1354691
1354691
العرب والعالم

خيارات صعبة أمام الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في قمة سنغافورة

02 يونيو 2018
02 يونيو 2018

واشنطن- (أ ف ب)- بعد حملة دبلوماسية شاقة يبدو أن القمة حول السلاح النووي بين دونالد ترامب وكيم جونج اون في طريقها للانعقاد في سنغافورة لكن مدى نجاحها لا يمكن أن يعرف قبل أشهر وحتى سنوات.

وفي أول اختراق محتمل في العملية المشحونة، قد تشهد القمة توقيع اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من شأنه تمهيد الطريق نحو تحسن حذر في العلاقات بينهما.

وسأل ترامب «هل تصدقون بأننا نتحدث عن إنهاء الحرب الكورية» معتدا بجرأته الدبلوماسية.

والدولتان في حالة حرب من الناحية التقنية منذ عقود وإن تم تجميد النزاع بهدنة قبل 65 سنة.

لكن الذي تسعى إليه واشنطن فعلا هو نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية.

غير أن بيونج يانج طالما أصرت على أن تصبح دولة نووية تحظى بالاحترام - وإذا كانت أعلنت تعليق التجارب النووية والصاروخية - فتسليم قنابلها ليس على طاولة البحث.

فكيف يمكن تحقيق ما يبدو مستحيلا؟ كيف يمكن للطرفين التوصل لما تطالب به واشنطن وهو «نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا يمكن الرجوع عنه»؟ لدى الكثيرين شكوك حول ذلك.

يقول المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بوريس توكاس لوكالة فرانس برس بشأن القمة «سنعرف على الفور ما إذا باءت بالفشل».

ويوضح «إذا امتنع كيم مثلا عن تقديم ضمانات خطية بنزع السلاح النووي أو إذا صدر فقط إعلان نوايا دون خارطة طريق».

وستمثل القمة تحديا لمعظم الدبلوماسيين المخضرمين، وقبل عام فقط كان ترامب، الذي دخل للتو عالم السياسة، يهزأ بكيم وينعته «برجل الصواريخ الصغير» فيما كان الزعيم الشاب يسخر منه ويصفه بأنه «مختل عقليا وخرف».

وقد تكون الرهانات على القمة ازدادت أكثر بسبب الإطار الزمني المتسارع.

وقد يكون ترامب أقر بأنه لا يمكن انتظار نتائج كبيرة في الاجتماع الأول، لكنه يريد تسجيل مكسب قبل انتهاء ولايته في 2021.

وسعى الزعماء الكوريون الشماليون لربع قرن لعقد لقاء مباشر مع رئيس أمريكي خلال فترة ولايته، لكن ترامب وافق على لقاء كيم في مارس فقط ويبدو الآن أنه على عجلة لتحقيق ذلك.

والاستعجال كبير الى حد أن كثيرين في واشنطن يخشون أن يبادر ترامب بسذاجة إلى تقديم تنازلات دون الحصول على ضمانات بشأن الترسانة الكورية الشمالية.

لكن المنتقدين مرتاحون لأن ترامب يقول علنا إن الاجتماع قد لا يكون سوى بدء العملية، وبعض المسؤولين السابقين يعتقدون أنه يمكن تحقيق بعض التقدم.

كان السفير جوزيف يون الممثل الأمريكي الخاص لكوريا الشمالية حتى أيام قبل موافقة ترامب على القمة، وهو مخضرم في المحادثات الخلفية.

وقال إنه من أجل اعتبار القمة ناجحة على الطرفين القيام بتنازلات سريعة لبناء الثقة قبل عملية أطول تؤدي بنهاية الأمر الى بدءعملية نزع السلاح النووي والتطبيع.

وقال يون المستشار الحالي في المعهد الأمريكي للسلام «إن المقترح الأساسي الذي تحاول الولايات المتحدة أن تقوله لكوريا الشمالية هو: -أنتم أكثر أمنا بدون الأسلحة النووية منه معها».

وطالما افترض القادة الكوريون الشماليون العكس: مع الأسلحة فقط يمكنهم ضمان استمرار سلالة كيم والبقاء قوة نووية تحظى بالاحترام مثل الهند على المسرح الدبلوماسي.

لكن ربما تقنع ضمانات أمنية محددة كيم باختيار المسار الدبلوماسي بعد القمة.

وقال يون «أولا، اعتقد أن هذه الخطوة بالتحديد تتطلب ما اعتبره -إعلان نهاية للحرب- أي أن تنهي الحرب الكورية التي وضعت أوزارها من الناحية التقنية بهدنة عام 1953».

وأضاف «ويتطلب تحقيق ذلك بالواقع مفاوضات بشأن معاهدة سلام.

وبعد ذلك بالطبع، وبموازاة ذلك تحتاج لتطبيع دبلوماسي. واضح إنها عملية طويلة جدا».

وإذا وافقت الولايات المتحدة على بدء - كما يقترح ترامب على ما يبدو - محادثات سلام لإنهاء الحرب وفتح مكتب ارتباط دبلوماسي في بيونج يانج، فإن كيم ربما يرى المحادثات على أنها مفيدة.

وقال فرانك آوم المستشار الكبير السابق لشؤون كوريا الشمالية لدى وزراء الدفاع الأمريكيين وحاليا الخبير لدى العهد الأمريكي للسلام إن كيم سيحمل مطالب عسكرية.

وبالنسبة لبيونج يانج فإن عبارة «نزع الأسلحة النووية» لا يعني فقط تسليم قنابلها بل حظر الأصول الاستراتيجية الأمريكية مثل مقاتلات الشبح اف-22 وقاذفات بي-وان وتشكيلات مقاتلة من منطقتها.

ولكن ما الذي يتحتم على كيم أن يتخلى عنه بالمقابل؟.

قال يون «قد تكون كوريا الشمالية مستعدة لأن تقول بنهاية الأمر إنها على استعداد لنزع الأسلحة النووية بالكامل، لكن ستوضع تعديلات على النص وصياغة أخيرة».

وعلى ترامب الذي يتباهى بأنه صانع صفقات، أن يتفاوض حول الصياغة الدقيقة كي لا يستطيع كيم إرجاء ذلك إلى ما لا نهاية فيما تبدأ العقوبات الدولية الدبلوماسية والاقتصادية بالتلاشي.

وأضاف يون أن على كيم أن يؤكد فورا خطيا بأنه قد وافق على: وقف تجاربه الاستفزازية للصواريخ البعيدة المدى والقنابل النووية.

وعليه أيضا أن يسمح بإجراء عمليات تفتيش دولية لمواقعه النووية المعلنة مثل يونجبيون- وبشكل حاسم- الكشف عن مواقع سرية أخرى توضح حجم مهمة نزع الأسلحة.

- نزح الأسلحة بنهاية الأمر- فقط عندما يتحقق ذلك يمكن للمفاوضين معرفة ما إذا كان الزعيم الكوري الشمالي جاد بشأن نزع أسلحته بنهاية الأمر- والاستخبارات الأمريكية بحسب تقارير، لا تعتقد أنه لن يكون كذلك أبدا.

بالنسبة ليون، فإن جدية كيم والنجاح النسبي لقمة سنغافورة يمكن التأكد منهما فقط «في حال تقديم تعهدات ملموسة وسريعة، وواضح أن هذا ما سيسعى إليه جانبنا».

ويخشى الخبراء من أن تكون مماطلة كوريا الشمالية بتشجيع من الصين وروسيا اللتين حذرتا من تسريع العملية، لا يمكن لإدارة ترامب التساهل معها.

وقال آوم للصحفيين «واضح بأن كوريا الشمالية تسعى لعملية على مراحل.

والصين وروسيا أيضا موافقتان».

وأضاف «لكن الولايات المتحدة تريد في المقابل، عملية متسارعة تضع العديد من عمليات نزع السلاح النووي في المقدمة ثم تكون كوريا الجنوبية في الوسط».

قال يون وآوم إن التنازلات المرحلية من كلا الجانبين يمكن أن تطلق العملية في غضون سنة، لكنها إذا انهارت، يكون كيم على الأرجح سعيدا بالحد من الخسائر والتمتع بانتصار تقني.

وقال توكاس لوكالة فرانس برس «إن القمة ذاتها هي قبل أي شيء تنازل هائل من ترامب.

إنها تعطي كيم شرعية كبيرة على المستوى الدولي والداخلي حتى إذا فشلت في نهاية الأمر».