المنوعات

العطور تروي تاريخ الصين

08 يونيو 2018
08 يونيو 2018

باريس، (أ ف ب) - لطالما ارتبط العطر والبخور ارتباطا وثيقا بالحضارة الصينية ويلقي معرض في متحف سيرنوشي في باريس الضوء على هذه العلاقة من خلال لوحات ومنحوتات برونزية وخزفيات ووصفات قديمة.

ويوضح اريك لوفيفر مدير متحف سيرنوشي وأحد مفوضي المعرض الذي ينظمه بالتعاون مع متحف شانغهاي «الممارسات الطقسية أو الوثنية المرتبطة بالبخور تركت أثرا واسعا على الثقافة الصينية.

فهذا الموضوع يطال كل جوانب الحياة أكانت الجوانب المقدسة أو اليومية».

وكتب فريدرك اوبرينغر مدير مختبر الصين وكوريا واليابان في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ومستشار المعرض يقول: «كتابة تاريخ العطور في الصين يعني كتابة تاريخ الامبراطورية الصينية».

اعتبارا من القرن الثالث قبل الميلاد، راح الصينيون يستخدمون منتجات يجلبونها من بلدان بعيدة مثل العود والصندل والبخور الجاوي واللبان والكافور وكبش القرنفل.

إلا أن أكثر المواد استخداما كان مصدرها الصين نفسها ومستخرجة من حيوان له انتشار كبير فيها ألا وهو الفأر الغزال وهي المسك الذي كان يشهد إقبالا كبيرا منذ حقبة أسرة هان ويستخدم كدواء وكعطر في آن.

وقد لحظ هذا الاستعمال الكثيف عام 1846 مسافران فرنسيان هما الأبوان ايفاريست اوك وغابيه اللذان أشارا إلى أن هذه «الرائحة تطبع ليس فقط الأدوية لا بل الأغراض والرجال والأرض والهواء بدرجات متفاوتة».

واعتبارا من عهد أسرة سونغ تحولت طقوس العطور بعمق لتصبح عنصرا أساسيا في حياة المثقفين.

وهي تترافق مع تطور المعارف النباتية.

وقد نشرت دراسات حول تركيبات العطور وخاض الإمبراطور غاوزونغ (1127-1162) شخصيا غمار تركيب عطور جديدة.

وقد حرص القيّمون على المعرض الذي يستمر حتى 26 أغسطس على تشغيل حاسة الشم لدى الزائر وليس فقط النظر.

فقد حاول مصمم العطور فرنسوا دوماشي أن يحيي وصفات قديمة.

وهذه المحاولة ليست بالسهلة فإن كانت المكونات معروفة من الصعب تحديد كمية كل واحدة منها في وصفة معينة.

ويشير اريك لوفيفر إلى أن «إحدى كبرى ميزات العطور الصينية هي سيطرة روائح الخشب وغياب شبه كامل لروائح الزهور».

واعتبارا من القرن الرابع عشر توسع استخدام هذه العطور ليشمل التجار الأثرياء والموظفين الرسميين مع مراسم كبيرة لدى المتعلّمين حيث لكل قطعة مكانها المحدد.

وتتبع القطع المعروضة في باريس تطور هذه الممارسات من مبخرة عطور طقسية مصنوعة من البرونز على شكل بطة في عهد أسرة هان إلى مبخرة مصنوعة من اليشم في أسرة كينغ مرورا بأوان طقسية خزفية زهرية رائعة في عهد أسرة كيانلونغ.

ونادرا ما توضع العطور الصينية على الجلد مباشرة.

فهي تعطر خصوصا الملابس من خلال كيس نقود معلق على حزام مثلا.

وتظهر لوحة من مرحلة مينغ شابة تعطر أكمام فستانها المعلق بأناقة فوق مبخرة.

ويشير فريدريرك اوبرينغر إلى وجود «متواصل على مدى عشرين قرنا للمواد المعطرة في الحياة الصينية» بكل جوانبها المختلفة.