1361164
1361164
عمان اليوم

«عمان » تزور وادي دربات وتقف على الآثار الجسيمة لمخلفات إعصار «مكونو»

11 يونيو 2018
11 يونيو 2018

سقوط معظم أشجار السدر والتين البري وتهدم العديد من المنازل -

العثور على أسماك في ضفة الوادي وتوقعات بقدومها من كهف «طوي اعتير» -

طاقة- أحمد بن عامر المعشني -

تعرض وادي دربات بولاية طاقة في محافظة ظفار خلال الحالة المدارية مكونو التي ضربت المحافظة على مدى يومين بلا هوادة إلى أضرار جسيمة في الغطاء النباتي والأشجار والطريق العام وبعض أملاك المواطنين ومقتنياتهم الخاصة التي لم يتمكنوا من حملها معهم؛ حيث استجابوا مسرعين لنداء الجهات المختصة لهم بضرورة مغادرة الوادي حفاظا على أرواحهم. تسبب قوة الإعصار وآثاره في إحداث تغير في ملامح الوادي؛ حيث تسبب في سقوط معظم أشجار السدر وأشجار التين البري بالإضافة إلى تراكم أكوام هائلة كبيرة من الرمل الأبيض المشابه للرمال الشاطئية أو رملة المحسكة النجدية الذي غطى على الرقعة الخضراء للوادي بصورة ملفتة للنظر ومعبرة عن قوة تأثير الإعصار واتساع رقعته بخلاف ما مر من حالات مدارية سابقة.

($) كانت أول وسيلة إعلامية تصل للوادي بعد أن تعرضت المحافظة للإعصار المداري في الخامس والعشرين من مايو الماضي، حيث قمنا بزيارة للوادي للوقوف عن كثب على حقيقة الآثار المترتبة على الوادي بمكوناته الطبيعية والبشرية والحيوانية والتنموية لما يمثله وادي دربات من وجهة سياحية رئيسية بامتياز للكثير من زوار المحافظة وقاطنيها على حد سواء لكونه أحد أهم معالم مفردات السياحة الطبيعية والبيئية في السلطنة خاصة ونحن على بعد أيام قليلة فقط من موسم الخريف وما يمثله للمحافظة وأبنائها من معان ومدلولات عميقة في الماضي والحاضر.

وبالرغم من عدم عبور السيارات للجهة الغربية من الوادي بسبب جريان المياه بغزارة إلى الشلالات اضطررنا لخوض مغامرة الوصول إلى الوادي والاطلاع بالعين المجردة على واقعه ولسان حاله.. حيث كانت رحلتنا على الأقدام، وبعبور مجرى السيل بحذر شديد، حيث استخدمنا العصا للاتكاء عليها مخافة الانزلاقات الطينية ولقياس عمق المياه. وكان برفقتنا ثلاثة شبان من سكان وادي دربات، وبعد أن اجتزنا مجرى الوادي قمنا بالتجوال فيه على مدى ثلاث ساعات متواصلة على الأقدام، ورصدنا بالصورة والكلمة العديد من الأضرار التي لحقت بالوادي من تطاير بعض أسقف منازل المواطنين وتهدم العديد من الأحواش المخصصة لحيواناتهم وأنماط معيشتهم بالإضافة إلى تهدم سور حماية الوادي من السيارات حيث أكد لنا الإخوة المرافقون لنا أثناء التجوال في الوادي أن جريان السيل في الوادي دخل جميع منازل المواطنين وأعطب جميع محتويات المنازل من أثاث وأدوات منزليه بالكامل.

ومن الظواهر الغريبة التي أفرزها الإعصار في الوادي هو عثور المواطنين بعد يومين من الإعصار على اسماك على ضفة الوادي، ويتوقع أن تكون هذه الأسماك من حفرة الإذابة بطوي اعتير، حيث تعيش فيها بعض أنواع هذه الأسماك، وهو نوع فريد من أسماك الكهوف يعيش في بركة معزولة بداخل كهف جانبي يقع شمال شرقي قعر الحفرة العملاقة المصنفة بين أكبر حفر العالم، وتتميز هذه الأسماك المعزولة بصغر عيونها المتناهي وبمقدرتها أيضا على الاستشعار في الظلام الدامس، حيث تعيش باستخدام مجساتها وحواسها الأخرى، ويتراوح طولها ما بين ٣ إلى ٦ سنتيمترات، ويميل لونها للأصفر الشاحب.

سد حماية في الوادي !

رصدت عدسة ($) أثناء التجوال في الوادي العديد من الأثاث والممتلكات المنزلية في أطراف الوادي دفع بها الإعصار إلى مناطق بعيدة عن سكنى المواطنين لقوته.. الحقيقة التي لا بد لنا من استيعابها أن السلطنة أصبحت تحت التأثير الدوري الدائم للأعاصير والمنخفضات الجوية المدارية الحادة .. الأمر الذي يلزمنا الحيطة والوقاية والتخطيط المحكم للتقليل من آثار هذه الظواهر الطبيعية التي لا يمكن مواجهتها أو التنبؤ بحجم أضرارها.. ولكننا يمكننا الاتعاظ والاعتبار من كل تجربة مثيلة نعيشها .. فوادي دربات معلم هام وحيوي من معالم السلطنة وحري بالجهات المختصة أن تمنحه المزيد من الاهتمام والإعمار، وكذلك الوقاية من هكذا حالات مستقبلا حفاظا على مكونات الوادي الطبيعية والبشرية والتنموية. ونعتقد أن إقامة سد حماية للوادي ومنفذ آخر عبر منطقة شيحيت المطلة على الوادي من الجهة الغربية أصبح من الضرورات اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ لأن المال الذي لن ينفق على التنمية قد يكون مصيره الإنفاق قسرا على التعويضات ومكافحة الأضرار.. ودرهم وقاية خير من قنطار علاج كما يقال.

رسالة للجهات المختصة

وحملنا المواطنون الذين قابلناهم أثناء تجوالنا بالوادي رسالة إلى الجهات المختصة بزيارة فرق عمل للوقوف على واقع الوادي والأضرار التي وقعت عليه وعلى ساكنيه وكذلك مطالبتهم المتجددة بضرورة شق الطريق الموعود به عبر منطقة شيحيت والإسراع في تنفيذه كونه مطلبا ملحا ومرفقا حيويا للوادي في الظروف الطبيعية، وقد أصبح أكثر إلحاحا في الظروف المناخية الاستثنائية؛ لما لهذا الطريق من منافع اجتماعية واقتصادية وخدمية لسكان وادي دربات وللزائرين وللمناطق المطلة على الوادي من الجهة الغربية، حيث تتضاعف الخطورة ومعاناة السكان في حالات السيول وجريان الأودية جراء أمطار موسم الخريف أو تقلبات الطقس وتعرض المحافظة للمنخفضات الجوية، الأمر الذي يعزل السكان عن التواصل مع جوارهم ويجعل التواصل معهم بالغذاء أو الدواء أو الإنقاذ من المستحيلات، وقد برهنت لنا عدد من حالات الأنواء المناخية الاستثنائية التي مرت بها محافظة ظفار في السنوات القليلة الماضية عن مدى الحاجة إلى وجود منفذ غربي للوادي عبر منطقة شيحيت تحسبًا لهذه الحالات الطارئة ولكون الوادي وجهة سياحية نشطة كذلك وعلى مدار العام.

الأمر الذي يوجب التسريع من قبل الجهات المُختصة في فتح معبر آخر من الجهة الغربية للوادي؛ حتى تكتمل حلقات التنمية للوادي وقاطنيه ومرتاديه بالصورة المُثلى والمرجوة وليُصبح وادي دربات وجهة سياحية جاذبة وفق معايير الجذب السياحي المتعارف عليها.