1354997
1354997
روضة الصائم

عش الضياء: «الحكم» جل جلاله

05 يونيو 2018
05 يونيو 2018

اختيارات: منار العدوية -

ورد مرة واحدة في القرآن، وبصيغة الجمع «5» مرات، قال تعالى: «أفغير الله أبتغي حكما».

المعنى: هو الحاكم والقاضي الذي لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه وهو الذي حكم على القلوب بالرضا وعلى النفوس بالانقياد والطاعة. والفرق بين الحكم والحاكم أن الحكم أبلغ من الحاكم ولا يستحق التسمية بالحكم إلا من يحكم بالحق.

من واقع الحياة

لو أنَّ أبا ارتكب ابنه خطأ ما، فضربه ولم ينطق ببنت شفه، فالضرب لم يُفِدْ.. فمن لوازم إقامة العدل، ومن لوازم التربية الصحيحة، أن يُبيِّن الأب لابنه لماذا ضربه، ماذا فعل، فعل كذا وكذا فاستحقَّ العقاب، فقال: الحكم، هو الذي يبيِّن لكلِّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ أو شر، كيف يبيِّن؟ أحياناً الإنسان يُلقى في روعه، فعندنا وحي للأنبياء، وهناك وحي إلهام.

السيرة النبوية الشريفة

طلب خوارق من رسول الله: قالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا، ولا أقل ماء، ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليُسَيِّر عنا هذه الجبال التي قد ضَيَّقَت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليفجر لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا مَن مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب، فإنه كان شيخ صدق، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل؟، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك، وعرفنا به منزلتك من الله، وأنه بعثك رسول كما تقول.

فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه: (ما بهذا بعثت إليكم من الله، إنما جئتكم من الله بما بعثني به، وقد بلغكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى، حتى يحكم الله بيني وبينكم).

قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا، فخذ لنفسك، سل ربك بأن يبعث معك مَلَكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم».

قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك إلى الله، إن شاء أن يفعله بكم فعل.

قالوا: يا محمد، أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم فيعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا، إذ لم نقبل منك ما جئتنا به! إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له: الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك، أو تهلكنا.

وقال قائل منهم: نحن نعبد الملائكة، وهي بنات الله. وقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا.

غراس الجنة

آيات المحبة: «وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ».

التفسيـر

وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا -أيها المؤمنون- بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكمهما، فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت الإجابة إلى ذلك، فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله، فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالإنصاف، واعدلوا في حكمكم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله، إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط.