1358466
1358466
الاقتصادية

المشاركون: التقنيات المتطورة يمكنها إحداث تغييرات جذرية في قطاعي الإنشاءات واللوجستيات وعديد من الصناعات

07 يونيو 2018
07 يونيو 2018

أمسية الغرفة تدعو مجتمع الأعمال للاستفادة من الإمكانات الهائلة للثورة الصناعية الرابعة -

تغطية: أمل رجب -

شهدت الأمسية الرمضانية حول «الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل الأعمال» تفاعلا كبيرا من الحضور عبر عروض تتناول المتغيرات الضخمة المصاحبة لهذه الثورة وتأثيراتها على قطاعي الصناعة والأعمال، وأيضا ما تحمله من إمكانيات وفرص واسعة يمكن أن تفيد الشركات والحكومات، وشهدت الأمسية زخما واسعا من التساؤلات والمداخلات من قبل الحضور حول آفاق الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل الأعمال ومدى استعداد السلطنة لهذه المتغيرات الجذرية التي يشهدها العالم، وأكدت المناقشات خلال الأمسية على أن التقنيات الحديثة تحمل إمكانيات تساعد في إحداث تغيرات جذرية في بيئة الأعمال خاصة في قطاع الإنشاءات الذي يمكنه تحقيق نمو أكبر وجودة أعلى في أعمال المقاولات مع خفض هائل في أعداد الأيدي العاملة في ذات الوقت، وكذلك قطاع اللوجستيات الذي يمكنه الاستفادة من تحول جذري في آليات التسليم والتخزين وخفض الوقت والتكاليف، فضلا عن إمكانية الاستفادة من قيمة مضافة أعلى لبعض الموارد التي تنفرد بها السلطنة مثل الجبس على سبيل المثال عند التوسع في استغلال الإمكانيات الكبيرة للطباعة ثلاثية الأبعاد واستخدامها في منتجات مبتكرة يتزايد الطلب عليها عالميا.

كما ناقشت الأمسية موضوع تكامل البيئة والمناخ لدعم الثورة الصناعية وآليات بناء الكادر المحلي للاستعداد ومواكبة السباق في مجالات الثورة الصناعية ومتطلبات دعم القطاع الصناعي من حيث البحث والتطوير العلمي وفرص المستقبل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الثورة الصناعية.

ونظمت الأمسية غرفة تجارة وصناعة عمان تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد الأمين العام المساعد لتنمية الابتكار بمجلس البحث العلمي، وتم خلال الأمسية إعلان مبادرة جديدة للغرفة تتضمن تنظيم أمسيات منتظمة على مدار العام لمناقشة متغيرات الأعمال ومختلف الجوانب الاقتصادية التي تتعلق بالاقتصاد العام والشركات، كما قام كل من راعي الحفل وسعادة قيس اليوسف رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بتكريم المشاركين في الأمسية.

وفي تصريح على هامش الأمسية قال الدكتور فهد بن الجلندى إن الثورة الصناعية الرابعة من أهم المتغيرات التي يشهدها العالم ولها العديد من المتغيرات والتأثيرات على الجوانب الاقتصادية، والسلطنة ليست بمعزل عما يدور حول العالم من أحداث وتغيرات، والاهتمام بالثورة الصناعية الرابعة يستهدف خفض الاعتماد على النفط والغاز كمصدر الدخل الرئيسي للسلطنة مما يشكل تحديا للسلطنة والدول المصدرة للنفط والغاز. وأكد على أن أهمية هذه الأمسية تتمثل في نشر الوعي حول الثورة الصناعية الرابعة وإلقاء الضوء على ما تتيحه من الفرص والتحديات، موضحا أن السلطنة تمتلك الكوادر البشرية المؤهلة للتدريب والتوجه إلى هذا المجال، وأشار صاحب السمو إلى أن برامج مجلس البحث العلمي تركز على بناء القدرات البحثية ودعم الابتكار. وانطلقت الأمسية بكلمة للغرفة قدمها بدر العوفي مساعد المدير العام للشؤون الإدارية والمالية بالغرفة حيث أعلن خلالها تدشين مبادرة أمسيات الغرفة لتكون مستمرة طوال العام وستتناول موضوعات اقتصادية واستثمارية حيوية ذات أبعاد أساسية وهامة للاقتصاد الوطني وعملية التنمية الشاملة المستدامة.

وقدم الدكتور كريس مودي الخبير بمكتب نقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا بوزارة الخارجية ورقة عمل حول الثورة الصناعية الرابعة ومنهجية التأثير الإيجابي على الصناعات الحالية والاقتصاد والتدريب والفرص الكامنة في تحويل الصناعات لمواكبة التطور، وأشار إلى أن الثورة الصناعية الرابعة بشكل أساسي هي عبارة عن مزيج بين الفيزياء والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والتي تساعد على جمع كافة المعلومات وتحليلها وإعادة إنتاجها يجب على أصحاب الأعمال تطوير أدواتهم مع التغيرات المستمرة واستثمار الفرص الجديدة التي توجدها الثورة الصناعية الرابعة طفرات التقنية مثل الذكاء الصناعي والروبوتات والناتو وانترنت الأشياء، والطباعة الثلاثية الأبعاد وبشكل عام استخدام تكنولوجيا المعلومات في قطاع الأعمال.

وأضاف: إن الثورة الرابعة تشهد تطورات مذهلة وتقدم مستمر، وهناك الكثير مما نتوقعه مستقبلا مثل انتشار استخدام الروبوتات في المستشفيات والبنوك، ومزيد من استغلال المعلومات الضخمة في إدارة مختلف جوانب الحياة، والآن من يملك هاتفا ذكيا يمكنه أن يدير حياته بالكامل عن طريق الهاتف وهذا التأثير للمعلومات الكبيرة على مختلف جوانب الحياة سيزيد في المستقبل خاصة أن هناك تزايدا هائلا في حجم ما توفر التكنولوجيا الحديثة عن كل شخص من معلومات وبيانات، هناك أيضا الطابعات الثلاثية التي أصبح استخدامها شائعا حتى لدى الأفراد العاديين وتؤدي الى طفرة في وقت وتكاليف البناء، أيضا سيشهد المستقبل تغيرات مهمة في الأمن السيبراني وتوفير الحماية للمعلومات الحساسة، وكذلك فيما يتعلق بالطاقة المتجددة وتخزينها، والسيارات ذاتية القيادة.

وأكد على انه حتى لا تصبح الشركات في وضع مثل شركة كوداك، التي كانت ذات يوم من اكبر شركات العالم ثم اختفت بسبب فشلها في اقتناص فرص التقدم التكنولوجي، لابد من مواكبة التطورات والاستفادة من التقنيات الحديثة وعلى الشركات تغيير أعمالها بشكل مستمر والسعي وراء الاستفادة من التكنولوجيا في توليد فرص العمل، وعلى الجميع أن يدرك انه خلال 20 سنة ستختفي الوظائف التقليدية ومنخفضة المهارات، وعلى التعليم أن يواكب ذلك وإن يتم إدخال مناهج متطورة. وأضاف أن أكبر الشركات في العالم الآن هي فيس بوك وعلي بابا وامازون وميكروسوفت وهي شركات تستفيد من التكنولوجيا ولا تنتج منتج بعينة وإنما قيمة وخدمات، وبالتالي فبينما تولي السلطنة اهتماما كبيرا بالخدمات اللوجستية وتضع هذا القطاع كركيزة للنمو الاقتصادي في خطط التنمية فإن التطور التكنولوجي يحمل الكثير لإفادة هذا القطاع وهناك كثير من الفرص التي ينبغي اقتناصها، وفي هذا الصدد فإن شركة أمازون تقوم حاليا باختبار تقنية جديدة لعمليات تسليم البضائع هي «برايم اير» لتسليم البضائع في وقت قصير للغاية عبر طائرات الدرون، لكنها ما زالت مكلفة ولذلك يتم العمل على خفض التكلفة حتى يمكن نشر الخدمة على نطاق واسع. وأشار الى أن مثل هذه التقنيات شديدة الأهمية في قطاع اللوجستيات، فإذا سألنا الشركات اللوجستية عن أهم ما يواجهها من تحديات سيقولون السائقون، من هنا أهمية الطرق التكنولوجية التي يستحدث ثورة في أساليب التسليم. من ناحية أخرى فمستقبل مراكز التسوق هو أيضا على المحك فقد تختفي في ظل انتشار التسوق الإلكتروني أن لم يكن لها أدوار أخرى مبتكرة، أيضا صناعة السيارات على وشك مواجهة تحولات جذرية بسبب التطور في السيارات الكهربائية.

أيضا قطاع المقاولات في السلطنة من المستهدف أن يشهد مزيدا من التطور عبر استخدام التكنولوجيا، وهذا يمكن أن يخفض حجم الأيدي العاملة بشكل كبير وهو احد القضايا المهمة في السلطنة لخفض معدل الأيدي العاملة الوافدة. من الفرص المهمة المتاحة للسلطنة هي أنها من كبار مصدري خام الجبس في العالم ويمكنها الاستفادة من التقنيات الحديثة في تصنيع منتجات مبتكرة باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد وغيرها من التقنيات. الآن الدول المصدرة للنفط تتعرض لأزمات بسبب انخفاض أسعار النفط وفي المستقبل قد ينضب هذا المورد وقد يقل عليه الطلب نتيجة انتشار الطاقة المتجددة وكل هذه العوامل لابد من وضعها في الاعتبار عند وضع الاستراتيجيات المستقبلية، والأهم أن التعليم لابد أن يؤهل للمستقبل لتمكين الأجيال الجديدة من اقتناص فرصة الوظائف المتاحة في المستقبل.

وبدأت بعد ذلك الجلسة الحوارية التي أدارها الدكتور عمار العبيداني مدير بحوث قطاع الطاقة والصناعة بمجلس البحث العلمي والذي أكد على أن الابتكار عنصر أساسي في الثورة الصناعية الرابعة وهناك العديد من المبادرات الرائدة مثل بلوك تشين وهي تؤهل السلطنة للمستقبل، وأوضح أن الجلسة تركز على عدد من المحاور منها تجارب الدول المتقدمة في نظم الابتكار والتأثيرات الاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة ومستقبل الطاقة الأحفورية وتقنيات الطاقة المتجددة في المستقبل القريب وتأثيرها على الصناعة والاقتصاد.

واستعرض مهاب الهنائي مدير مشروع مركز التميز البيئي في الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة «بيئة» تطور أنشطة وخدمات الشركة مؤكدا أهمية البحث العلمي في تمكين الاستفادة من التطور الذي يشهده العالم في مختلف الجوانب التقنية موضحا أن دول العالم تتجه إلى زيادة معدل الإنفاق على البحث العلمي حيث يصل الإنفاق على أنشطة البحث العلمي في السويد وكوريا الجنوبية إلى 4%، وأضاف انه في إطار الاستفادة من تقنيات الحديثة فإن «بيئة» تسعى إلى إيجاد قيمة مضافة من المخلفات مثلا توليد الطاقة وإعادة تدوير المخلفات، وتستهدف الشركة تحويل 60 بالمائة من المخلفات ورفع ذلك إلى 80 بالمائة خلال السنوات المقبلة.

وأوضح محمد بن زاهر العبري مدير مركز أبحاث تقنيات النانو بجامعة السلطان قابوس أن المركز يعمل حاليا على 4 برامج تتمثل في أبحاث معالجة المياه والطاقة المتجددة وتعزيز استخراج النفط والصناعة والتصنيع، مبينا أن المركز يسعى للاشتراك مع مجموعة واسعة من الباحثين والقطاع الخاص حيث إن تقنية النانو تعتمد على الشراكة.

وأشار الدكتور طلال بن جمال العولقي مشرف قطاع الهندسة البترولية بشركة تنمية نفط عمان أن الثورة الصناعية الرابعة بدأت في السلطنة منذ فترة طويلة وأن القطاع النفطي من أول القطاعات التي طبقت أسس الثورة الصناعية حيث إن كافة العمليات في الآبار النفطية التابعة لشركة تنمية نفط عمان تدار عن بعد من مقر الشركة بمسقط أثبت فعالية كبيرة ورفعت من مستوى الأمان. واستعرض تأثير الثورة الصناعية الرابعة على إنتاج الطاقة مشيرا الى مرور العالم بمراحل متعددة من التطور الصناعي وكان أهمها وأولها اكتشاف البخار كقوة محركة للصناعة، وكيف تضاءل تأثير البخار بعد اكتشاف الوقود الأحفوري والآن فإن التغير الأكبر يأتي في ظل التطور الهائل في تقنيات الطاقة بشكل عام والطاقة المتجددة بشكل خاص، وهذا التطور هو الذي أدى الى طفرة إنتاج النفط الصخري وأصبحت الولايات المتحدة من كبار منتجي النفط في العالم.

من جهته قال قيس بن راشد التوبي مشرف البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب إن البرنامج يستهدف تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة عبر عدة مراحل، وتنقسم فئات الشباب المستهدف إلى فئتين الأولى من 15 إلى 17 سنة والثانية من 18 إلى 29، مبينا أن البرنامج سيركز على الثورة الصناعية الرابعة بتقنياتها وتطبيقاتها، موضحا أنه تم البدء في استقبال الطلبات للدخول في البرنامج من29 مايو وسيستمر إلى 10 يونيو وستكون عمليات التدريب داخل وخارج السلطنة. ونسعى في البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب إلى بناء جيل منتج للمعرفة وقادر على التكيف مع متغيرات الثورة الصناعية الرابعة من أجل توطين الصناعات المعرفية الحديثة في السلطنة.