Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ: هـوس الــ «مـونـديـال»

22 يونيو 2018
22 يونيو 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تأتي النسخة الـ (21) لنهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في روسيا (2018) والتي يشارك فيها (32) فريقا من مختلف قارات العالم، بما فيها عدد من المنتخبات العربية، لتسجل (88) عاما منذ انطلاقتها الأولى في الأوروجواي عام 1930م، وكانت أيضا بطلة نسختها الأولى بلا منازع على أثر تغلبها على الأرجنتين بنتيجة (4 –2) كما توضح المصادر ذلك.

وعلى مدى شهر كامل ما بين (14 يونيو، و15 يوليو 2018) تظل الأنظارعبر قارات العالم الست، متجهة إلى روسيا، التي تزهو هي الأخرى، باستضافتها لهذه الدورة لأول مرة في تاريخها، وهذا الاهتمام المشبوب بالحرص والتفاعل والتقاتل يعبر عن هذا الحب الكبير لهذه المعشوقة الدائرية التي تسجل كل يوم رصيدا جماهيريا غير منكور، تعززه هذه الأرقام المليونية لأقدام اللاعبين، والتي تخطت كل التنظيرات والتقييمات لقيمة البشر، وللقيمة الإنسانية المهدرة في جوانب أخرى.

يقف هذا الجمهور الكبير على اتساع القارات الست، بما يحمله هذا الانتظار من حماس، وارتباك، وشد وجذب، وحرق أعصاب، وسهر وسفر، منتظرا اكتمال الـ (64) مباراة ليتحدد بعدها المباراة النهائية بين أي فريقين لتنتهي بذلك هذه الصورة التفاعلية عبر قاراتها الست، وليس فقط في بلد إقامة البطولة في روسيا.

سعدت الجماهير الشرق أوسطية بتأهل أربعة منتخبات عربية لأول مرة في تاريخ هذه البطولة، وعندما كان الخروج مبكرا أيضا، لم تكن المفاجأة بحجم السعادة، فحالنا المهزوم في صور كثيرة، يقينا، كما يبدو؛ لن تجبر كسره هذه الكرة الذهبية، ولا يجب على الجمهور العربي أن يحزن كثيرا بهذا الخروج المبكر، لأن مشاريعه الكبيرة والصغيرة تحظى بذات المستوى من الاهتمام، فلا تخطيط سليم، ولا استراتيجيات حقيقية، ولا خطط تؤخذ بمأخذ الجد، فكل الأمور متروك أمرها وفق ما يكون عليه الحال، ولا إشكالية في أوطاننا العربية في تكرار مسألة «الخطأ والصواب» ؛لأننا حسب الفهم العام؛ بشر، وليس هناك من معصوم عن الوقوع في الخطأ، وبذلك تحط هذه الصورة رحالها آمنة مستقرة، فلا مشكلة من هزيمة، أو إخفاق، أو تراجع، ونختمها بـ «خير الخطائين التوابون».

تقام هذه الدورة في فصل الصيف؛ وحسب ما كتب؛ «هي الأخيرة بنظامها الحالي وتوقيتها الصيفي، قبل أن تستضيف قطر بطولة كأس العالم (2022) والتي ستشهد إقامة البطولة في توقيت الشتاء الأوروبي بسبب القلق من مناخ قطر في الصيف» فلعل الشتاء القطري سوف يقلب موازين التوقعات للمنتخبات العربية التي سوف تشارك فيها، وتسجل على أرضها العربية سبقا انتصاريا لتعوض كل هزائم الأمة العربية ما بقي منها، وما ذهب «أمنية».

ما يحزن البعض منا تلك المقاطع الصوتية، عبر الإذاعات، أو المقاطع المصورة التي توزعها الهواتف النقالة، عن حالات الجماهير التي تبكي حزنا؛ ليس فقط على خسارة منتخباتها الوطنية؛ ولكنها تبكي حزنا على حجم الاهتمام الذي تبديه انتصارا لوطنية مرتبكة، فهناك من يسافر إلى مكان إقامة البطولة، فوق ما يتكلفه من مصاريف مادية ومعنوية، وهناك من يدفع للاشتراك لكي يتابع كافة المباريات، وهناك من يقطع المسافات البعيدة مخاطرا بحياته وبوقته وبمشاعره، وهناك من يعيش أزمات نفسية، كما قرأت خبرا عن حالة قتل في إحدى الدول العربية حدثت نتيجة لغياب صاحب المنزل عن بيته أثناء مباراة منتخبهم الوطني، فاستغل القتلة الفرصة للانقضاض على المنزل وقتل من فيه بهدف السرقة، هو هوس بكل المقاييس، وليس له مقابل سوى خسارات على امتداد الخط.

تسجل الذاكرة الكروية لكأس العالم أن «أكثر مباراة شهدها أكبر عدد من الجماهير كانت بين البرازيل وأوروجواي في نهائي عام 1950م في مدينة ماراكانا، حيث كان الحضور مقدرا بـ (173850) متفرجا، واليوم مع آخر مونديال (2018م) يقدر عدد الجماهير بعدد سكان القارات الست، مع استثناءات قليلة، «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».