو الذي يتوافق مع الرغبة الأمريكية بإحلال السلام مع العرب حتى وإن كان بدون الفلسطينيين.

لكن ماذا تتوقع من صفقة القرن التي يعدها فريق يتعاطف مع إسرائيل؟ هل يعتقد أحد أن تلك الصفقة سوف تعطي حق العودة للاجئين والقدس الشرقية والتعويض وحدود الدولة الفلسطينية المستقلة ورفع الحصار عن غزة.

هناك أفكار جديدة مفاجئة في الصفقة خاصة بعد التقارب العربي الإسرائيلي الأخير، تتناسب والأطروحات الإسرائيلية وليس الفلسطينية، وسيتم شطب وإلغاء معظم المطالب الفلسطينية، لوضع الفلسطينيين في الزاوية الضيقة، ثم يقال لهم عليكم أن تقبلوا بالفرص التي تقدم لكم كآخر حل.