Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :ليست القصة.. امرأة أو طفلا

01 يونيو 2018
01 يونيو 2018

بقلم: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يوميا؛ لا تكاد نشرات الأخبار تخلو من أخبار تتناول جانبا من القضايا المتعلقة بالنساء، أو الأطفال، ويا ليت هذه القضايا تهتم بما يدعو إلى الاهتمام بهاتين الفئتين في المجتمع «الإنساني» وإعلاء قدرهما الاجتماعي، وإنزالهما المنزلة المباركة، وإنما تتناول قضايا اغتصابهما، وقضايا العنف عليهما، وقضايا التنكيل بهما، ومرجع ذلك كله - وهذا ما يؤسف عليه حقا - لأنهما الحلقة الأضعف بين أركان المجتمع الإنساني ككل، ولأنهما المغلوبان على أمرهما ككل، ولأنهما من يمارس عليهما الوَلايات المطلقة ككل، ولأنهما الأول والأخير لضحايا المجتمعات الإنسانية ككل، ولأن الوَلاية عليهما تفويض أممي بلا منازع، وتفويض عقائدي بلا جدال، وتفويض اجتماعي بلا نقاش، وتفويض رجولي بلا حياد.

والنتيجة من كل ذلك أنفس صغيرة تراق دماؤها وتنتهك أعراضها وتداس كرامتها على الأرصفة، وأجسام ضئيلة تظل الأحوج إلى من يسندها، وتظل الأقرب إلى من ينافح عنها هذا التسلط والجبروت الذي يمارسه الأكبر، والأغلب في هذا الأكبر هو الرجل، مع أن الرجل هو المتسبب في وجود هاتين الفئتين في المجتمع «الإنساني» الذي يمارس كامل غواياته الشيطانية عليهما، وهكذا تستمرئ «الإنسانية» ذاتها تأصيل قسوتها، وإكبار أفعالها المشينة على بني جلدتها، فأي «إنسانية» هذه التي يتحدث عنها؟!.

في السنوات الأخيرة، ومع «وهم» التقدم البشري في المجالات الإنسانية، ومع «أكذوبة» الاهتمام بحقوق الإنسان، ومع ميلاد المنظمات الدولية «المسيسة» والمهتمة بهاتين الفئتين على وجه الخصوص «ظاهريا» زادت مآسي هاتين الفئتين إما لضحايا الحروب المستعرة بلا مبرر مقنع، وإما للاتجار بهما لأغراض مختلفة، كالترويج التجاري، وأكبر مناخ تشهده هذه التجارة في ظلم هاتين الفئتين هو مناخ الإباحية، حيث تستغل أنفسهما الرقيقة، وكرامتهما الضعيفة، ومكانتهما الحيوية وسط المجتمع، وهذا التسلط القاسي لكل المعاني التي يمكن أن تقال إكراما في حقهما، وراءه بطل أسطوري، لا يخاف في طاعة شيطانه لومة لائم، إنه الرجل؛ بكل جبروته، وبكل تسلطه، وبكل بجاحته، وبكل سفسطائيته، وبكل ظلمه، وبكل عقده النفسية والاجتماعية، وبكل أوهامه التي يتلبسها مع نفسه ليغرقها في الوهم أكثر وأكثر.

ومن أغرب ما قرأت على موقع إذاعة الـ بي بي سي نتائج تحقيق؛ ضمن سلسلة تقارير؛ قامت بها، حيث اقتطف هذا النص من تقرير موسع يقول: «أشارت دراسة إلى أن الأطباء في أقسام الطوارئ لا يهتمون بشكاوى وأوجاع المرأة قدر اهتمامهم بشكاوى الرجال. وخلصت دراسة أخرى أجريت في السويد في عام 2014، إلى أن المريضات في قسم الطوارئ والحوادث ينتظرن لفترات أطول، ونادرا ما تصنف حالاتهن في قسم الطوارئ كحالات حرجة» انتهى النص.

وهذا الحال في كل المجتمعات التي تنادي بحقوق المرأة، فما بال الحال في الدول التي لا تقيم أصلا؛ وزنا لمخلوق بشري اسمه «امرأة» إلا بقدر اللحظات التي تمتص منها الـ«متعة» وحال الطفل عن ذلك ليس ببعيد.

فكم نسمع اليوم ونقرأ عبر وسائل الإعلام المختلفة، عن مآسي اغتصاب الأطفال وهتك أعراضهم وبما فيهم النساء، وقبل فترة قصيرة كنت أستمع الى تقرير تطرق الى حالات التحرش وهتك الأعراض من قبل من يقومون بتقديم خدمات الإغاثة الدولية في مناطق الحروب واللاجئين، فهل هناك أكبر قسوة وتسلطا وهمجية من هذه المواقف؟!

ومن المضحك المبكي أن اليوم تتشكل هيئات ومنظمات دولية ظاهرها تنتصر لقضايا هاتين الفئتين، حفاظا على أعراضهما، وفي ذات الوقت تأتي الشكاوى بالقيام بذات الممارسات، مسألة أقل أن توصف بالـ«جنون» الوضيع.