روضة الصائم

لقاء متجدد: علاقات اجتماعية «2»

06 يونيو 2018
06 يونيو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

أما النوع الثاني من أنواع الاستئذان فهو: الاستئذان الخاص. وهو الذي يستأذنه أطفال أهل البيت والذين ملكت أيمانهم، فإن هؤلاء يُتَسَامَح – لأجل الضرورة – أن يدخلوا البيوت التي يتربى فيها هؤلاء الأطفال، ويقوم فيها المماليك بخدمة أصحابها ولو لم يستأذنوا إلا في ثلاثة أوقات يشرع لهم الاستئذان فيها لأن دخولهم بدونه كثيرا ما تكون عاقبته حسرة وندامة، بسبب ما قد يترتب عليه من اكتشاف العورات والاطلاع على الأسرار الخفية بين الأزواج في البيوت، وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وفي هذه الأوقات الثلاثة لا يسوغ لملك اليمين الدخول على الملاك أصحاب البيوت إلا بالاستئذان الشرعي، وكذلك الأطفال يجب أن يلتزموا الاستئذان فيها من حين تفتح مداركهم واستيعابها لهذا الواجب الأُسْري.

وقد يتساهل بعض الناس في أمر الاستئذان بسبب علاقة القربى أو غيرها من العلاقات، أو إن كان الداخل من الخدم الذين يقومون بأعمال البيوت، وهذه مخالفة لشرع الله تعالى الذي فرض الاستئذان من أجل الطهر، طهر النفوس والبيوت والأحاسيس والمشاعر، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستئذان إنما شرع من أجل حفظ البصر، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر»، وبهذا يتبين أن من استأذن وهو مقابل لباب البيت فحكمه كمن لم يستأذن إذ قد يسبق بصره فيطلع من عورات البيوت على ما يحرص أصحابها على ستره، ولأجل هذا تسقط حرمة من فعل هذا، إذ لا فرق بينه وبين من اقتحم البيت بدون استئذان، فلو رماه صاحب البيت بشيء وأصاب منه ما أصاب لم يحاسب على ذلك كما هو واضح في حديث سهل بن سعد: أن رجلا اطلع من جحر في دار النبي ^، والنبي ^ يحك رأسه بالمدرى فقال: «لو علمت أنك تنظر، لطعنت بها في عينك، إنما جعل الإذن من قبل الأبصار». ومن آداب الاستئذان أن لا يلح المستأذن على الدخول فإن لم يؤذن له فليرجع، كما ثبت في الحديث الذي رواه أبو موسى وأبي بن كعب وأبو سعيد رضي الله عنهم أن النبي ^ قال: «الاستئذان ثلاثة فإن أذن لك وإلا فارجع». وهذا مما يجب على الناس أن يكيفوا وفقه تعاملهم فيما بينهم وأن يحملوا على ذلك أولادهم في تربيتهم على الآداب الشرعية، وجميع الآداب المألوفة المخالفة لهذه التعاليم يجب تجنبها.