إشراقات

الدعوى ومرور الزمان: بعض صور من قضايا عدم سماع الدعوى «6»

21 يونيو 2018
21 يونيو 2018

زهران بن ناصر البراشدي/ قاض بالمحكمة العليا بمسقط -

مسألة الصبية إن زوجها وليها ورأت البلوغ ولم تغير ومكنت الزوج من نفسها فقد سقط حقها في التغيير ولا تسمع دعواها بعدما مكنت الزوج برضا منها واختيار وملك السيف رأيه.

ففي الجامع لابن جعفر 6/‏‏‏‏ 172. وإذا دخل الرجل بالصَّبيَّة بعد بلوغها برأيها فلا كراهية لها بعد ذلك، فإن لم يدخل بها فمتى ما كرهته فذلك لها قبل الرضى وإذا كرهته بعد البلوغ قبل الدُّخول خرجت منه بلا طلاق ولا عدَّة ولا صداق، فإن تزوَّجها من بعد بنكاح جديد كانت معه على ثلاث تطليقات.

وفي الضياء: ومن طلق امرأته وعلمت ثم قال قد رددتك ولم يسمع الشاهدان ثم أمكنته من نفسها ثم قالت بعد ائتني بالبينة، فقال: قد ماتت البينة وقد كنت أعلمتك فصدقتني فإن كان ذلك في قرب فعليه أن يأتي بالبينة على المراجعة، وإن كان قد خلا لذلك سنون فلا أرى عليه بينة.

ومن طلق امرأته تطليقة ثم أشهد على ردها شاهدين فلم يعلماها حتى جامعها فلا ترجع تقربه إلى نفسها حتى يأتيها بشاهدين فإن جاءها بشاهدي عدل بعد انقضاء العدة فأرجو ألا بأس عليه إن شاء الله.

ومن خالع امرأته ثم أشهد على رجعتها بغير محضر منها وأعلمها ذلك فصدقته وأمكنته من نفسها وكان عليها ألا تمكنه من نفسها حتى يشهد على رجعتها بمحضر منها؛ لأنه لا يجوز له أن يردها إلا برضاها، فإذا جهل ذلك فلا نرى فسادا إن شاء الله.

قلت: الأصل أن الخلع بينونة صغرى للنكاح ولا يتم الرجوع بينهما ولو داخل العدة إلا بعقد جديد بشروطه وهو المعمول به عند الجمهور.

وقيل: بجواز المراجعة بالإشهاد كالطلاق الرجعي، وهذه المسألة هنا مفروضة على الرأي الأخير، فإذا تمت المراجعة بالإشهاد داخل العدة على هذا الرأي وتم التمكين فقد ملك السيف رأيه، إذ بنيا ذلك على قول موجود عن أهل العلم وقواه الدخول، والقضاء ببطلان النكاح مع وجود القول بالثبوت فيه حرج ورفع الحرج من أنواع الضرورة والضرورة تقدر بقدرها.

فإذا ادعى بعد التمكين الرضائي لأحد الطرفين ببطلان النكاح كونه لم يتم بعقد مستقل مع تمسك الطرف الثاني به مطالبا بحقوق الزوجية فلا تسمع دعوى البطلان؛ لأنه مبني على قول من أقوال المسلمين، وتم العمل به بينهما فالقضاء ببطلان النكاح بعد ذلك وهدم ما بنياه من أصعب الأمور، أما إن كان الإشهاد خارج العدة فلا قائل بصحة النكاح. فليتنبه.

سئل النور السالمي عن دعوى بطلان التزويج ممن علم به وسكت ونصه:

السؤال: رجل قال لزوجته قولا ظنته طلاقا، ثم إن الرجل سأله ناس عن زوجته فقال فارقتها، ثم إن الزوجة تزوجت وعلم الرجل فقال: أعني بفراقها القول الذي قلته بحضرتها وهو القول الفلاني، أيصدق هذا الرجل في قوله بعد ما تزوجت؟ والناس الذين سمعوا قوله أخبروا بما سمعوا من قوله بعد أن تزوجت المرأة، والمرأة في الحقيقة تزوجت على القول الذي لا يقع به الطلاق ألا يلزمهما جميعا؟

الجواب: لا يسمع قوله ولا قولها بعد التزويج، بل كل منهما مدَّع لبطلان التزويج الصحيح في الظاهر، وللزوج الثاني التمسك بهذا التزويج والله أعلم.

وعن مدة رد دعوى الجهالة

السؤال: البائع إذا ادعى الجهالة في المبيع إلى متى تسمع دعواه الجهالة؟ وهل لذلك غاية أم لا؟ أرأيت إذا مكث مدة خمس سنين ثم ادعى الجهالة هل تسمع دعواه أم لا؟

الجواب: قد راجعت الأثر لأجد لهذا حدا فلم أجد بل وجدت ما يدل على إطلاق القول بالنقض وإن طال الزمان.

وأقول: لا بد من تقييد بالمدة التي تهدر بمرورها الدعاوى على خلاف تعينها، وذلك أن دعواه الجهالة من جملة الدعاوى، وليست هي بأشد من دعوى الحق في الأموال، وهذا إنما يكون عند إنكار المشتري جهالة البائع فإن أقر بها فلا سبيل إلى إهدارها والله أعلم.