أفكار وآراء

حرب الجيل الخامس ميدانها الفضاء الإلكتروني والإنترنت

12 يونيو 2018
12 يونيو 2018

عاطف الغمري -

بعد سنوات ومنذ أول التسعينات، ظهر ما سمي حرب الجيل الرابع بديلا عن الحروب التقليدية، التي عرفها تاريخ العالم في صورة قتال مسلح بين الجيوش، إلى أن ظهر مؤخرا مصطلح حرب الجيل الخامس. فما هو؟.. وهل توجد اختلافات بين الاثنين؟

المفهوم السابق لحرب الجيل الرابع. أو الحروب في صورتها الحديثة، وفي إطار عصر ثورة المعلومات، أنشأه فريق أمريكي متخصص برئاسة ويليام ليند، بهدف إدخال تغييرات أساسية على الصورة المألوفة للحروب، ومستفيدا من تكنولوجيا المعلومات، استمر هذا المفهوم حتى عام 2010، إلى أن بدأ المفكرون العسكريون في صياغة مصطلح حرب الجيل الخامس، وإدماج الاثنين في بعضهما.

وفي الفترة الأخيرة أعلن ويليام ليند شرحا لهذا المفهوم، وقال انه بالرغم من أن حرب الجيل الرابع تعتبر جديدة نسبيا، عند ظهور فكرتها عام 1989، فإن هناك مفكرين طرحوا بعدها فكرة حرب الجيل الخامس، كنتاج للتكنولوجيا الحديثة، وهي في حقيقتها ليست خارج إطار حرب الجيل الرابع، والتي قامت على أربعة محاور، من أبرزها الحرب النفسية، التي تهدف إلى تدهور الروح المعنوية للدولة العدو، وإحداث انهيار في داخلها.

إن المبدأ الجديد لحرب الجيل الخامس، قد جاء نتيجة مشاركة من أطراف مهتمة بموضوع الأمن القومي، وتضم دبلوماسيين وعسكريين، ومسؤولي تنفيذ القانون، وضباط مخابرات وخبراء الإنترنت، والتواصل الاجتماعي، يعاونهم علماء النفس، وعلماء الاجتماع، والأكاديميون المختصون بعلم السياسة، واتفقت تقديراتهم على أن حرب القرن الواحد والعشرين، ومن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، تتطلب نظرة مختلفة عما كان يحدث في حروب الماضي. ثم جاء مبدأ حرب الجيل الخامس نتاجا لدراسات أجرتها هذه المجموعات، في إطار ما سمي المعهد التعليمي لحروب الجيل الخامس، يشارك فيه خبراء من جميع الجهات المشار إليها سابقا.

يتحدث الكاتب الأمريكي جون روب في مؤلفه عن حرب الجيل الخامس بأن جنودها عبارة عن أفراد لا يرتدون الزي العسكري. وأنها حرب أفكار، وأنها تطلق دوامة من العنف، وتدار بأسلوب التدمير الفجائي لقوى الخصم معنويا ونفسيا، بإطلاق عملية من شأنها إشاعة الإحباط لدى الخصم. وان ميدانها هو الفضاء الإلكتروني، وشبكات الإنترنت، لنشر مشاعر الخوف، وفقدان الثقة بالنفس لدى المجتمع، وأيضا تجاه قادته السياسيين.

وتكمل دراسة للمعهد الاسترالي للسياسات الاستراتيجية (ASPi)، هذا المسار بالقول: إن حرب الجيل الخامس عبارة عن تطور يركز على نشر أفكار مقصودة، ويركز على أربعة وسائل رئيسية هي:

- استغلال شبكات التواصل عبر الإنترنت، بإطلاق معلومات مجهزة والترويج لها.

- العمل على إيجاد مجال تواصل افتراضي يسمح لمستخدمي هذه الشبكات، بإضافة معلومات من جانبهم حتى يكتمل التأثير العام.

- إيجاد شبكة متقاربة مع بعضها من المتابعين لهذه العملية.

- التصدي لكل من يظهر كمعارض لهذه العملية، والسيطرة على أي تدفق معلومات مضادة.

وإذا كانت الحروب القديمة لها ميادين على الأرض، وفي البحار، وفي الجو، فإن حرب الجيل الخامس - كامتداد لحرب الجيل الرابع - ميدانها الفضاء الإلكتروني.

إن خطورة الميدان الذي تدار فيه الحرب في صورتها الحديثة، وبقياده من خبراء متخصصين، متعددي المهارات والمعارف، والخبرات، على المستويات العسكرية والمدنية، إنها صارت قادرة على النفاذ إلى وسائل التواصل الاجتماعي باحترافية عالية، وزرع أفكار تستهوى البعض ممن يستخدمون هذه الوسائل، والذين يتأثرون بخطابها معهم، وكثيرون منهم يعتبرونها مصدرا معتبرا للمعلومات، والأشد خطورة هو إمكان دفعهم ليس فقط لتبني أفكار يتم الدفع بها إليهم، بل أكثر من ذلك القدرة على تشكيل عقولهم، بدفعهم إلى أن يتحولوا إلى جبهة داخلية في بلادهم تكون معارضة للدولة، ليس بسبب أفكار نابعة من ذواتهم، بل نتيجة السطو على عقولهم من قوى خارجية، عملها الأساسي هو إعلان حرب على دولهم، لا تتخذ شكل القتال المسلح، بل تقوم على استهداف العقول والأفكار.