1355362
1355362
روضة الصائم

الذهلي: النتاج الفكري العماني كنـوز ثقافيـة علينا المحافظـة عليـها

06 يونيو 2018
06 يونيو 2018

حاوره: سالم بن حمدان الحسيني -

تضم خزانة د. حمد بن سالم بن سيف الذهلي عددا كبيرا من المخطوطات والوثائق النادرة جمعها من مصادر متعددة تمثل بمجموعها كنوزا ثقافية لنتاج فكري ومعرفي لمصنفات فقهاء ودواوين شعراء واستنتاجات علماء جادت بهم هذه الأرض الطيبة، وقد بدأ الذهلي رحلة البحث عن المخطوطة من أيام دراسة البكالوريوس عام 1997م، عندما كلفه أحد الأساتذة بإنجاز بحث دراسي حول شخصية لغوية عمانية، فاختار حينها شخصية الشيخ «حمدان بن خميّس اليوسفي المعروف بـ«سيبويه الثاني» حيث راقت له طريقة كتابة المخطوطة وشغف البحث عنها، وتواصلت اهتماماته بالمشاركة والحضور للمؤتمرات والندوات المختصة بالمخطوطات، مؤكدا أن التوجه في هذا المجال ينمي المدارك ويوقظ الهمم.

في هذا الحوار نقترب أكثر من الباحث د. حمد الذهلي ليحدثنا عن مشواره مع المخطوطات، ومتى بدأ الاهتمام بها؟ فقال: كانت البداية الأولى للاهتمام بالمخطوطات من أيام دراسة البكالوريوس في عام 1997م، فقد كلفنا أحد الأساتذة بإنجاز بحث دراسي حول شخصية لغوية عمانية، واخترت وقتها شخصية الشيخ «حمدان بن خميّس اليوسفي (ت/‏‏1384هـ)»، وهو المعروف بـ»سيبويه الثاني» لأبدأ البحث عن مؤلفاته المخطوطة، فراقت لي طريقة كتابة المخطوطة وشغف التنقل بين صفحاته، وما يحتويه من فنون معرفية ليتطور الأمر لمحاولة جمع بعض صور المخطوطات من هنا وهناك، وسرت في هذا الاتجاه لأسجل بعدها عنوان دراستي للماجستير «الجهود النحوية في عمان 1287-1397هـ»، لتشكل المخطوطات النحوية والبلاغية العمانية فيها النسبة الأكبر من مادة الدراسة بما يقرب من 90% من مصادرها، وتواصلت الاهتمامات بالمشاركة والحضور لوقائع المؤتمرات والندوات المختصة بالمخطوطات، ومن ذلك مؤتمر التواصل الحضاري العماني المغاربي في العصر الحديث الذي عقد بجامعة آل البيت بالأردن في 10/‏‏ 2011م، وكانت المشاركة بورقة عمل عن «المراسلات بين العلماء والأئمة والسلاطين»، وزودت البحث ببعض الموروث الفكري المخطوط وخاصة المراسلات، بعدها توالت الاهتمامات بهذا الموضوع بمشاركات متنوعة في ندوات عمانية والكثير من جلسات النقاش حول المخطوطات، وكان آخرها ندوة «حركة نسخ المخطوطات في عمان» التي عقدت بولاية صحار في 25/‏‏4/‏‏2018م، والمشاركة بورقة عمل عن «نساخ عمانيون مغمورون، بعض نساخ ولاية الرستاق أنموذجا»، والتي كشفت عن مخزون مخطوط للنساخ العمانيين في هذه الولاية عبر القرون، وهناك محاولات متواضعة للنشر في هذا الموضوع ومن تلك المحاولات مقال بعنوان: «رحلة المخطوط العماني فوائد وتجديد» الذي نشر في العدد الأول من مجلة «الثقافية»، ومقال «الصِّير» عنوان في حياة السيد فيصل بن حمود البوسعيدي (ت/‏‏1328هـ)»، في العدد العشرين من نفس المجلة، والتوجه في هذا المجال ينمي المدارك من خلال الاستفادة من دراسات الإخوة المهتمين بأمور المخطوطات في وطننا الحبيب، وإن كان ولا بد فمما يذكر من المبادرات في مجال معارض المخطوطات على مستوى ولاية الرستاق القيام على معرض للوثائق والمخطوطات بالتعاون مع اللجنة الثقافية بنادي الرستاق الرياضي، التي تعتبر المحرك الثقافي الكبير في الولاية والتي تعج بجهود شبابية فتية، وذلك في 11/‏‏ 2016م بعرض أكثر من 200 وثيقة من الرستاق، وأكثر من 50 مخطوطا.

وأضاف: في مكتبتي الخاصة احتفظ بعدد لا بأس به من المخطوطات والوثائق أغلبها مصورة من الأصل، وباليد منها عدد في مجالات متعددة ففي اللغة العربية هناك: الدرة البهية في علم العربية، للشيخ منصور بن ناصر الفارسي (ت/‏‏1396هـ). و«الآجرومية مع الإعراب مذيلة بقصيدة العلامة الشيخ الشبراوي. وأيضا «شرح أرجوزة في علم النحو نهج ملحة الإعراب»، للشيخ عبدالله بن سالم اللزامي. و«منظومة الفروخي في الكلمات التي تنطق بالظاء والضاد». و«كتاب تحفة الأحباب في إعراب ملحة الإعراب»، و«ملخص في النحو»، للشيخ عبدالله بن أحمد الحسيني (ق 14هـ). و«كتاب التهذيب بالنحو القريب» شرح الأرجوزة التهذيبية بالعوامل العربية، للشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي (ت/‏‏1262هـ). و«كتاب تقريب السالك لمعاني ألفية ابن مالك» للأديب موسى بن عيسى البكري (ت/‏‏ 1423هـ). و«الدرة اليتيمة» نظم الشيخ سعيد ابن سعد بن نبهان الحضرمي. (ت/‏‏1354هـ).  و«ملتقطات نحوية وبلاغية» لـ: سعيد بن عبدالله بن غابش الحبشي النوفلي (ت/‏‏1423هـ). و«القبس في النحو» للشيخ سالم بن حمود السيابي (ت/‏‏1414هـ). و«كتاب أنيس الغريب وجليس الأديب في نظم ما انتشر من سلك مغني اللبيب» للشيخ أطفيش. وكذلك «الرؤفية في الأحرف المفردة وما فيها من المعاني الأسمية والفعلية والحرفية». و«كتاب متن الآجرومية في النحو» من نسخ مسلم بن شطيط بن سالمين العبري الرستاقي. و«منظومة اللامات في اللغة العربية» للشيخ الأديب خنجر بن راشد المعمري السعالي النزوي. (ق11هـ).

وأضاف: إذا أردنا أن نمثل لنوادر المخطوطات في اللغة العربية نأخذ على سبيل المثال منظومة اللامات في اللغة العربية، للشيخ الأديب خنجر بن راشد المعمري السعالي النزوي، من مشايخ القرن الحادي عشر الهجري، وقد وجدتها في آخر مخطوطة كتاب «جمل الإعراب» التي وقعت بين يدي في عام 1997م، جاء في بدايتها باللون الأحمر من قول خنجر بن راشد السعالي النزوي:

ألا فاسمع يا صفوتي ما أصنف

                 سأبدي بلام الجر في النظم أولاً

ويأتيك في الأخبار لامٌ مصرحٌ

                     ولام جــحود ثم لام استقـــامة

وموضع إلا لامــه فهو بيـن

                       ولامٌ لإضمار اليمين لقولهم

 ولامٌ لتأكيد وللمــدح لامــه

       ولام بمعنى عن ولام مثاله

وموضع أنْ اللًام فيه محله

     جواب لولا لامُهُ غير ذاهبٍ

جواب اذا استفهمت لامٌ مصرحٌ

         ولام لاقحام سيأتيك بيَناً

كذلك للتغليظ لام مؤكدٌ

  ....................... لامُـــهُثلاثين لاماً في الفصاحة توصف

   كــذاك لام الأمــر لا يتــــحرف

كـذا لام كي........ ....ويصرف

ولام النــدا يا سيدي متعجــرفٌ

ولام إلى التعجيب إن كنت تعرف

     ولام وعيــد ظـــاهر متــألـــف

وتأتي بلامٍ ظاهر حين تحــلفُ

  عَلَــى وإلَى لامٌ لطيف مخففُ

وموضع فاللام الذي هو يعطفُ

 ولام بـــه فاستفهموا وتلـــقًفُوا

ولام لسنخ ثم لام يـــــعرَف

     ولام عمادٍ لا يزول ويحذف

وللنقل لام ثابت لا يحرفُ

           وقد تمت اللاماتُ والجواب يعرف

وقد أورد من لامات اللغة العربية:

لام الصفة، لام الأمر، لام الخبر، لام « كي»، لام الجحود، لام النداء، لام التعجب، لام في موضع « إلا»، لام القسم، لام الوعيد، لام التأكيد، لام الشرط، لام المدح، لام الذم، لام جواب القسم، لام في موضع «عن»، لام في موضع «عَلَى»، لام في موضع « إلَى»، لام في موضع « أن»، لام في موضع فاء، لام الطرح، لام جواب «لولا»، لام الاستفهام، لام جواب الاستفهام، لام النسخ، لام التعريف، لام الإقحام، لام العماد، لام التغليظ، لام منقولة.

 ومن تلك المخطوطات كذلك: «القبس في النحو» للشيخ سالم بن حمود السيابي

عنوان المخطوطة يشير إلى منحاها التعليمي الذي قصد السيابي من ورائه إرشاد المتعلمين إلى تعلم النحو بغير معلم من خلال شرحه المبسط لمنظومته في علم النحو، وبدا ذلك واضحاً في سهولة اللفظ ودقة العبارة، وإيجاز الشرح، والمتتبع لشرح السيابي يلحظ كذلك سلامة اللغة ورصانة الشاهد، وعرض الآراء والأقوال متبوعة بترجيحات واختيارات في قالب مبسط لا يشت بذهن المتلقي.

وأوضح قائلا: اجتزأ السيابي المنظومة باشتمال الشرح عليها، فهو يعرض الأبيات حسب التقسيم الذي اتبعه، ثم يُعلق عليها بشرح مختصر مفيد، وأمثلة واضحة ميسرة، وهذا الأسلوب أغلب ما اتبعه العمانيون في مؤلفاتهم النحوية، غير أن منظومة السيابي ظهرت بمظهر اختلاف بسيط غير مخل بالعرف وقع في ثنايا التقسيم، فقد بدأ السيابي بـباب الكلام، فباب الاسم، فالفعل، فالحرف، ثم عرج بذكر طائفة من الأبواب الصرفية، كالمنقوص، والمقصور، وجمع التكسير، وبعدها عاد إلى ذكر أبواب نحوية، كالمبتدأ والخبر، والاشتغال، والفاعل، والمفاعيل، ثم أبواب أخرى في الصرف كالتعجب، والتصغير، والنسب، والإدغام، يليها أبواب حول الأدوات، ونواصب الأفعال والجوازم وأنواعها، وختمها بالمبنيات.

أما في مجال الطب والتداوي فيؤكد الذهلي انه لديه: كتاب «شجرة العرش» للشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي. وهو من نسخ الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان الخروصي بتاريخ يوم 13 من جمادى الثاني سنة 1299هـ، من بلدة ستال من وادي بني خروص بولاية العوابي، دون فيه الشيخ أسرار شجرة العرش وبعض الرقى، وكيفية التداوي بها وببعض النباتات. وأيضا «مجموع مصباح الأنوار» للشيخ محمد بن علي الشرياني (ت/‏‏1418هـ). و«حرز الشجرة» للشيخ أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي (ت/‏‏1237هـ). وفي مجال التاريخ: احتفظ بنسخة من «معاهدة ألفة وتجارة» بين بريطانيا العظمى وزنجبار. و«سلك الجمان». أما في مجال الفقه والعبادات والتوحيد: فيوجد لدي الكثير من المخطوطات منها» مؤلف «إيضاح البيان في نكاح الصبيان» للإمام نور الدين السالمي (ت/‏‏ 1332هـ). و«البحر الفائض في علم الفرائض» للشيخ سليمان بن محمد الكندي (1337هـ). وكتاب «التجريد في علم التوحيد» للغزالي. وكتاب «الألفاظ في الوصايا» لليحيائي (ت/‏‏1167هـ). و«باب حريم الأشجار» من نسخ مسلم بن شطيط بن سالمين العبري. وأيضا «كنز العرش العظيم» من نسخ مسلم بن شطيط بن سالمين العبري. وهناك صور مخطوطات متفرقة في الفلك والطب والأسرار، ومجموعة من المصاحف، والكثير من المنظومات والقصائد، كمثل: البلبل الصداح والمنهل الطفاح في مختارات الأشعار الملاح، للشيخ محمد بن راشد الخصيبي، وكتاب النعمة ونور الظلمة من نسخ عبدالله بن مسعود الرمحي. أما في مجال الوثائق: فهي كثيرة ومتنوعة تزيد عن 180 وثيقة، أغلبها بغرض الدراسة والبحث. تنوعت مصادر الحصول على صور المخطوطات التي بحوزتي الشخصية ومنها: ـ وزارة التراث والثقافة. ومكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي. ومكتبات خاصة، الرستاق، نزوى. وأيضا من الباحث: طالب بن محمد الرمحي. ومن قبل الباحث: أحمد الناصري. وأيضا من الباحثة: ليلى اللمكية. وكذلك من خزانة الشيخ سالم بن علي المقبالي. واختتم الذهلي هذا الحوار قائلا: ان ما يقوم به من جهد وما تطرق اليه ما هو إلا تحفيز للهمم للحفاظ على الموروث العماني بشقيه المادي وغير المادي، وضرورة إخراجه بغرض دراسته وتوثيقه.