1367972
1367972
إشراقات

الخوالدي: خمسة أمور تعين المسلم للمحافظة على الخير الذي حققه في رمضان

21 يونيو 2018
21 يونيو 2018

الدعاء الخالص وتحفيز النفس بالاعتناء بمكتسباتها في رمضان من بينها -

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد فضيلة الشيخ الداعية خالد بن سالم الخوالدي عضو الهيئة التدريسية بكلية العلوم الشرعية أن الخلوص لله وحسن القصد والتوبة الصادقة أعظم الأمور التي تعين الإنسان على الثبات على الخير وتحقيقه وذلك من خلال ما اكتسبه الإنسان في شهر رمضان المبارك.

وقال فضيلته إن «التناقض» أمر لا يحبه الله.. والإنسان لا يمكنه ان يستجمع الهدى مع البعثرة في أحواله؛ وأضاف في محاضرته (نفحات رمضان. كيف أحافظ عليها؟) التي ألقاها مؤخرا بأحد الجوامع بولاية الخابورة.. ان العزم على الرشد والسعي للخير بجد من الأمور المعينة على الانضباط.

محذرا من أن الشخص الذي يعيش حالة من عدم الخلوص في التعامل مع الإنسان هو شخص منفور منه بلا شك. وداعيا الى ان يعضد الإنسان إقباله على الخير بأعمال معززة من كل عمل خيّر يستطيع ان يفعله..

يقول فضيلته: في رمضان المبارك الإنسان يستشعر من نفسه إقبالا كبيرا على الخير ونفرة كبيرة عن الشر وهذا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) والمعنى ان الإنسان يجد في نفسه إقبالا إلى الخير ويجد فيها إدبارا عن الشر ويجد فيها استطاعة للتحكم في الذات وهذا في حد ذاته خير عظيم يتحقق لكثير من الناس ويجد الإنسان من نفسه ابتداء التغيير في رمضان ويجد في نفسه الإقبال على أمور ربما لم يكن مقبلا عليها والاهتمام بعبادات ربما ما كان يعطيها ذلك الاهتمام في رمضان ويجد في نفسه استجابة في فعل الطاعة بشكل أكبر من حاله قبل رمضان هذه كلها جوانب خيرة في الحقيقة تتحقق للإنسان.

وبلا شك ان من يعيش هذه النعمة ويجد هذا الفضل وينال هذه المرتبة يحبها ويتمسك بها ولكن لربما يجد الإنسان من نفسه مع مرور الوقت شيئا من الضعف والتقاعس والتخاذل والرجوع الى القهقرة مرة أخرى وكأنه لم يجد الأنس الذي كان يجده والراحة التي كان يجدها وهذه في حد ذاته إشكالية ربما يعيشها كثير أو فئام من الناس.

يحتاج الإنسان الى ان يستعين بها حتى يستطيع ان يثبت نفسه على ما هو عليه من الخير ويحافظ على ما تيسر له من البر، وهي خمسة أشياء يحتاج الإنسان ان يحافظ عليه ويراعيها ويهتم ويعتني بها حتى يستطيع ان يحافظ على الخير الذي يعيش فيه في رمضان بحيث انه لا يخرج الشهر الا وقد ترسخت هذه العادات الطيبة وهذه الشمائل الحسنة وهذه العبادات الكاملة في نفسه.

أول هذه الأمور التي يجب على الإنسان ان يحافظ عليها ضرورة العناية بحسن المتاب فالتوبة هي باب القبول للأعمال وهي الباب الذي يلج الإنسان إليه الى رحمة الله وغفران الله وتأييد الله وتثبيت الله تعالى له، فلا ينبغي للإنسان ان يكون مازجا بين الخير والشر وان يكون مازجا بين الهدى والضلال وان يكون مازجا بين النفع والضر وإنما عليه ان يجعل في نفسه خلوصا لله تعالى، هذا الخلوص لا بد ان يجلله بحسن المتاب الى الله.

قد يفعل الإنسان بعض الجوانب الخيّرة وعبادات طيبة في شهر رمضان يجد خيرا فيها لكن نفسه هذه التي تقبل على الله تعالى في هذه العبادة هي نفسها التي تعصي الله سبحانه وتعالى في جوانب أخرى هو يفعلها ويمارسها ومثل هذا التناقض بلا شك انه أمر لا يحبه الله ولا يمكن ان يستجمع الإنسان الهدى مع هذه البعثرة في أحواله بل لا بد ان يكون هنالك عزم على الرشد وسعي للخير جاد.

الشخص الذي يعيش حالة من عدم الخلوص في التعامل مع الإنسان هو شخص منفور منه بلا شك؛ لو إنسان مثلا اكتشف من شخص معين بأنه يجامله بالحديث وانه يسارع الى محاباة أمامه ولكنه من خلفه يطعنه في ظهره ويحاول ان يلحق الضرر به ويكيده ويتكلم عليه وما الى ذلك من الأمور استبانت له هذه الأمور كيف سيكون موقفه من ذلك الشخص؟ هل يرى بأنه شخص مخلص له ناصح محب؟ أم أنه يرى بأنه شخص ينافقه ويتحين الفرصة للإضرار به؟ هذه هي حال البشر مع ان البشر لا يطلعون على أحوال كثير من البشر، فقد يرى الإنسان من الشخص الخير ويعتمد ذلك ويمضي على ذلك ولا يلوي على شيء مع ان ذلك الشخص يكيد له و يسيء إليه وما إلى ذلك من ورائه لكن ذلك الشخص غير مطلع على هذا الحال منه فإنه لا يتنبه له، لكن الحال عند الله تعالى تختلف عن الحال عند البشر فالإنسان قد ينافق الناس وقد يخادع الناس وقد يبتز الناس ولكنه لا يستطيع ان يفعل ذلك مع ربه جل وعلا، فالله تعالى مطلع على خيرك وشرك، مطلع على صدقك وكذبك، مطلع على الحق الذي تفعله والباطل الذي تفعله، فلا يخفى عليه سبحانه أنك تقبل إليه في عبادة وتعصيه في أمر آخر بل هو مطلع عليك ويعرف حقيقتك وأنك لست مقبلا عليه، ولو كنت مقبلا عليه حقا لأقبلت عليه بكليتك، الرب الذي يأمرك بالطاعة هاهنا وسارعت الى عبادته هاهنا، هو الرب سبحانه الذي ينهاك عن معصيته في الجانب الآخر، فلا بد ان يكون هنالك شيء من الصدق مع الله لأنه مفتاح التوفيق والله تعالى يعاملك على حسب حقيقتك فإذا ما علم منك الخير أعطاك إياه، وإذا ما علم منك الشر والسوء أوقفك عند حدك فيه، هكذا الله سبحانه وتعالى يعامل الناس بالحقائق.

إذن فأعظم الأمور التي تعين الإنسان على الثبات على الخير وتحقيقه هو ان يكون فيه خلوص وحسن قصد لله تعالى بالتوبة الصادقة لله، وإذا ما تاب فإن الله تعالى يوفقه ويثبته ويهديه ويسدده ويؤده كل هذه الأمور تتحقق الإنسان بحسن المتاب الصادق والله جل وعلا بين للعباد الذين يتوبون اليه توبة نصوحا انه يكفر عنهم سيئاتهم وانهم يدخلهم جنات، ودخول الجنة هذه لا تكون في الحقيقة بمراءات لله او بنفاق مع الله جل وعلا وإنما تكون بصدق، صدق العبد مع الله، فالتوبة النصوح سبيل توصل الى تحقيق هذه المعية الربانية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) دخول الجنات هذا لا يكون إلا مع الصدق لا يكون إلا مع الإخبات ومع الخلوص مع الله تعالى.

فأول أمر ينبغي للإنسان ان يفعله ان يفتش في ذاته وان يعرف معايبه ومثالبه وتقصيره، وان يجتهد في التخلص من كل ذلك حتى يقبل الله تعالى عليه بحسن صدقه وإخلاصه له جل وعلا.

فلا بد من العناية بالمتاب من كل الذنوب وشهر رمضان شهر مهيأ لذلك ورب العباد يقبل عليهم فيه والله جل وعلا كما ورد انه ينادي مناد من قبله في كل ليلة من رمضان «أي يا باغي الخير يمم وأبشر، ويا باغي الشر أقصر وأدبر، هل من تائب يتوب الله عليه، هل من مستغفر فيغفر الله له، هل من سائل يعطى سؤله) فما أعظم هذه الأمور ان يطلب الله سبحانه وتعالى من العباد ليتوبوا فيتوب عليهم ... هذا منتهى الكرم من الله تعالى لعباده.

أمران قرينان

يذكر فضيلة الشيخ الخوالدي الأمر الثاني (مسألة التحبيب في الطاعة والتنفير من المعصية) هذان أمران قرينان لا بد ان يحرص طالب الهدى والرشد عليهما وهو جانب متعلق بالتهيئة النفسية جانب لا يغفل الإنسان عنه جانب لا بد ان يعتني اتم العناية به لا يجب على الإنسان ان يتهاون فيه، فالله تعالى ذكر لنا أهل الرشد الذين حققوا الرشد وكان من سبب تحقيق الرشد (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُون) هذا الرشد تحقق بهذا الفضل من الله ان يحب الإنسان الطاعة وان ينفر الإنسان من المعصية هذا الجانب انت تفعله مع نفسك لا بد ان تحرص انت بنفسك عليه، هذا ليس دواء تسقى إياه وليس هدية تهدى اليها وإنما هو بذل شخصي لا بد ان تحرص انت عليه، وهذا أمر في مقدور الإنسان، وليس أمرا بعيدا عن قدرات الإنسان، فأنت ترى كيف ان الشخص العاصي كالذي يدخن مثلا (الدخان قبيح الحال، قبيح الريح قبيح فيما يتصل به من بذل الأموال وإيذاء الناس والإضرار بالنفس) وقد يستشعر الإنسان الفاعل له قبحه ابتداء لكنه لا يفتأ يجمل هذا الجميل لنفسه ويطيبه لها ويلبس عليها في تجميله وتحسينه لها ويتصور بأن هذه أطيب ريح وان هذه التي تمكنه من التحكم في نفسه وأن هذه هي معنى الرجولة الى غير ذلك من التزيين للمنكر. حتى تألف النفس هذا المنكر مع انه أمر مستبشع.

أو الشخص الذي يسرق من الناس، السرقة في حد ذاتها شيء قبيح وكريه لأنه ابتزاز لأموال الناس وانتهاك لحرمات الناس هو يرى الشخص البسيط الذي يبذل وقته وجهده ويأتي هو بكل برود ويأخذ المال الذي تعب ذلك المسكين عليه، ويرى بأم عينيه ربما مقدار التألم الذي يتألمه ذلك المسكين بذهاب ذلك المال.

ويرى عظيم العثرة التي تصيب ذلك الشخص بأخذ ذلك المال، ويرى واسع المعاناة التي يعانيها ذلك الشخص بأخذ ذلك المال منه قد تتراكم عليه ديون قد يضطر ان يسأل الناس وهو عزيز شريف قد يقبل صدقات المحسنين قد يضطر الى ان يستدين من الناس قد يفقد الكثير من المصالح قد تمر عليه المناسبات وهو لا يجد ما يسد رمق أولاده او لا يعيش كما يعيش الناس في تلك المناسبة بسبب التنكيل الذي أحدثه ذلك اللص في ماله، هذه أشياء مكروهة لكنه لا يفتأ يحسن ذلك السلوك الخاطئ لنفسه ويدفعها إليه ويشجعها عليه ويزين لها العواقب التي سوف تنالها من جمع هذا المال بهذا الأسلوب المحرم، ويشجعها بما ينالها من التنعم الزائف ليستمر يوم او يومين او ثلاثة بذلك المال المسروق و هو بهذا التحبيب بنفسه في ذلك الشر يستمر عليه.

وهكذا فيما يتعلق بأمر الطاعة لا بد ان يبذل الإنسان جهدا في تحبيب نفسه في الطاعة وتنفير نفسه من التنفير الذي كان عليه لان ذلك يجعل بينه وبين التقصير حاجزا ويفتح بينه الآفاق بينه وبين الطاعة والنفس إذا تحببت في شيء أو حبب إليها شيء ألفته واستطابته.

قد يقول قائل: كيف يمكن ان يحبب الإنسان نفسه في الطاعة؟ يقارن بين أحواله قبل فعلها وأحواله بعد فعلها. يرى ما الذي حققت له هذه الطاعة من خير.

ابسط ما في الأمر ان واحدا لم يكن يصلي ثم بدأ يصلي وسجدت جبهته لله وسبح لله رفع اكف الضراعة الى الله واستمع الى آيات الله فوجد ف ينفسه انه وجد نفسه انه شخص كان يعيش في ظلمه وأصبح الآن بين ناظريه فشعر بتغير في حياته كلية وشعر بحلاوة الطاعة وبانشراح في صدره بعد الانقباض الذي كان موجودا فيه شعر بأن الله تعالى يلطف به ويكرمه وشعر أن الخير ينداح له من كل سبيل.

والجانب الثاني تنفير نفسه من الشر بنفس الطريقة أيضا بالتأمل فيما كان حاله في أثناء فعل الشر كيف كانت وكيف كانت مشاعره النفسية والأحاسيس والانقباض الذي كان في نفسه وكيف تنكر الناس عليه وكرههم له وهذا الآن هذا كله قد تبدل فأصبح الناس يحبونه ويكرمونه ويحترمونه ينظروا الى انه شخص محترم بعدا ان كان بعيدا عن هذا كله.

بذل فعليّ

الأمر الثالث بذل فعليّ يقوم به الإنسان حتى يدعم نفسه في طريق الخير ويبعدها عن طريق الشر، بم يكون ذلك؟ بالأعمال لا بد ان يعضد الإنسان إقباله على الخير بأعمال معززة وهي كل عمل خيّر تستطيع ان تفعله هو عمل معزز له في الخير.

الشخص الذي يصلي الصلاة هذا العمل هو الذي قام به لكن لو زاد فوق الصلاة ذكرا كان الذكر عملا معززا للمحافظة على الصلاة زاد فوق الصلاة صدقة او بذل معروف او إحسانا او صلة الى غير ذلك من أعمال كل ذلك هي جوانب معززة يتوصل الإنسان من خلالها الى التوفيق والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: «وما تقرّب عبدي إلي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه» هنالك تسديد وتوفيق وتأييد من الله تعالى للإنسان وتثبيت يحصل ذلك عندما يدعم التوبة التي تابها والعمل الصالح الذي يقوم به بأعمال صالحة يقوم بها.

ويوضح: هذا الأمر مثل البناء الذي يقيمه الإنسان لا بد ان يحرص على تدعيمه لو لم تكن هنالك أسطوانات تقيم هذا البناء لما امتد بهذه الصورة وانما سوف يقع ولو ان شخصا أراد ان يقيم خيمة وأقام لها عمود لا بد ان يحرص على عمل الأوتاد في الأرض لان ذلك يحميها ويثبته، كذلك التوبة تحتاج الى شيء يثبتها والذي يثبتها الأعمال الصالحة التي تتيسر للإنسان وان كان قليلا فالله تعالى غني عن القليل والكثير لكن انت لا تدري اين يكمن الخير فقد يكون ذلك العمل القليل الذي تراه قليل هو سبب لتثبيتك.

لا بد ان يبذل الإنسان بذلا عمليا فيما يتعلق بتثبيت نفسه على الخير من خلال الحرص على الأعمال الصالحة وفي الجانب الآخر لا بد ان يبذل الإنسان عملا فعليا في إبعاد نفسه عن الشر أيضا، كيف يكون ذلك؟ المسالك التي كان يسلكها والأمور التي كانت تعينه والأشياء التي كانت تذكره بتقصيره المضي هذه كلها لا بد أيضا ان يبتعد عنها. فهو يزيد في الأعمال الصالحة وفي نفس الوقت يبتعد عن السبل التي تقربه من الشر والعصيان، هذا جانب مهم أيضا لا ينبغي للإنسان ان يهمله وهو جانب عملي فعلي.

فعلى سبيل المثال شخص اقبل على طاعة وخير، هذا شيء طيب، لكن له صحبة سيئة هذه الصحبة تجرؤه على الشر هي سبب في الوقوع في براثن الخمر تدعوه اليه وتزينه له، فما معنى ان يستبقي الإنسان هذه الصحبة السيئة ما دام يريد الخلاص من ذنبه، هذا خطأ، بل عليه ان يبتعد عن هذه الصحبة التي تشجعه على الذنب ويستبدلها بصحبة تعينه على الخير.. وهكذا.

ممارسة

الأمر الرابع هي حالة من العزيمة لا بد ان يمارسها الإنسان مع نفسه وهي الحرص والعزيمة على الرشد والثبات على الأمر بمعنى ان الشخص اذا ما حققت خيرا ووجدت في نفسك تحقق خير عليك ان تحرص اتم الحرص على استبقائه لا تقبل ابدا ان تتنازل عنه.

وجدت في صلاتك لذّة أصبحت تخشع فيها هذا الخشوع احرص اتم الحرص على ان تكون محافظا عليه لا تقبل ابدا ان تتراجع فيه وتشغل نفسك بشيء.

نفسك أصبحت قادرة على البذل في سبيل الله، أصبحت تجد في نفسك إقبالا على البذل احرص على ذلك أتم الحرص، هذا مكسب لابد ان تحرص عليه، فلا يقبل الإنسان ان يتراجع.

تحقق لك انك مثلا في شهر رمضان استطعت ولأول مرة انك تقوم بالليل ولأول مرة وتصلي ركعتين قبل الفجر، هذا إنجاز عظيم، فما الذي اتخذت له من الأسباب؟ كيف استطعت ان تحققه؟ هذه الأشياء التي استطعت من خلالها ان تحقق هذه الأمور لا بد ان تحرص عليها وتنميها وتحافظ عليها وتنميها. فبذا يستطيع الإنسان ان يثبت على ما هو عليه من الخير.

أما الشخص الذي يقف مهتزا ويقبل لنفسه منتقية يوم كذا ويوم كذا، هذا الشخص لن يصل الى شيء.

انظروا إلى الشخص الذي يلتزم بدوام مثلا، يصبح ذلك الدوام جزءا من حياته، ربما حتى يقوم لوقته من غير منبه، لماذا؟ لأنه فيه عزيمة على المحافظة على ذلك. رغم ان نومه ثقيل وقد يقوم شخص بإيقاظه ولا يحس، لكن عندما يأتي وقت الدوام يستيقظ تلقائيا وكل ذلك النوم الثقيل يذهب عنه، لماذا؟ لان فيه عزيمة على تحقيق ذلك.

وهكذا في أمر العبادات لو أراد مثلا ان يستيقظ لصلاة الفجر وعزم على ذلك لاستيقظ ووفق لذلك، والعزم على الشيء هو الذي يجب ان يستحضره الإنسان فيما يتعلق بالخير الذي يحققه في رمضان ويحرص على المحافظة عليه.

والأمر الخامس والأخير هو الدعاء.. الإنسان ان يتحول من قوته وحوله ويعلم ان الحول والطول بيد الله وأنه مفتقر الى فضل الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

إن لم يوفقك الله فلن توفّق وإن لم ييسر أمرك فلن يتيسر وإن لم يقل عليك فلن تستطع فعل شيء، أنت مفتقر الى رحمة الله وفضل الله ولطف الله وإحسان الله، فعليك ان تحرص دائما على رفع اكف الضراعة الى الله، تسأله ان يثبتك على الخير وتسأله ان يطهر نفسك من الشر وتسأله عن أن يدرأ عنك الشرور ويبعد عنك الآثام. عبادة الدعاء من أجلّ العبادات التي ينبغي ان يحرص الإنسان عليه لان الإنسان مفتقر الى توفيق الله تعالى.