1359248
1359248
العرب والعالم

الطلاب السوريون في ألمانيا يخططـون للعــودة لبنـاء بلدهـم

08 يونيو 2018
08 يونيو 2018

شتوتجارت - (د ب ا) - ذات يوم ستعود رايات السلام لترفرف على ربوع سورية مرة أخرى، وفي ذلك الحين سيكون سامر كرم هناك، محاولا أن يساهم في بناء بلده.

ويخطط كرم للقيام برحلة جوية فوق مدينة تدمر التي تعرضت للدمار من جراء القصف، وهو مزود بماسحات ضوئية لإنتاج نماذج ثلاثية الأبعاد للكنوز الثقافية التي تعرضت للتدمير، ويقول كرم الذي يبلغ من العمر 29 عاما ويقيم حاليا في مدينة شتوتجارت الألمانية «آمل أن يأتي هذا اليوم سريعا، ولكن لا يستطيع أحد التكهن بموعده».

وحصل كرم،الذي جاء من مدينة إدلب السورية، على درجة الماجستير في علم هندسة المساحة الرقمية، الذي يتناول وضع الخرائط باستخدام الوسائل الرقمية إلى جانب قياس وإدارة البيانات العمرانية، وهو موضوع متخصص يشمل التصوير المساحي من الجو والملاحة البحرية والجوية والتقنيات الخاصة بالطيران.

وحصل كثير من زملائه على وظائف في شركتي دايملر وبوش الألمانيتين، حيث اجتذبتهم مشروعات الشركتين لتطوير سيارات ذاتية القيادة، غير أن كرم لديه خطط أكثر طموحا واتساعا.

وهذا هو السبب الذي دفعه لتقديم طلب للالتحاق ببرنامج «القيادة من أجل سورية» الذي تديره وكالة التبادل الأكاديمي الألمانية، وتم عام 2015 اختيار 221 من الطلاب الشباب السوريين، لبدء دراسات في مختلف أنحاء ألمانيا، بتمويل من كل من وزارة الخارجية الألمانية ووزارة العلوم بولاية نورث راين فستفاليا.

ولكن ما هو الشيء المشترك الذي يجمع بين هؤلاء الطلاب ؟.

إنها الرغبة في العودة إلى بلدهم سورية بعد انتهاء الحرب والمساعدة بفاعلية في تشكيل مستقبلها.

غير أن هناك تساؤلا يدور حول احتمال أن يغير الطلاب رأيهم حول هذا الهدف، ويرد كرم على هذا التساؤل بقوله إن «هذه المنحة الدراسية تقوم على الثقة، ونحن نتحمل مسؤولية كبرى»، وكانت لدى كرم دائما رغبة في العودة إلى سورية بأسرع ما يمكن، ويضيف «والداي والكثير من زملائي لا يزالون هناك، وقطعا أرغب بشدة في رؤيتهم مرة أخرى». ويشارك في المنحة الدراسية «القيادة من أجل سورية» مهندسون ومعلمون وخبراء آثار ومصممو برامج كمبيوتر، بينما تتباين معتقداتهم السياسية والدينية بمثلما تتباين تخصصاتهم العلمية والوظيفية.

وتقول دارسة سورية أخرى في البرنامج تدعى تسنيم بركات « كل واحد منا يعتقد أن تخصصه ووظيفته هو الأكثر أهمية بالنسبة لعملية إعادة إعمار سورية، كما يتصور كل منا مستقبلا لبلدنا بشكل مختلف عن الآخر».

وتريد تسنيم التي تبلغ من العمر 31 عاما والمتخصصة في تقنيات البيئة، المساعدة على تحقيق هدف أن تتمكن سورية بعد انتهاء الحرب من إزالة الأنقاض وما خلفته المعارك من حطام وخرائب، وأن يكون لديها مرة أخرى نظام لتوزيع المياه الجارية النقية، وتقول «أعتقد أن جميعنا سيتخرجون من هذا البرنامج وهم يتمتعون بانفتاح فكري هائل». ويعلق ميشائيل كرامر وهو عالم عمل مع بعض الطلاب السوريين بمعهد التصوير المساحي من الجو بشتوتجارت، قائلا «يجب زيادة عدد هذه المنح الدراسية وتوسيعها بشكل أكثر قوة».ويصف كرامر المشاركين في المنحة الدراسية الذين قابلهم بأنهم على درجة عالية من التأهيل وقوة الدافع، ويقول إن موضوع علم هندسة المساحة الرقمية موجه إلى الطلاب الذين يأتون من دول أخرى، ويضيف «منذ فترة طويلة كان لدينا نحو 40 طالبا في كل فصل دراسي سنوي، والآن تقلص هذا العدد إلى 20 طالبا فقط».ويرجع أحد أسباب هذا التراجع في عدد الطلاب إلى رسوم التعليم التي يتعين على الطلاب الأجانب أن يسددوها في شتوتجارت، بعكس الوضع في مدن ألمانية أخرى مثل برلين وميونيخ.

وبالإضافة إلى المعارف التي يحصل عليها الطلاب السوريون المشاركون في المنحة الدراسية وفقا لتخصصاتهم، فإنهم يلتقون عدة مرات بجامعة كونستانز لمناقشة الموضوع الكبير الذي يجمعهم والمتعلق بالأوضاع في سورية.

ومن بين الموضوعات التي يدور حولها النقاش هو الهدف من الدستور، وكيف تصيغ معاهدة سلام، وما الذي يمكن تعلمه من الدول الديمقراطية، وهذه الموضوعات بعيدة كل البعد عن الموضوعات الدراسية اليومية المعتادة التي يتلقاها معظم الطلاب.

ثم هناك الموضوع المهم المتعلق بكيفية الاستعداد الذهني والنفسي لمهمة إعادة التئام الأجزاء الممزقة من جسد الدولة السورية.

وفي هذا الصدد يقول كرم «أعتقد أنه لا يستطيع أي منا أن يعد مشروعا لتحقيق تلك المهمة، وربما يرفض كوفي أنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة والحاصل على جائزة نوبل للسلام صيغة معاهدة السلام التي وضعناها»، ويضيف إن أنان على الأقل لديه بالفعل مسودة لمثل هذه المعاهدة.