روضة الصائم

شعر عماني: محمد رحمة الباري إمام هدى ... نـور الوجـود المـرجـى كاشـف الظلـم

04 يونيو 2018
04 يونيو 2018

ممن كتب القصائد في مقام المديح النبوي من الشعراء المعاصرين، الأديب سليمان بن خلف بن محمد الخروصي، ولد في عام 1351 هـ، وتعلم على يد النحوي حمود بن زاهر الكندي، ثم توجه إلى نزوى، حيث مدرسة الإمام الخليلي لينهل من علوم علمائها، وبعد عودته من هناك جالس سالم بن حمود السيابي ولازمه في حضره وسفره.

وفي سياق التدرج في الأعمال الوظيفية، عمل سليمان بن خلف الخروصي أول الأمر كاتبا بالمحكمة الشرعية بمسقط في حكومة السلطان سعيد بن تيمور، ثم انتقل إلى وزارة المعارف مدرسا للتربية الإسلامية وعلوم العربية في بداية عهد جلالة السلطان قابوس- حفظه الله ورعاه، ثم انتقل إلى العمل بوزارة الإعلام. ثم انتقل إلى وزارة التراث القومي والثقافة، إلى أن عين مستشارًا في مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية.

عرف عنه ولعه بالأدب والشعر وتضلعه في التاريخ والأنساب، فكان شاعرا أديبا مؤرخا نسابة، وترك عدة مؤلفات أهمها كتابه: ملامح من التاريخ العماني، وديوانه الشعري: قلائد الدهر، وغيرها من الآثار. قال عنه صاحب الشقائق إنه: «عشق الأدب مذ شب، وكرع من مناهل فنونه، وتطرح بين شؤونه وشجونه، ولهج بالشعر وأولع به، وقرّضه في موضوعات مختلفة، وجاء فيه بغريبه وعجيبه...»، وقد توفي الأديب المؤرخ سليمان بن خلف الخروصي مطلع هذا العام، في شهر يناير من عام 2018.

ومن آثاره الأدبية هذه القصيدة التي قالها في مدح خير البرية ونبي الرحمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، مستذكرا أحوال الهجرة النبوية، ومتطرقا إلى ذكر صحابته، وفيها يقول:

في موكب الله أزجي جوهر الكلم           نورا يضيء فيجلو داجي الظلم

في موكب الله أزجي اللفظ منتقيا      خير المعاني لخير العرب والعجم

في موكب المصطفى من عام هجرته          أزف مدحا لخير الخلق كلهم

في موكب المصطفى واليمن طالعه           يا خير متسم بالرشد مبتسم

في موكب المصطفى أهدي الثناء على     ذاك الرسول الحبيب الصادق الحكم

في موكب لا يرى من موكب أبدا               كمثله شرفا في المجد والعظم

نهاية الفخر أن أزجي الثناء له                      ولو أجدت بإبداع من الكلم

محمد رحمة الباري إمام هدى            نور الوجود المرجى كاشف الظلم

خير الأنام وفخر العرب قاطبة                  ساد البرية بالأخلاق والشيم

غوث الوجود غياث الخلق أكثرهم     فضلا وأكرم من يمشي على قدم

من مثل أحمد إذ يدعى ليوم هدى     في مجتلى العلم أو في مجتلى الحكم

وإن دعا للوغى أو أي كارثة        آسى جراحات ذاك الكارث العمم

هو الجواد إمام الأسخياء فكم             سخى فأغنى بلا من ولا سأم

الباذخ الحسبين من تقى وعلا            والسامك النسبين المجد والكرم

لاحت فضائله والناس في غمم          من الضلال فجلت كارث الغمم

أعظم به من عظيم سيد بطل          بحر خضم طما بالسيف والقلم

توجه المصطفى من مكة فغدت         تحن وجدا لذاك الطاهر الشيم

حن المقام له شوقا وزمزم فا          لحطيم يبكي بدمع منه منسجم

وفاز ذلكم الصديق مرتبة       بصحبة المصطفى المبعوث للأمم

ليهنك الحظ يا صديق أمته                     فإنك المتقى من سادة بهم

أما إلى غار ثور فالمقام له                سر عظيم  وعين الله لم تنم

واستظهرا من نسيج العنكبوت ومن       عش اليمامة سر الواحد الحكم

أوهى البيوت حصون لا تقاومها       عليا قريش التي أوفت على الحطم

وغادراه بأمن الله في دعة           لطيبة موطن الأمجاد والبهم

أبناء قيلة أقيال عباهلة           شم بهم تصلح الدنيا من الغمم

من سادة الأزد أبطال قساورة    فلا ترى غير عالي القدر محتشم

أنصار أحمد آساد إذا وردوا         موارد الحرب أجواد لدى السلم

 أكرم بهم من كماة قادة نصروا                نبيهم فأبادوا الكفر بالخذم

ولست أنسى قريشا والألى معهم           مهاجرين سموا بالجد والهمم

من كل أصيد في عرنينه شمم          صعب القياد بحبل الله معتصم

مروعون أتى في الذكر وصفهم        مدحا وفخرا ومجدا باذخ العظم

إذا ذكرتهم اهتز من طرب         وذكرهم يبعث الأرواح في الرمم

طابت بهم طيبة أسعد بمقدمهم         والكون من طرب في زي مبتسم

يا طيبة الخير يا سعد السعود أرى               ربوع طيبة في أنس وفي نعم

يا يوم سعد بهم زانت علاوسنا            تحكي بلابلها بالشدو والنغم

يا طيبة الخير قد طاب المقام فذا            كل الجلال وكل المجد والشيم

لله من هجرة في الدين قد رسخت          بها أصول الهدى للواحد الحكم

لقد مضى ألف عام ثم أربعة             من القرون بعفد المجد منتظم

يا عام هجرته عد دائما أبدا            على الخليقة بالخيرات والنعم

فأنت للكون نبراس ونور هدى              يا  طيب مبتدأ منه ومختتم

المصدر: شقائق النعمان على سموط الجمان في ذكر أسماء شعراء عمان، الخصيبي، وزارة التراث والثقافة، 2006.