abdallah-75x75
abdallah-75x75
أعمدة

هوامش ومتون: عيد بنكهة كروية

23 يونيو 2018
23 يونيو 2018

عبد الرزّاق الربيعي -

ليلة عيد الفطر فتح الكثيرون عيونهم باتّساع حدقاتها (مبحلقين) واضعا كلّ فرد منهم: عينا على السماء للتأكّد من ثبوت رؤية هلال شوّال للتبشير بحلول العيد، والعين الثانية على ما يجري في ملعب(لوزنيكي) الروسي، حيث يُقام حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018م، وكان منتخبا المملكة السعودية، وروسيا يجرون تمرين إحماء لمباراة الافتتاح، بروح وثّابة، وطموحات متعاكسة، فالمنتخب السعودي كان يسعى لجعل فرحة العيد مضاعفة ليصبح عيدين سعيدين، والروسي يريد أن يخرج بثلاث نقاط ترفع درجة حرارة الحماس لدى جمهوره في بلده الذي يستضيف البطولة، التي تُعدّ الحدث الكرويّ الأكبر في العالم، وبالوقت الذي تم الإعلان به عن العيد بعد ثبوت رؤية الهلال في مناطقنا، كانت الأمور في ملعب(لوزنيكي) تسير باتجاه آخر، لا يُسرّ الخاطر، وانعكست تبعات ذلك الاتجاه على صباح العيد الذي لم نسمع في ليلته أغنية أمّ كلثوم (الليلة عيد، عالدنيا سعيد(، ولا (يا ليلة العيد آنستينا، وجدّدت الأمل فينا)، فأمل الجمهور العربي العاشق للكرة مُني بصدمة، تركت ظلالها على أحاديث المعيّدين، في بلداننا العربية التي تشارك في الدورة الحالية لبطولة كأس العالم المقامة بموسكو بأربعة منتخبات بلغت هذه المرتبة بعد تصفيات طويلة، ومريرة،هذه المنتخبات هي: المملكة العربية السعودية، ومصر، والمغرب، وتونس، وقد دخلت المعترك الكروي لتنافس أعرق المنتخبات، على نيل كأس العالم الذي يظلّ حلما بعيد المنال، بالنسبة لنا كعرب! خصوصا بعد أن منيت المنتخبات الأربعة، بأربع خسارات موجعة قبل انتهاء إجازة العيد!!

ولأن المثل يقول(في بيت النملة عويل مستمر)، لذا كنّا نخشى على فرحة العيد من مثل هذه المفاجآت غير السارّة، ونمنّي النفس بفوز يُشفي الغليل، ويجعل العيد بعيدين، لكنّ رياح الكرة المستديرة جرت بما لا تشتهي سفن الجماهير العربيّة من عشّاق كرة القدم، التي كانت تودّ الرسو عند موانئ آمنة، تمكّن منتخباتها من تحقيق نتائج مشرّفة ترفع رأس الكرة العربيّة في المحافل الدوليّة، ولو معنويّة، وسط صخب مياه محيطات متلاطمة الأمواج، تحركها عواصف أقدام ساحرة لأشخاص، وصفهم الشاعر معروف الرصافي بقوله:

قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم

كرة تُراض بلعبها الأجسام

وقفوا لها متشمّرين، فألقيت

فتداولتها منهم الأقدامُ

يتراكضون وراءها في ساحة

للسوق معترك بها وصدام

رفسا بأرجلهم تُساق وضربها

بالكفّ عند اللاعبين حرامُ

هذا الرفس بالأرجل، حسب وصف الرصافي، والركض، والصدام، يتحوّل إلى متعة، وفن، عندما يقوم على أداء مدروس، ونقلات رشيقة، وركلات ساحرة، تعكس مهارات اللاعبين الفرديّة، وانسجام المنتخبات، وغلبة روح الجماعة، مثل أداء كهذا كفيل بأن يلهب حماس الجمهور، والمتابعين في أنحاء متفرّقة من العالم، وكم تمنّى البعض أن تبلغ الكرة العربية ما بلغته الكرة في أوروبا، على سبيل المثال، من مكانة رفيعة، مع توفّر الإمكانات ، والدعم، ولكن (ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه)!

وخلال إجازة العيد قامت بعض الأسر بوضع توقيتات خروجها من المنازل لقضاء أوقات سعيدة في الحدائق، والمتنزّهات، ومراكز التسوّق، وزيارات الأهل، والأصدقاء وفق جداول المباريات، وأهمّيّتها بالنسبة لها، وكم من نقاشات حادّة جرت بين مشجّعي لاعب ما، أو منتخب ما مع آخرين يختلفون معهم بوجهات النظر، ويشجّعون منتخبات أخرى، ويرون أنّها الأكثر جدارة من سواها بنيل لقب البطولة، والكأس!، وكم من نقاش جرى حول تقييم أداء منتخب، أو أحقيّة منتخب بنيل ركلة جزاء، من عدمها، أو حصول لاعب على بطاقة صفراء، أو قرار جائر لحكم مباراة ما!

ورغم أن هذه النقاشات كانت تطول، إلّا أنّ الجميع يتذكّر في النهاية أنّ اختلاف الرأي ينبغي ألا يفسد فرحة العيد!

وفي الأحوال كلّها، سعد الكثيرون بتزامن البطولة مع العيد، وذلك، لأنّهم قضّوا وقتا ممتعا مع الأداء المبهر لأساطين كرة القدم الذين قدّموا أداء ساحرا في المستطيل الأخضر، جعل للعيد نكهة كرويّة!