1353383
1353383
روضة الصائم

شعر عماني: كل حيٍّ قد احتواه طلوعٌ ... سوف يَعرُوه بعد ذاك الغروبُ

02 يونيو 2018
02 يونيو 2018

يعد الشيخ ماجد بن خميس العبري من أهم الأسماء العلمية المؤثرة في السياق العلمي والاجتماعي في عمان في القرن الثالث الهجري، وأهم مراجع العلم والفتوى آنذاك. ولد في الحمراء عام 1252 هـ، 1836 م، ونشأ في حجر والده، وقد كان يغذيه بحنوه وعطفه عليه، ويربيه تربية المؤدب المهذب، فشب على مهاد البر وحب الخير، والميل إلى معالي الأمور، ولم يصبُ إلى اللهو واللعب من أول زمانه، بل كان يتشبه بأحوال الشيوخ سمتا ووقارا وملبسًا ومأكلا. وقد كان من أصحاب ناصر بن أبي نبهان الخروصي وملازميه في سفره إلى زنجبار. أخذ مبادئ العلم من عند والده، فقد كان والده خميس بن راشد العبري عالما جليلا من علماء عمان، ثم انتقل إلى الرستاق عند السيد قيس بن عزان بن قيس البوسعيدي الذي كان محبا ومقربا للعلماء. ولاه الإمام عزان بن قيس على بهلا، وفي غالب أيام حياته اشتغل بالعلم والعمل درسا وتدريسا، قضاء وفتوى، حتى أصبح فيما بعد من أهم مراجع العلم في عمان في زمانه، ومن أهم تلاميذه الإمام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي. ومن آثاره العلمية أجوبة وردود على مسائل في مجالات شتى، توجد متناثرة في الكتب، ككتاب إرشاد السائل لحمد بن سيف البوسعيدي، وهداية المبصرين في فتاوى المتأخرين لحمد بن عبدالله السليمي، كما أن له منظومات عديدة في المواعظ والحكم والأجوبة الفقهية. ومن هذه المنظومات، القصيدة التي نحن بصدد عرضها اليوم، وهي قصيدة في المواعظ والإنابة والتوبة إلى الله تعالى، وفيها يقول:

هبك يا نفس ما لنا لا نتوب

ذهب العمر والرحيل قريب

كل حي قد احتواه طلوع

سوف يعروه بعد ذاك الغروب

كنت بالأمس أرتجي الشيب واليـ

وم أراه أناخ فيّ المشيب

كلما سرّني الزمان بشيء

ساءني منه بعد ذاك الذهوب

كيف يحلو عيش لنا وهو هذا

دأبه دائما وكيف يطيب

كل يوم للدهر فينا خطوب

تنقص العمر والنفوس تطيب

أين آباؤنا ومن قد صحبنا

أبن أبناؤنا وأين الحبيب

فرّق الدهر شملنا وبنا من

ذلك الفرق حرقة ولهيب

وبهم ما بنا من الحزن والد

مع على الخد قائم وصبيب

فيهم الشيخ واهن الجسم قد سا

ر وفيهم كهل وطفل رطيب

كيف ينجو من المنايا عزيز

أو ذليل أو جاهل أو لبيب

عجبا يعشق الفتى هذه الدار

وإن الفتى بها لغريب

عشقوها وما لهم فارقوها

ضيعوا العمر ثم فات النصيب

ليت شعري ماذا التجاهل والمـ

ر صراح وإنه لعجيب

زودتهم في سيرهم سيئات

موبقات وليس عنه تغيب

فدعيها يا نفس لا تطلبيها

واطلبي غيرها فإني حبيب

وافعلي الخير واتركي كل ذنب

فانقذ العبد مالكي يا مجيب

وقطعت الحياة ظلما لنفسي

فاعف واصفح والطف بنا يا رقيب

أنت ربي إليك وجهت وجهي

أنت حسبي وأنت نعم الحسيب

غافر الذنب قابل التوب كن لي

غافرا تائبا فإني منيب

رب كن لي يوم المعاد رحيما

إن يوم المعاد يوم عصيب

واستر العيب رب إني مقر

أنا عبد تأوي إلي العيوب

واهدني منهجا صراطا سويا

فانصر العبد إنه مغلوب

وأعذني من الخطوب جميعا

يا عياذي متى عرتني الخطوب

رب صل على النبي وأصحا

ب له ما إليك عبد يؤوب

المصدر:

- قلائد الجمان على سموط الجمان في ذكر أسماء شعراء عمان، الخصيبي، وزارة التراث والثقافة، 2006,

-الموسوعة العمانية ج9.