1357188
1357188
روضة الصائم

شعر عماني: فما نال مجدًا فتى جازعٌ ... ولا نال خيرًا فتى أيأسا

11 يونيو 2018
11 يونيو 2018

يعد الإمام نور الدين عبدالله بن حميد بن سلوم السالمي أحد رواد التجديد الفكري بعمان، إذ ترك نهضة علمية وأثرا اجتماعيا وسياسيا كبيرا في عمان أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وما زالت مؤلفاته وآثاره العلمية تشكل مدرسة ومراجع في العلم والفتوى.

ولد السالمي في 1283هـ 1867م بقرية الحوقين من أعمال ولاية الرستاق، ويكنى بأبي شيبة. نشأ في الرستاق، وقرأ القرآن في مدرسة والده حميد، ثم كف بصره وهو ابن 12 عاما، وانتقل مع أسرته إلى بلدة الخبة بالباطنة، فأخذ قسطا من العلم عن صالح بن سعيد الإسماعيلي، ولم تطل إقامته هناك، إذ سرعان ما عاد إلى الرستاق ليدرس في حلقة راشد بن سيف اللمكي ثم عبدالله بن محمد الهاشمي، ثم تعلم على يد ماجد بن خميس العبري. وبعد هذه المرحلة رحل نور الدين السالمي سنة 1308هـ إلى الشرقية، فنزل أول الأمر بالمضيبي، ثم انتقل إلى القابل، واستقر به المقام فيها، في جوار صالح بن علي الحارثي.

تخرج على يديه ثلة من أهل العلم وأرباب السياسة، منهم الإمام سالم بن راشد الخروصي، والإمام محمد بن عبدالله الخليلي، وعامر بن خميس المالكي، وعيسى بن صالح الحارثي وعبدالله بن عامر العزري وأبو زيد الريامي ومحمد بن سالم الرقيشي، وعبدالله بن غابش النوفلي، وغيرهم كثير.

ترك الإمام نور الدين السالمي مؤلفات متعددة في علوم مختلفة؛ فألف منظومة في النحو بعنوان: بلوغ الأمل في المفردات والجمل، وفي النحو أيضا: كتاب: المواهب السنية على الدرة البهية في نظم الإجرومية، وفي العقيدة ترك منظومة غاية المراد في علم الاعتقاد، ومنظومة أنوار العقول وقام بشرحها شرحا موسعا في كتاب «مشارق أنوار العقول، وله أيضا منظومة شمس الأصول في علم أصول الفقه.

كما ترك كتابه الشهير في التاريخ العماني «تحفة الأعيان في تاريخ أهل عمان» كما ألف كتابا في شرح مسند الإمام الربيع بن حبيب في ثلاثة أجزاء، إضافة إلى موسوعاته الفقهية نظما ونثرا: جوهر النظام، وكتاب معارج الآمال، وغيرها من الأعمال التي يقصر المقام هنا عن تفصيلها.

ومما تركه السالمي ديوان شعر، احتوى على عدد من القصائد في الزهد والابتهال إلى الله، والحكمة، والاستنهاض وغيرها، خدمة لمشروعه الإصلاحي والاجتماعي، ومن بين هذه القصائد اخترنا عددا من المقطوعات، ومنها هذه المقطوعة الابتهالية:

يا آخـــــــــــذا بالنواصـــــــــي

أدرك غريق المعاصـــــــي

وامنن عـــــــــليه بلطــــــــف

يفضــــــي بـــــه لخـــلاص

واغــــــــفر لـــــــه كـــــل ذنب

يخشاه يوم القصــــــاص

وامنن عــــــليه بفضـــــــــــل

 ومقعد غــــير قـــــــــــــاص

يا واهب الفضل جـــــزلا

لطائــــــــــــــــــع ولعاصــــــــــــي

إن لم تـــــــــدارك بلطــــــف

فليس لي مـــــــن مـــــناص

أين الهــــــــروب وما مـــــــن

قضاك تحمى الصياصي

ومن شعره في الحكمة واستنهاض الهمم والعزائم، يقول:

تجلد أخي وخل الأسى

                وقم للمعالي ولا تيأسا

فما نال مجدا فتى جازع

              ولا نال خيرا فتى أيأسا

وليس هماما فتى ظل في

                 جميع مطالبه ذا أسى

وأنت خبير بأن الورى

    إذا أحسن الدهر فيهم أسا

فكن إن أتت نعم شاكرا

   وكن إن جرى قدر كيسا

وخذ من مراقي العلا مركزا

                  وخذ من لباس التقى ملبسا

وشمر ذيولك للملتقى

            وكن يقظا لا تكن نكسا

ولا تطمع الخصم إن الخصو

     م تطمع فيك إذا كنت سا

أترجو المعالي وأنت فتى

         تنام الليالي حليف النسا

تهاب المنايا بحد الظبا

               إذا اختلست في الوغى الأنفسا

وتلقى الرزايا بوجه عبوس

       وهل نال خيرا فتى عبسا

فكن للنوائب مستوطنا

                   وبالموت في الحرب مستأنسا

أتبذل جهدا لدار الفنا

        وتمنح دار البقا بعسى

أتبخل بالنفس في ذي العلا

       وترجو به المنزل الأنفسا

فخل التواني وقم للعلا

      بقلب منيب ودع من قسا

فليس تنال العلا بالمنى

         ولكــن بجد وعزم رسا

وفي شعر الآداب والحكمة، يقول:

أبت إلا المروات الأبية

      نفوس لا تقر على دنية

علت شرفا وفلت كل خطب

      بأحساب وهمات علية

وقابلت المصائب باحتساب

                   فخفف صبرها ثقل الرزية

مصائب بعضها في إثر بعض

                    فلولا الصبر لم تبق عليه

ولكن صادفت مني محيا

                    تلوح به البشاشات البهية

وصدرا واسعا ما ضاق ذرعا

      بأمر لو تعاظمت البلية

وفي الأحشاء منها حر نار

                         تكاد بحرها تقضي عليه

ولكني طويت على الأعادي

       وكل معاند ما في الطوية

وأظهرت التجلد في أمور

                       يضيق بحملها جل البرية

تجرعت المصائب مترعات

       وقلت بأنها الكأس الهنية

وقابلت النوائب موسرات

                      وقلت فهذه الحال الرضية

فحار بأمري الجهال حتى

                       رأوا أن المصائب ليس فيه

وظنوا أن قلبي من جماد

         أصيغ فلم تغيره الرزية

سل الأيام والأحداث طرا

      رمت قلبي فهل أبقت بقية

■  المصادر:

الموسوعة العمانية، ج7.

ديوان السالمي.