أفكار وآراء

الإشاعة المنظمة

09 يونيو 2018
09 يونيو 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

تعتبر الإشاعات هي آفة العصر بسبب تأثيرها على الأفراد والمجتمعات وعلى الدول والإشاعة هي عبارة عن خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتتداول بين العامة ظنا منهم بأنها صحيحة وعادة ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة للفضول إلا أنها تفتقد إلى المصداقية والمصدر الموثوق، وتنقسم الإشاعات إلى ثلاثة أنواع حسب الغرض والهدف منها فهناك الإشاعة التي تهدف إلى الربح وهذا النوع تستخدمه بعض الشركات من أجل التأثير على شركة أخرى منافسة لها وتنتج السلعة نفسها أو تقدم الخدمة نفسها وتقوم بتسخير أشخاص لبث معلومات غير صحيحة عن الشركة المنافسة من أجل التأثير عليها.

النوع الثاني من الإشاعات هي الإشاعات لأغراض سياسية وأمنية وهذا النوع تتبناه بعض الدول للتأثير على دولة أخرى ويتم تجنيد عدد من الأشخاص من أجل نشر إشاعات مغرضة عن تلك الدولة من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خاصة التوتير ومن هنا ظهر ما يسمى بالذباب الإلكتروني وقد وصل الأمر إلى اختراق المواقع الرسمية لبعض المؤسسات واستغلال بياناتها ونقل الإشاعات والأكاذيب المنسوبة إليها.

النوع الثالث هو الإشاعة بهدف اللهو والمرح هذا النوع أيضا بدأ ينتشر في المجتمع بحيث تأتي فكرة عند احدهم ويقوم بصياغة إعلان هو عبارة عن بيع سيارة مثلا أو منتج أو بيت أو أي سلعة أخرى وبسعر رخيص جدا مقارنة بسعر السوق ويضع أسفل الإعلان رقم هاتف أحد زملائه دون أن يعلم وبعض الأحيان يتم وضع رقم عشوائي وتبدأ المكالمات والرسائل تنهال على ذلك الشخص ويتبنى هذا النوع من الإشاعات أشخاص لديهم وقت فراغ ولا يعرفون كيفية استغلاله.

والإشاعات ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة قدم الإنسان إلا أنها في السابق كان انتشارها محدودا جدا فقد لا يتجاوز القرية أما اليوم وفي ظل وسائل التواصل الاجتماعي فإن الإشاعة تنشر خلال ثواني ويمكن أن تنتقل الى عشرات الأشخاص في أي بقعة من العالم دون حواجز أو معوقات تقف أمامها وهنا تكمن الخطورة.

والإشاعة المنظمة ربما مصطلح استخدمته شخصيا للدلالة على ان بعض الإشاعات تكون منظمة بمعنى أن من يتبناها يختار الوقت والمكان والزمان والمناسبة المحددة لكي يقوم بنشر إشاعته وذلك بهدف إثارة الرأي العام وبث الفتنة وترويع الآمنين وخلخلة النسيج الاجتماعي وإثارة الخلافات بين الدول، والإشاعة المنظمة لا تقل خطورة عن الجريمة المنظمة ان لم تكن خطورتها أكبر فالجريمة المنظمة قد تؤثر على شخص واحد أو مجموعة أشخاص بينما الإشاعة المنظمة فإنها قد تؤثر على دولة أو مجموعة من الدول.

وعلى سبيل المثال فهناك العديد من الأخبار والإشاعات المنظمة والمغرضة انتشرت في مناسبات محددة مثلا أثناء دخول شهر رمضان المبارك انتشر مقطع فيديو عبارة عن خبر بثته إحدى القنوات العربية حول رؤية شهر رمضان المبارك مساء يوم الثلاثاء على أن يكون يوم الأربعاء هو غرة الشهر الفضيل واتضح فيما بعد ان أغلب الدول العربية والإسلامية صامت يوم الخميس وليس الأربعاء كما جاء في الخبر وهذا يؤكد لنا أن من قام بنشر الخبر استغل الوقت المناسب.

هناك أيضا أخبار تم تداولها عن الأنواء المناخية التي تعرضت لها محافظتا ظفار والوسطى فانتشرت مقاطع فيديو لأعاصير من المكسيك وأمريكا وفي دول عربية أخرى على أنها في صلالة وتغريدات تحذر من أن هناك إعصار قادم بعد انتهاء هذا الإعصار ونشر صور بعض منها قديمة من جونو وفيت على أنها الآن كما ظهرت إخبار حول توجيهات عليا بتوفير وظائف للشباب في عدد من المؤسسات العامة والخاصة وبها رابط واتضح ان هذه الأخبار غير صحيحة حيث تم نفيها.

وقد تبنيت هذا الموضوع هذا العام من خلال المحاضرات والدروس التي أقدمها في بعض الجوامع والمساجد خلال هذا الشهر الفضيل بهدف التوعية والتنبيه عن خطورة هذه الآفة وقد لقي الموضوع اهتماما كبير من قبل الحضور نظرا لأهميته.

من هنا فإنا ندعو الجميع إلى التأكد من مصدر الخبر قبل نشره والابتعاد عن النسخ واللصق والتريث في نقل الأخبار وشغل وقت الفراغ فيما هو مفيد وعملي وفي المقابل لابد من الجهات المختصة ان تقوم بالمسارعة الى نفي الإشاعات وتوضيح الحقائق في وقتها ومعاقبة كل من تسول له نفسه ترويع الآمنين والصيد في الماء العكر وقانون الجزاء العماني فيه مواد تجرم كل من يقوم بنقل الإشاعات أو الترويج لها وقد يستدعي الأمر في المستقبل إنشاء هيئة معنية بمكافحة الإشاعات كما هو الحال في عدد من الدول التي قامت بإنشاء وحدات معنية بهذا الأمر.

• تقبل الله منا ومنكم صيامنا وقيامنا وصالح الأعمال.