1356459
1356459
روضة الصائم

عش الضياء: «العليّ» عز وجل

11 يونيو 2018
11 يونيو 2018

اختيارات: منار العدوية -

ورد في القرآن 8 مرات.

﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ سبأ23

المعنى:

وهو المتعالي عن النقص والعجز أو المتعالي عن الصفات التي لا تليق به والعلي الفعيل من قولك: علا يعلو علوا إذا ارتفع فهو عال وعلي، والعلي: ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته.

من واقع الحياة:

كن مع العلي، ولا تكن مع الدني. كن مع السرمدي ولا تكن مع الفاني. كن مع القوي ولا تكن مع الضعيف. كن مع الأرحم ولا تكن مع الأقسى.

هل تعرفون ما هي أكبر مصيبة على الإطلاق ؟.. أن يهتز مَثَلُكَ الأعلى. وضعت ثقتَك بشخص فخيّب ظنك، ظننته ورعا تقيا، فرأيته غير ورع. ظننته منزها عن أغراض الدنيا، فرأيته مشوبا بها. اهتزاز المَثَلِ الأعلى. ما سبب ضياع الناس؟ عدم وجود المثل الأعلى، الناس ماجوا واضطربوا، ولاكوا بألسنتهم كل إنسان دعا إلى الله بإخلاص.

أعداء الدين، خصوم الدين، نهشوا طعنوا فندوا، فأصبح يوجد نوع من أنواع عدم الثقة. فإذا اهتز المَثَلُ الأعلى انتهى الناس.

فلذلك قال: ومن أدب المؤمن المتخلّق باسم العلي.

السيرة النبوية الشريفة

إرسال النجاشي في طلب المهاجرين:

أرسل النجاشي إلى المهاجرين يدعوهم إلى مجلسه، فلما جاءهم من أرسله النجاشي إليهم اجتمع المهاجرون، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا دخلتم عليه؟ فقالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن.

دخلوا على النجاشي وعنده أساقفته قد نشروا كتبهم، فلما جاؤوه سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟

فكلمه جعفر بن أبي طالب وقال له: «أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية،

نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام. ونسيء الجوار ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من دون الله تعالى، وأن نستحل الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك؛ ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.

فقال النجاشي لجعفر: هل معك مما جاء به من الله شيء؟ فقال جعفر: نعم، فقال النجاشي: فاقرأه علي؛ فقرأ جعفر من بداية سورة مريم: «كهيعص...»؛ فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكى أساقفته حتى أخضلوا كتبهم بالدموع، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون.

فلما خرج عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة من عند النجاشي قال عمرو بن العاص: والله لآتينَّه غدًا عنهم بما استأصل به خضراءهم، فقال له عبدالله بن أبي ربيعة - وقد كان فيه شيء من الرحمة للمهاجرين-: لا نفعل، فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا، قال عمرو: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد.

ثم ذهب عمرو إلى الملك أول الصباح فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عمَّا يقولونه فيه؛ فأرسل النجاشي إليهم، فاجتمع المهاجرون وتشاوروا بينهم، فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم؟ قالوا: نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن، فلما دخل جعفر وأصحابه على النجاشي قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟

فقال جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا، هو عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول؛ فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال: والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، ثم قال لجعفر وأصحابه: اذهبوا فأنتم سُيُومٌ، من سبّكم غرم، ما أحب أنَّ لي ديرًا من ذهب وأني أذهبت رجلا منكم.

ثم قال: ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردَّ علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه.

فخرج عمرو وعبدالله من غير أن ينالا ما جاءا إليه، وأقام جعفر وأصحابه بخير دار مع خير جار.

غراس الجنة

«وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلا» الكهف٥٨

التفسيـر:

وربك الغفور لذنوب عباده إذا تابوا، ذو الرحمة بهم، لو يعاقب هؤلاء المعرضين عن آياته بما كسبوا من الذنوب والآثام لعجَّل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، بل لهم موعد يجازون فيه بأعمالهم.